بعد فشل محادثات جنيف بين موسكو وواشنطن يوم الجمعة الموافق 11/1/2013م في التوصل إلى حل سياسي للأزمة في سوريا وكما يتضح للمتابع أنه كان بداية الإخفاق لكل المراهنين على فشل الثورة وهزيمة الثوار , ولكنَّ أبجديات الواقع تؤكد على أنه - أي فشل مؤتمر جنيف - مثَّل بداية الانتصار الحقيقي للثورة السورية وأن النظام قد خارت قواه - كل قواه - وبدأ يجر أذيال الهزيمة, وأن اللمسات الأخيرة للنصر بدأت تتشكل على كل شبرٍ من الأرض السورية التي ظلت ولأكثر من عام ملعباً عالمياً لصراع قوىً إقليمية وعالمية بل ومسرح يمارسون فيه نزواتهم السياسية وطموحاتهم للسيطرة واستمرارية بسط نفوذهم , وذلك ما أكده تخبط النظام وتقهقر حلفائه , وفعلاً رأينا بوادر لهذا النصر القريب والتي ستكون بمثابة البداية للخلاص من كل المطامع الخارجية, بل وستجعل من سوريا أحد أكبر الأطراف الأكثر فاعلية على مستوى الإقليم والتي لها ثقلها ونفوذها فضلاً عن سيادتها المستقلة المتحررة من التبعية, بل وأراهن على أنها ستكون في القريب العاجل - إن شاء الله - لاعباً أساسياً في الإقليم .
بعد كل ممارسات الأسد ونظامه من جرم وطغيان لا إنساني في حق الأرض والإنسان وبمساندة ودعم من قوى خارجية جاعلةً من سوريا مرتعاً لبسط سيطرتها وسيادتها وجل همها هو بقاء نفوذها وهيمنتها على سوريا وذلك مكفول ببقاء بشار ونظامه على سدة الحكم غير مكترثة - الأطراف الخارجية - لدمار سوريا أو قتل أبنائها بقدر ما يهمها مصلحتها؛ كل تلك الأفعال الشنيعة التي مارسوها منذ بداية الثورة وبنفس ( الرتم ) مصحوبة بخطابات دموية نارية , تغيرت بالرغم من استمرار آلية القتل ( الإيرانْأَسَدِيَّة ) وبالتحديد بعد أن غيرت كل الأطراف الداعمة للنظام السوري خطابها السياسي, بل وبدأت بدس رأسها في التراب والتراجع والتلكؤ وانخفاض سقف المطالب , وهذا بدأ يظهر بعد يوم 11/يناير.
من خلال تلك المعطيات تجلى لنا بعدٌ عميق جداً ومفهومٌ جديدٌ لما يجري على أرض الواقع غير الذي تناولته وسائل الإعلام والذي تحدثت عنه بعد فشل اجتماع جنيف وهو استمرار تأزم الوضع السوري والذي بدوره يؤدي إلى استنزاف الثورة السورية وتزايد شلالات الدم وفوق ذلك رهان وسائل الإعلام والنظام السوري وداعميه على تلاشي واضمحلال الروح الثورية والهمة والطموح لدى الثوار والمواطنين , والذي وكما اتضح للأكثرية أن الوضع يتجه إلى حد ما لصالح نظام الأسد وهذا الذي راهنوا عليه,ولكن تراءى للعيان وشوهد في الواقع ذلك البعد الجديد المنافي لما كان بالأمس ؛ إذ أفلت شمس النظام وبدأت منظومته بالتساقط والانهيار وأدلُ على ذلك تقزم أسلوب الخطاب الإيراني الروسي وتلاشي صرامتهم تجاه الوضع, بل وأجزم أن أبصارهم عادت إليهم خاسئة وهم يتجرعون مرارة حسرتهم , لتبزغ شمس صبحٍ جديد تبدَّى نورُه على أرض الأحرار - سوريا - حاملاً بشارةَ طلائع النصر المحتوم للأرض والإنسان, مؤيداً بإرادة إلهية , وكأني بالبيت الشعري التالي ما قيل إلا لهذه المناسبة :
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج .
مهام جسام ستقع على عاتق المجلس الانتقالي حال التتويج بالانتصار, والمطلوب منه التركيز وبحزم وخطى مدروسة على القادم والعمل على قدم وساق, استعداداً للبدء الفوري في إنقاذ الإنسان السوري من المأساة والكوارث المعيشية والإنسانية التي ألمت به . أخيراً وحتى يتحقق النصر إن شاء الله وعما قريب, أطرح بين أيديكم استنتاجاً منطقياً للواقع في سوريا ؛ وهذا الاستنتاج بدوره سيوصلنا لمعرفة أي الرهانين سيتحقق ؟ هل رهان الأسد ونظامه "الصفيوني" المعول على استمرار حلكة الظلام وأمله المتمثل في تراجع الليل عكسياً للوراء حتى ولو يعود إلى فترة الغروب أو ما قبله بقليل ؟ وذلك لن يكون حتى يلج الجمل في سَّم الخياط !! أم رهان الجيش الحر وكل أبناء سوريا بل والعالم أجمع على أنه بعد اشتداد ظلمة الليل لابد من بزوغ الفجر وشروق شمسه من جديد ؟ وذلك بديهياً هو سنة الحياة والمألوف!!.
صالح الحكمي
سوريا والنصر القادم 1558