اصطدمت سيارتان، فاجتمع الناس من كل حدب وصوب، وتوقفت السيارات، وازدحم المكان, فانقسم الناس عشوائياً إلى ثلاث مجموعات: الأغلبية صامتة دفعها الفضول لتتفرج، وربما أيضاً فضل الوقت الذي لا تعرف كيف تستفيد منه.. والفريق الثاني فريق التنظير، الذين بدأوا بسب السائقَين على تهورهما وعدم التزامهما بقواعد المرور، وراح بعضهم يشتم إدارة المرور لعدم وضعها الإشارات الضوئية ليعرف كل سائق حقه، وأخذ بعضهم يقرر الحق مع مَن وعلى مَن، واختلفوا وارتفعت أصواتهم..
أما الفريق الثالث فراح يعمل في صمت. اتصل بعضهم ليخبر شرطة المرور، وبعضهم استدعى الإسعاف، وآخرون راحوا يحاولون فتح وكسر أبواب السيارتين لإخراج الركاب من تحت الإنقاذ، وسخّر بعضهم سيارته لنقل بعض المصابين إلى أقرب مستوصف من الحادث ..
وعندما وصلت شرطة المرور، أخذ فريق المنظّرين يفتي بغير علم، ويحاول كل فرد أن يصل إلى ضابط الشرطة ليخبره برأيه في الحادث. وجاءت سيارة الإسعاف فلم تستطع الوصول إلى السيارتين إلا بشق الأنفس..
لقد كان بعض الناس جزءاً من المشكلة في حين كان آخرون جزءاً من الحل.. وهكذا تجري الأمور في كل أرجاء الوطن, تقع في مصيبة فيأتيك المتفلسفون ليس لهم همّ إلا أن يفرغوا ما عندهم من كلمات التقريع في أذنك، إضافة إلى قائمة طويلة من النصائح التي ربما تعرفها قبل أن يولدوا هؤلاء المزمرون, وفي المقابل يأتيك من يضع نفسه تحت تصرفك، طالباً منك أن تأمره لينفذ لك ما تريد، وبعضهم يقوم بعمل ما يراه مناسباً حتى قبل أن تطلب منه شيئاً ..
لماذا لم نكن سبباً في الحل للوطن بدلاً أن نجلب المشاكل على كاهله الذي لا يحتمل المصائب والفتن هذه الأيام؟.. أكثرنا لا يجيد سوى ثقافة الجهل والإحباط بالآخرين والكراهية لغيره وما أكثر المرجفون في المدينة في زماننا هذا ..ناهيك عن تلك الصراعات الحزبية والقبلية وحراك الجنوب وتمرد الحوثي الذي جعل أرضنا السعيدة تصرخ بالنواح من تلك التصرفات التي لا تليق بشعب الإيمان والخير والحكمة ..
أخبرهـم يا وطن بأن الوحدة لا تموت وأن مع العسر يسرا والدهر يومان يوم ٌ لك ويومٌ عليك وأن الليل مهما كحّله السواد واختلط بالرياح والعواصف والأصوات المرعبة فهناك صباح قادم يشرق بالضياء والنور والبهجة والسرور حينها يبقى الحوار الوطني هو هذا الصباح الجميل الذي سيشرق بنسماته وإطلالته ليبقى الوطن للجميع نستنشق منه الأمل القادم لبناء اليمن الجديد ونقوم ببناء ما قمنا بهـدمه رغم كل التحديات الذي يواجهها الوطن، ولقد دقت ساعة العمل لبناء يمن جديد يخلو من جميع الشوائب.
k99199k@hotmail.com
خليف بجاش الخليدي
دقت ساعة العمل 1687