الاحتفاء بمولد معلم الإنسانية محمد صلى وسلم لاشك أنه أمر طيب , لكنه ليس بضروري أن يكون بحشد الحشود واستعراض القوى وإلقاء الكلمات المنمقة وإقامة الموالد , إنما يكون بإتباع سنته والعمل بتعاليمه وإحياء القيم النبيلة والسامية التي جاء بها عليه الصلاة وسلم والتي منها العدل والمساواة والحرية و التسامح والتعايش..
. ما قيمة إقامة الاحتفالات والهتافات وترديد الشعارات في الوقت الذي نحن بعيدون كل البعد عن جوهر الرسالة التي جاء به محمد صلى عليه وسلم وما قيمت الاحتفال بمولده عليه الصلاة وسلم ممن يتمرس بالسلاح ويصر على إقصاء الآخرين وادعاء الحق الإلهي وعدم الإذعان لسلطان الدولة وسيادة النظام والقانون تحت مبررات وحجج واهية لا تستند إلى أي دليل..
إن محمد صلى عليه وسلم جاء رحمة للعالمين، لم يأت من أجل سيادة أسرة وتمكينها بحيث يكونون هم السادة ومن سواهم عبيداً , لا يكمن بتاتاً ادعاء حب الرسول عليه الصلاة والسلام والانتساب إليه والإصرار على معتقدات وأعمال تتناقض تناقضاً كبيراً مع جوهر الدين جاء به..
اعتقد أن أعظم شيء يمكن تقديمه لإثبات حبنا لرسول صلى عليه وسلم هو العمل الجاد والمخلص من أجل إنقاذ وطننا والسير به نحو بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدل والمساواة والتعايش والقبول بالآخر، يسود فيها الأمن الاستقرار والنظام والقانون، ليس فيها سادة وعبيداً ولا مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية، مبادئها الكفاءة النزاهة والرجل المناسب في المكان المناسب بغض النظر عن أي عرق أو قبيلة أو منطقة، يكون شعارها قال الله تعالى وقوله صلى عليه "اسمعوا وأطيعوا وإن أستعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله"..
التصالح والتسامح
التصالح والتسامح خلق سامِ لا يتحلى به إلا العظماء من الرجال وأمة ترفع شعار التصالح والتسامح لاشك أنها أمة عظيمة...
أبناء المحافظات الجنوبية رسموا لوحة رائعة في يوم 13 من يناير عندما احتشدوا إلى ساحة العروض في مدنية عدن لإعلان التصالح والتسامح... لكن هذه اللوحة كانت سوف تكون أجمل وأروع لو كانت بين كل أبناء اليمن من المهرة إلى صعدة، أما يكون بين مناطق ضد مناطق فهذا ليس تصالحاً ولا تسامحاً وإن كان تصالحاً وتسامحاً فعلاً فهو منقوص..
لو أن من دعوا وأعدوا ومونوا هذا الاحتشاد قد عزموا فعلاً على التصالح والتسامح وفتح صفحة جديدة وأغلقوا ملف الماضي، فلماذا لا يطوى الماضي بكله سواء ما حدث قبل الوحدة وما حدث بعدها لاسيما واليمن بشماله وجنوبه يعيش مرحلة جديدة جاءت بعد ثورة شعبية ثار فيها الشعب بكل فئاته وقدم التضحيات وكان من أهم أسباب هذا الثورة الظلم والإقصاء والتهميش الذي تعرض له أبناء المحافظات الجنوبية والحمد الله بعد التغيير الذي حدث بفعل هذه الثورة صار هناك اعتراف واستعداد من قبل القيادة السياسية الجديدة والحكومة وكل الأحزاب والقوى السياسية بالظلم والعمل على إعادة الحقوق وحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً يرضي كل الأطراف.. وأعتقد أن التسامح الحقيقي يتجلى هنا.
تيسير السامعى
كيف نثبت حبنا لرسول؟ 1629