التهديد بانسحاب المؤتمر من الحكومة الذي صدر أمس من فريق صالح المسيطر على هذا الحزب يفسر من زاوية نقطتين أساسيتين كانتا موضع بحث اجتماع مجلس الأمن في اليمن، أولها القرارات المرتقبة لتعيين قادة المناطق العسكرية وبقية المواقع في الهيكل الجديد، والثانية تتعلق بالضغوط المتعددة على صالح لتسليم رئاسة المؤتمر للرئيس الجديد والتنحي جانباً من ممارسة العمل السياسي طالما وقد منح الحصانة.
يلتزم صالح وابنه أحمد الحذر من المواجهة المباشرة مع المجتمع الدولي ممثلاً بمجلس الأمن، ولهذا دفعا بعنوان المؤتمر لاستباق المواجهة المرتقبة بالتلويح بالانسحاب من التسوية السياسية، المعنى المطابق للانسحاب من الحكومة.
عشية صدور القرارات المرتقبة في الجيش يتم التلويح بالانسحاب، وتالياً يتوهم اللوبي المسيطر على المؤتمر أنه سيحمي الابن ويوفر له التغطية على رفض قرار استبعاده من التعيينات الجديدة، وهو احتمال شبه مؤكد أن لا يكون ضمن القيادة الجديدة للجيش، وهذه الخطوة الاستباقية لا تضمن للمعني التغطية على رفض القرارات السيادية والنجاة من مواجهة السلطة الشرعية والموقف الدولي باعتباره معرقلاً لاتفاقية نقل السلطة، وما ستعمله هذه الخطوة التصعيدية المتشنجة أنها ستضيف " مؤتمرها ذات نفسه " إلى جانب المعرقل المحتمل للتغيير في الجيش، أو المعرقل اللاحق لإجماع الموقفين المحلي والدولي على ضرورة تنفيذ صالح للاستحقاقات المتعلقة بخروجه من المؤتمر والممارسة السياسية.
إلى ذلك سيضع فريق صالح - المهيمن على المؤتمر نفسه - في وضع حرج إذا أعلن الانسحاب، وتفاجأ برفض الوزراء المؤتمريين للانسحاب وقرروا استمرار اصطفافهم مع رئيس الجمهورية وقيادة المؤتمر التي يمثلها الرئيس/ عبد ربه منصور هادي والدكتور/ عبد الكريم الأرياني وصف واسع من القيادات العليا والوسطى إضافة إلى الوزراء أنفسهم الذين اختارهم الرئيس وأثبتت مواقفهم اللاحقة رفضهم العمل ضمن نسق فريق العرقلة باستثناءات قليلة لا تتعدى الواحد أو الاثنين على الأكثر.
ويعزز خطر التلويح بالانسحاب أن نصوص المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة تتحدث عن مرحلتين، تنتهي الأولى بانتخاب الرئيس الجديد، وبانتخابه يصبح رئيساً شرعياً يمارس سلطاته بشكل اعتيادي، حيث يقول النص : " 21- بعد الانتخابات الرئاسية المبكرة، يقوم الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني بممارسة جميع المهام الاعتيادية المنوطة بهما على النحو المنصوص عليه في الدستور " مما يعني أن مسؤولية الرئيس تشكيل حكومة جديدة في حال انسحب بعض أعضائها أو استقالوا، ويعزز موقفه هنا أن المؤتمر كطرف في العملية السياسية منقسم بين الرئيس السابق وأجندته، والمرحلة الانتقالية واستحقاقات التسوية السياسية في الطرف الآخر وعلى رأس هذا الفريق الثاني الرئيس عبد ربه منصور هادي، كما أن مضمون هذا الانقسام في المؤتمر قد تأسس على محور من مع العمل لإنجاح اتفاق نقل السلطة ، ومن مع عرقلته ووضع العصي في دواليبه.
حان وقت الخطوات الحاسمة وتسمية الأشياء بمسمياتها ووضع حد لحالة الارتباك والغموض والتردد ، فالزمن يمضي ولم يتبق من الوقت الكثير، وإذا لم تمض مسارات التغيير في الجيش والأمن والإعلان عن بدء مؤتمر الحوار الوطني خلال الأيام القليلة القادمة، فلن يكون بالإمكان المضي فيها لاحقاً في ظل صعوبات أكثر ووقت أضيق ...
جاء مجلس الأمن بكله إلى اليمن ، والشعب ينتظر القرارات والخطوات الحاسمة من القيادة السياسية العليا لليمن وفي مقدمتها الرئيس/ عبد ربه منصور هادي ..
مصطفى راجح
دلالة تلويح فريق صالح بالانسحاب من التسوية !! 1830