منذ جئت للمرة الأولى في هذه الحياة كان لي حلم ،وحلمي كان أن يكون لي وطن ،كانت أمي الوطن ،كان أبي الوطن ،كان داري الوطن.. كبُرت ومعي كبُر حلم الوطن ،فبدأت تنقشع عن رؤيتي غيوم الوطن المنزلي ورحت أحلم كأحلام الصغار بوطنٍ كبير "وطني أنا".. حلمي وطن...دولة...نظام،حلمٌ مشروعُ كحلم حقي في الحياة .. حلمت ومعي حلم الكثير، حلم الصغير والكبير ومازال الحلم جارٍ....
عشنا الحياة لنعيش الحلم،فكان الحلم الذي لم يتحقق والحياة التي لم تأتي بعد.
في بلدنا نعيش لا نحيى ولأننا نعيش فقط تبقى الأحلام ميتة التحقق ،عديمة الوجود ،منتهية الصلاحية ،إلى حين تنبعث الحياة لنحيا معاً .
تصادمت أحلامنا بواقعنا منذ أن جئنا ومن سوء الطالع أني جئت مع وجود اسمٍ واحد يتردد على كل المسامع ..تتناوله كل الألسنة ..تحكي عنه كل الأقاويل ،إنه الحاكم الوحيد الذي لم آتي للحياة إلا وقد جاء للحكم.
تلاشت كل الأحلام في عهده ،وبقي حلمي في مخبئه نائماً يرقب ساعة يقظة شعب ليصحو من جديد.
بالنسبة لي أجلت أحلامي منتظراً ساعة الصفر سبتمبر 2013م, إنه موعد انتخابات رئاسية تقضي بعدم ترشح "قاتل أحلامي" لولايةٍ رئاسيةٍ جديدة بحسب الدستور مايعني ذلك أنه بإمكاني أن أعاود عادتي في الحلم بعد هذا الوقت.
لم تأتي ساعة الصفر بل جاءت ساعة التصفير, فكان لا بد على الشعب أن يستيقظ ،استيقظ الشعب ليلة الحادي عشر من فبراير 2011م وقتها صحا حلمي من جديد ومع كل يومٍ ينقضي يكبر حلمي ومع قطرات الدم النازفة من جرحى وشهداء الثورة يزاد حلمي وينمو أكثر فأكثر.
في الـ 23 من نوفمبر2011م فاق حلمي من سباته وبدأت أحيا من جديد، ذهب كابوس الحياة.. وبات بمقدوري أن أحلم إنه يوم الرحيل.
كان بإمكاني أن أحلم بعد هذا التأريخ, فحلمت ولكن أحلامي مازالت تصطدم بالواقع ،فالوطن ليس ذاك الذي حلمت به ،والدولة ليست تلك المرادة، والنظام الذي أنشده لم يأتي بعد.. الآن حُق لي أن أحلم ولكن قد يتأجل الحلم إلى شتاء 2014م وإن لم يأتي ذاك الحلم سأرحل.
محمد محروس
حلمٌ مؤجل... 1726