عندما يصبح الموت سلعه يتداولها الجاثمون على وجه البلد وتتحول رفات الموتى إلى قصاصات متداولة كل صباح ومساء مع فناجين القهوة وأحباب الكعك-أو الخمير.. تتغير أشكال الخبر وطريقة سماعه،لكن يظل المضمون إذا لم يكن الفاعل هو نفس الفاعل ولكن بأداة جريمة مختلفة كل مرة. في الغرب يسمونها جرائم قتل متسلسلة نظراً لتشابه النمط لكن في بلادنا تحمل تسميات كثيرة اغتيال سياسي، موتور قاتل, عبوات ناسفه, إرهابي أو تمرد مسلح وأخيراً ألغام في حياة الناس.
في اليمن أصبح القتل خبراً لابد أن يتصدر الصحف كل يوم فهو اللاعب الأبرز في كل العمليات والتنقلات والمماحكات السياسية.. في ترويسة الصحفية تقرأ نفس المانشيت كل يوم لكن بصيغ مختلفة .فقبل عام قتلى"شهداء" سقطوا في اشتباكات بين شباب سلميين"عزل" وجنود أو بلاطجة تابعيين للنظام-أو كما يقال الدولة- وعلى غلاف صحيفة أخرى تجد التبرير, أو قد تقرأه عملية تفجير إرهابية بحزام ناسف تؤدي بحياة 80 ونيف من جنود قوات الأمن المركزي خلال بروفات استعراضية لعيد وطني, أو تراه خبراً مضرجاً بصورة عقيد أو عميد مفقوء رأسه في عملية اغتيال من قبل مجهولين على متن دراجة نارية غير مرقمة.
واليوم بالعريض مانشيت عن قتلى يتجاوزون الـ 50 في عددهم جراء ألغام أرضية زرعت في أراضيهم لتفترسهم أو تنهش أجزاء من أجسادهم أن كانوا تعساء بما يكفي... كل السابقين من الضحايا يجتمعون في كونهم أبرياء على عدة توجهات وجباه ولكن المجرم والجاني والمخطط والمدبر يحمل عدة أسماء ولكن هويته واحد اسمها القتل لأغراض في أنفسهم لتغطية أو إبقاء ثكناتهم.
يقال في القانون إذا أردت أن تجد الجاني فابحث عن أكثر شخص أو جهة ستستفيد من تلك الحادثة، ولكننا كل شخص عندما يبدأ في التفنيد والتحليل والتحقيق ليشير بإصبعه إلى المتهم أو الجاني تجده ما يلبث أن يجد أصابع العشر تبدأ في التوجه إلى عدة اتجاهات كل على حده من تلقاء أنفسهن لتنسى الضحية ويبدأ في لم شتات نفسه المفقودة في بحثه عن الآخرين فيسابقه خبر آخر بمانشيت جديد ليغرق فيه مرة أخرى قبل أن يكمل لم شتات فكره وأصابعه المنثورة في كل جهة.
كنا نعزو الموت إلى القضاء والقدر، ومكايلهم قبل أعوام قليلة لكن اليوم القضاء والقدر بريء براءة الذئب من دم يوسف، وقد أخذ إجازة طويلة الأمد ليترك منصبه للإرهاب والبلاطجة والعسكر والخلفيات السياسية.
متى سنستفيق كيمنيين على واقع يصبح سوق البورصة هو المتصدر للصحف وأزمات قلوب من خسروا فيه؟ متى سيتوقف الموت عن التجوال في مجالسنا؟ وأحاديثنا متى سيتوقف الباحثون لعزرائيل عن كوتا في حياة كل شخص يمني فمن من لم يفقد قريب أو صديق أو عزيز عليه نتيجة شطحات جاهل أو نكسات سياسي مغفل وبين رصاص شيخ معتوه أو حماقة جندي سلاحه فقط لقتل أبناء جلدته ومتى سيتوقف حماة الدين ومسورو دينه عن الدفع بقتل وقتل قتلى من أجل كرسي الحياة في أعلى السلطة ألا يعلمون أن الحياة تحتاج أحياء و لا تحتاج موت بين بورصة الموت في صخر أو مذبح أو صعدة وفروعهن في أبين حجور والصحراء ترتفع أسهم الموت بقرب خسارة أو مكسب سياسي لتتدنى أسهم الحياة في اليمن.
م/ علي الكمالي
كوتا عزرائيل في اليمن 1821