في الدول الصناعية عادة ما يعاد تدوير بعض المواد الصناعية المستهلكة, كالورق والبلاستيك والنايلون حتى يتم التقليل من تأثيرها على البيئة, وبنفس الوقت يتم الاستفادة منها مرة أخرى في صناعة أخرى، فتظل المادة يعاد تدويرها المرة تلو الأخرى حتى تستنفذ للآخر، فكلما شارفت هذه المادة على الانتهاء أو الانقراض يعاد تدويرها مرة أخرى فتعيش زمناً طويلاً. .
نحن أيضا نهتم بالتدوير، لكن اهتمامنا ليس بالتدوير الصناعي بل بالتدوير السياسي؛ مثلاً ، يمكن الاستفادة من أمين عام سابق وتدويره ليصبح وزيراً ، أو إعادة تدوير وزير سابق ليصبح رئيساً للوزراء، يمكن أيضاً أن نعيد تدوير نائب ليصبح نائباً مرة أخرى وهكذا..
الشيء المميز بالنسبة لنا أن المسؤول الحكومي يمكن تدويره لأكثر من مرة أيضاً، مثلاً، بعد أن ينهي الوزير مهامه الوزارية يمكن أن يعاد تدويره في الوزارة القادمة ليصبح وزيراً مرة أخرى، ثم يعاد تدويره بأن يصبح عضواً بمجلس النواب أو عضواً بمجلس الشورى ، ثم يمكن إعادة تدويره ليعود إلى الوزارة وزيراً من جديد وهكذا.
بفعل إعادة التدوير المتكررة قد تكون النتيجة أن يصبح المسؤول مكرراً, فيتم تدويره إلى أصله الأول ويعود مواطناً عادياً، ولكونه اعتاد على التدوير، فلا يمنع أن يقوم بترشيح نفسه لمجلس النواب ويفوز ويعاد تدويره بهذه الحالة لنائب..
فهنا يعاد تدوير الأشخاص بدل المواد، فنفس أصحاب الوجوه الكالحة الذين تعود الشعب اليمني على رؤيتهم في كل مرة، يعاد تدويرهم في كل مرة بمنصب مختلف، فكلما اعتقدنا أن احد هذه الوجوه انتهت أو انحرفت ورقته، فانه يعاد تدويره مرة أخرى بمسمى أو منصب آخر, فيظل في حياتنا ما دام حياً وينغص علينا حتى يموت أو نموت نحن من القهر.. فتجد أن احد هذه الوجوه الذين انحرفت ورقتهم عدة مرات، يتم في كل مرة إعادة تدويره في مكان مختلف عن المكان الذي أقيل منه أول مرة، وهكذا يتم التدوير لديهم.. كلما أرى نفس الوجوه تتكرر وتتنقل من مكان لآخر أجزم بأن عجلة الفساد ما زلات تدور في هذا الوطن.
رائد محمد سيف
التدوير السياسي 1609