في البداية كنت أظن أن الحوار الوطني الذي يعد أهم بنود المبادرة الخليجية لإنقاذ اليمن من شبح الحرب لم يستمر سوى أيام معدودات لا تتجاوز الشهر الواحد, وان عدد المشاركين في هذا الحوار هم عبارة عن مجموعة أشخاص يعدون مندوبين للجهات المشاركة في الحوار, أكثر من طرف لا يتجاوز عدد المشاركين منه العشرة أشخاص وان المخصصات المالية لكل عضو مشارك لا تتجاوز الخمسمائة ألف ريال.. هكذا كان اعتقادي, لذا كنت أرى في هذا المؤتمر بوابة خروج للشعب والوطن من ذلك النفق المظلم الذي أدخلنا إياه النظام السابق جراء سياسة (ما بدى بدينا عليه ) و (اسرق قدر ما تستطيع فإنك راحل).. لكني بعد اليوم واكتشاف الحقيقة بأن مؤتمر الحوار الوطني سيظل عدة أشهر وسيشارك فيه جيش من الأطراف المتصارعة اليوم على الكعكة, وستكون المخصصات المالية لكل عضو مشارك بالملايين (9) ملايين ريال، تعد كارثة بكل ما تحمل من معنى, بل انه دمار وليس حوار, فبالـ (9) ملايين ريال التي ستصرف للمشارك الواحد يمكن ان تعالج أربعة من جرحى الشباب أو الجيش الذين تناساهم المتحاورون وفي الخارج وليس باليمن, كما أن التسعة الملايين ريال التي قد تصرف لشخص ربما قد لا يفقه ما هو الحوار قد تساعد تسع اسر يمنية على الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن وتنقذها من شبح الموت.. ثم ماذا نفهم نحن اليمنيون عن الحوار, وما أوصلنا إلى ما نحن فيه إلا حوار الطرشان الذي استمر بين المؤتمر والمشترك لعدة سنوات وكانت نتيجته الفشل الذريع والمتارس والقنص والتحدي بالتحدي !, ومن قبله حوار الطرشان بين الدولة والحوثي والذي استمر لسنوات ما بين الحوار والحرب, كان النظام يحاور الحوثيين عن الشعار ويغدق عليهم المال, ويعودون إلى صعدة وهم أكثر تمسكاً به ويحملون القناصات لمواجهة أفراد الجيش.. وقبلها حاورت الدولة القاعدة وعناصرها وأغدقوا عليهم الأموال وتمت استضافتهم في مجالس الأمن السياسي والقومي وتجنيد الكثير منهم في تلك الأجهزة الأمنية الهامة وبعدها نكتشف هروبهم من تلك السجون بملاعق الرز بفضيحة تدعو للسخرية والتقزز, ومبررات تدعو للتقيؤ..
لذا نأمل من رعاة المبادرة الخليجية أن يبحثوا لنا عن شيء غير الحوار ويوفروا تلك الملايين لإطعام فقراء اليمن أو يستوردوا لنا متحاورين صينيين أقل تكلفة وأصغر حجماً ويكفينا حوار البركاني والراعي داخل قبة البرلمان, وإذا كنتم لا تعرفوا شيئاً عن حوارنا نحن أبو يمن فما عليكم سوى متابعة حوار الجندي وسهيل على الفضائيات مباشرة, فهما صورة مصغرة للحوار اليمني.. أغيثونا بالبديل أغاثكم الله.