مهما كتب المرء عن الثورة الشعبية لن يستطيع أحد إيفائها حقها, فأقل ما يمكن أن يقال فيها أنها حدث سيظل تداعياتها لقرن كامل, لأنها حملت في طياتها الكثير من الحقائق والمفاجآت والخير سواء للتنظيمات السياسية أو منظمات المجتمع أو الأفراد ويكفي أعزائي القراء من ثورتنا المباركة أنها ومن خلالها صقلت وأنتجت أو قل أبرزت الآلاف من المواهب في شتى محافظات الجمهورية بمختلف المجالات الفنية والأدبية والمسرح والرسم والصحافة والشعر والتصوير والتحليل السياسي والعمل الإداري والخطابة...الخ..
ولولا الثورة المباركة بعد الله ما كان لهذه الأعداد وبهذا الكم وبتنوع المجالات وفي هذه الفترة حتى لو أنفقت الأموال الطائلة بمئات الدورات والبرامج والمشاريع ما استطاعت أن تصقلها أو تخرجها لحيز الوجود ولم يقتصر خير الثورة على الأفراد فقط, بل تعدتها للتنظيمات السياسية, فقد أوجدت أرضية خصبة لرفدها بكوادر ودماء جديدة من خلال الاستقطاب الثوري وليس هذا فحسب, بل استعادت الكثير من قياداتها المعطلة والتي كانت خارج الفاعلية التنظيمية لسنوات..
كما أن الثورة ومن خلال الحشود الجماهيرية أعطت الوزن الحقيقي لكل تنظيم وأكدت أن الجميع عنده قصور في الاستيعاب الجماهيري مقارنة بحجم السكان والواقع وهو ما جعل الجميع يسارع لتنفيذ حملات التنسيب أيام الثورة وبعده, كما أن الثورة أكدت أن الاستفزازات والتحديات كانت عاملاً من عوامل الحشد الجماهيري أكثر من التوجهات السياسية..
كما أن الثورة عملتنا فن إدارة الأزمات والتحكم بردود الأفعال والتعامل مع المواقف الحرجة بحنكة ويعود الفضل في هذا لسياسة صالح بمحاولاته فرض العقاب الجماعي واستخدام العنف والقمع ضد المتظاهرين السلميين, بل على العكس من ما كان يخطط له من كسر شوكة الثورة, فقد شفعت تلك الحقبة القاسية لحكومات مابعد صالح من أي تقصير, لأن المواطن يعمل مقارنة تلقائية بينها وبين الواقع فيقول اليوم ارحم.
فؤاد الفقيه
صدى اليوم من وحي الثورة2 1598