أولاً: تؤكد تجارب التحول الديمقراطي أن ما من مجتمع يريد بناء دولة مؤسسات حديثة دولة المواطنة المتساوية الاوتنبرى قوى التخلف التي كانت مستفيدة من الفوضى, وتحاول عرقلة التحول والعمل علي هدم الدولة من أساسها, وهذه القوى تحمل أجندات مناقضة تماما لغالبية قوى التغير الأخرى, وتعمل علي عرقلة مسار بناء الدولة الوطنية الحديثة, واستنزاف القدرات الأمنية والعسكرية كما هو حاصل عندنا في اليمن.
ثانياً: هناك مجموعات شبابية ثورية من أبنائنا متمردة على أشياء كثيرة، وغير واثقة من قدرة النخب التقليدية والحزبية على إنتاج رؤى وسياسات جديدة، وهؤلاء الشباب يفكرون بطرق مختلفة تماما عن طرق تفكير النخب التقليدية، هؤلاء الشباب استقوا آراءهم من وسائط إعلامية، ومعلوماتية، وفضائية حديثة, وليست لديهم ثقة كبيرة من الأطر القديمة بما في ذلك الهويات الوطنية, وهم يجدون ذواتهم في تحدي كل ما هو قائم، وقد ساعدهم في هذا سقوط هيبة الدولة، وعدم وجود أي برامج حقيقية لإعادة هيكلة أجهزة الأمن من جهة، وحالة الاستقطاب القائمة بين التيارات السياسية وخاصة المختلفة ، وهؤلاء يرون أنهم نجحوا فيما فشلت فيه النخب التقليدية, وإذا لم ير الشباب تغييراً حقيقياً في بينة السلطة السياسية وهياكلها المختلفة، فستوظفهم قوى النظام السابق وقوى التخلف، ولهذا لا بد من إيجاد آليات للاستماع بجدية وعمق إلى هؤلاء الشباب والتعرف على رؤاهم ومواقفهم, ولا بد من إيجاد آلية للحوار مع هؤلاء الشباب وفيما بينهم, فالساحة شديدة التنوع فهناك من يرى أن المشكلة في بنية السلطة المعاصرة ذاتها ويريد هدم الدولة من أساسها بشكل كلي, وهناك على الطرف الآخر من تسيطر عليه أفكار مثالية ويرى أن المشكلة في السياسيين.. إن فهم هؤلاء والاستماع إليهم وأخذ مطالبهم في الحسبان من الأمور الجوهرية في عمليات البناء المنشودة, وإلى جانب العمل على دمج هؤلاء الشباب في الحياة العامة, وإيجاد قنوات جديدة للمشاركة على كافة المستويات كما يجب العمل على خلق هوية وطنية جامعة وخلق وعي وطني جديد.
ثالثاً: التعامل مع شركاء الوطن بجد بروح التوافق بغض النظر عن الإحجام وعلى اختلاف انتماءاتها اليسارية والقومية والليبرالية والقبلية وغيرها, وهنا لا بد أن نلغي من أذهاننا أن هناك قوة وحيدة قادرة على الحكم منفردة، وهذا يتطلب إقامة جبهات وطنية تضم كافة المخلصين من كافة التيارات, تتولى مسؤولية الحكم, وتوزع عبء المشاركة والبناء على الجميع, ومن السنن الكونية أن المراحل التاريخية للبناء والنهوض لابد أن يتحمل عبئها الجميع, ويجب ألا يستعبد أحد مادام الهدف مشتركاً.. إن تهميش شركاء الوطن, والنظر لبعضهم على أنهم إما عملاء للخارج أو غير جديرين بالثقة والمساهمة في تحمل العبء سيقوي الفريق الذي يحاول إفشال التغيير.
رابعاً: الثورة قامت على النظام السابق, لأنه سيطر على المؤسسات الأمنية والعسكرية والقضائية والإدارية وهي مؤسسات دولة لا تخضع لسيطرة حزب أو تيار بعينة, وهنا لابد من حياد هذه المؤسسات ومهنيتها واستقلالها وقوتها تمثل جميعها الضمان الأساسي لمستقبل الدولة ولحريات أفرادها وهذا يتطلب تشكيل فرق عمل متخصصة لمعالجة كل قطاع على أسس وطنية ومهنية صرفا, وفك عرى الاستبداد داخلها ووضع الضمانات اللازمة لعدم سيطرة فصيل واحد عليها.
خامساً: المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة التي تهدد بتحريك فئات جديدة ضد الأوضاع القائمة, وتصاعد الغضب الشعبي, مما يهدد بموجات جديدة من الثورة.. مطلوب التعامل بحكمة مع التحديات السابقة ولنا في مصر عبرة.
محمد سيف عبدالله العدينى
تحديات أما م بناء الدولة المدنية 1617