الحمد لله القائل وأمرهم شورى بينهم" وليس بغريب على مجتمعنا اليمني الموصوف بالحكمة والشورى عبر الزمن أن يتبنى الحوار كوسيلة مثلى لمعالجة أوضاعنا المتراكمة والمقعدة وتأتي دعوة الأخ المشير/ عبد ربه هادي - رئيس الجمهورية - في قراره بتشكيل لجنة فنية للتهيئة لإجراء حوار وطني شامل تلبية لمتطلبات الفترة الانتقالية المنصوص عليها بالمبادرة الخليجية المزمنة والذي يفضي الحوار إلى إعداد دستور ونظام انتخابي يتم على ضوئه انتخاب مجلس نواب جديد, ولا سبيل لنجاح أي حوار ما لم يشمل جميع الأطياف السياسية والوطنية الفاعلة بدون استثناء أو تهميش أو إقصاء لأحد ويتحلى المتحاورون بالوطنية والإرادة الصلبة في التغلب على العقبات وتتجرد نفوسهم عن الأهواء والأحقاد والرغبات الشخصية, مغلبين مصلحة الوطن العليا على كل المطالب والرغبات.
وإذا أردنا أن نكون حريصين على نجاح الحوار, فلا بد من إتباع إجراءات كفيلة باستمرار الحوار ونجاحه منها:
أولاً: الإجراءات الأولية:
1- تتولى اللجنة الفنية للحوار إعداد قائمة المشمولين بضمهم للحوار من جميع فئات مكونات المجتمع دون اسثناء أو إقصاء لأحد وممن يشملهم الحوار منظمات المجتمع المدني العلماء, المشائخ, التجار, اللجنة التنسيقية لشباب الثورة السلمية, الأحزاب السياسية الحراك الجنوبي بجميع فصائله, الجماعة السلفية الدعوة والتبليغ, الحركة الحوثية, حركة أنصار الشريعة, المستقلين, المغتربين, المهمشين وجمعية البساطين, ودخول الجميع في الحوار مرهون بترك العنف وتسليم السلاح للدولة.
2- أن يبادر الأخ/ المشير عبد ربه منصور هادي – رئيس الجمهورية اليمنية – فور استكمال اللجنة التحضيرية للحوار من عملها إلى تشكيل هيئة الحكماء يعهد إليها البت في المسائل الخلافية بين المتحاورين على أن يكون رأيها مقبولاً لدى الجميع وحكمها ملزماً لكل الأطراف.
يتم تشكيل هيئة الحكماء على النحو التالي:
أ- يعين الثلث الأول من كبار العلماء في اليمن الممثلين لجميع التيارات الإسلامية, من فئات المذهب الزيدي, أهل السنة والجماعة, السلفيين, الصوفيين, ويراعي في اختيارهم نبذهم للتعصب ومشهود لهم بالنزاهة وقول كلمة الحق ومقبولين لدى جميع الأطراف.
ب- يعين الثلث الثاني من الأحزاب السياسية بمعدل شخصية عن كل حزب والمستقلين بمعدل شخصية من كل جهة من جهات اليمن الأربع والشخصيات الوطنية المعروفة بنضالها تجاه قضايا الوطن.
3 - أن تعتمد اللجنة التحضيرية للحوار آلية جديدة في التخاطب مع الأطياف السياسية وفئات المجتمع المشمولين بالحوار تتم بالتنسيق مع اللجنة العليا للانتخابات في إعداد تلك الآلية التي تتضمن توجيه رسالة لكل حزب أو منظمة أو جمعية أو رابطة مرفقاً بها استمارة الترشيح للتمثيل للحوار وتتضمن الرسالة إجراءات يتخذها الحزب منها أن يقوم كل رئيس حزب أو منظمة أو جمعية أو رابطة.. إلخ بدعوة قادته ورؤساء فروعه ودوائره التنظيمية إلى الاجتماع لمناقشة أختيار لجنة تمثل الحزب في الحوار ويحدد تاريخ الحضور ويطلب حضور ممثل عن لجنة الحوار وممثل عن اللجنة العليا الانتخابات, ويتم اختيار الممثلين في الحوار بأسلوب ديمقراطي يعكس مبدأ الشورى وبعد أن يتم الاختيار وفق الاستمارة المعدة من لجنة الحوار يصادق عليها المندوبون المرسلون من لجنة الحوار والانتخابات وإرسالها إلى لجنة الحوار لاعتمادها.
4- أن تلزم الأحزاب السياسية ومن شملهم قائمة الحوار بحسن اختيار من يمثلها في الحوار ممن يتمتعون بالخبرة والكفاءة والنزاهة والعقلانية والقدرة على التأثير واستيعاب المواقف وممن يكونوا ذات قبول واحترام لدى الأطياف الأخرى.
5- تنطبق إجراءات دعوة المغتربين للمشاركة في الحوار بنفس إجراءات دعوة الأحزاب السياسية بالتنسيق مع وزارة شئون المغتربين في اختيار ممثلين عن الجاليات ا ليمنية في الخارج بحضور مندوب من لجنة الحوار ولجنة الانتخابات وتستكمل إجراءات الاختيار في مقر سفارات بلادنا في الخارج.
ثانياً: المرتكزات الأساسية للحوار منها ما يلي:.
كما سبق وأن أوضحنا الإجراءات الأولية للتمهيد للحوار التي على ضوئها يقبل الجميع على الحوار وقد تهيئة النفوس بالقبول به كمخرج لحل جميع مشاكل البلد وأن يقر الجميع بالمبادئ الوطنية المثلى التي ضحى الشرفاء والأحرار من أجلها والتي أهمها استعادة كرامة المواطن اليمني والتي كادت أن تسلب لولا قيام ثورة الشباب السلمية المطالبة بالحرية والكرامة والتي تعتبر امتداداً لثورة 26 سبتمبر, و 14 أكتوبر اللتين قدم الشعب التضحيات الجسمية من أجل نيل حريته وكرامته و اعتبار هذه المبادئ مرجعاً أساسياً يتفق عليها الجميع وتجاوزها تعد خيانة ومن هذه المبادئ ما يلي:.
1- الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات والقوانين في الجمهورية اليمنية.
2- الاعتراف بالنظام الجمهوري ومبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر, 14 أكتوبر.
3- الوحدة اليمنية, أساس للوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي الواحد والتفريط بها أو التمرد عليها أو أتباع أساليب التحريض ضدها تعد خيانة عظمى يعاقب عليها القانون.
4- الجيش اليمني/ والأمن جيش وطني حيادي لا يخضع لأي تجاذبت أو صراعات سياسية كما كان سابقاً ولاؤه لله ثم الوطن والثورة, وهو معني بالمحافظة على سيادة الجمهورية اليمنية وحمايتها من أي اختراق أو تهديد أو اعتداء ويعد التخابر مع دول أجنبية أو التنسيق معها في استلام الأموال أو السلاح نوعاً من التفريط في سيادة البلد يندرج في دائرة الخيانة العظمى ولكي يستعيد الجيش والأمن هيبتهما فلا بد من هيكلته على أساس علمية وموضوعية بعيداً عن الو لاءات الحزبية والقبلية والعمل على صيانة حقوق أفراد الجيش من العبث كما كان سابقاً وتحويل مستحقات الأفراد والضباط إلى مكاتب البريد والتخلص من الأسماء الوهمية والمزدوجة بوظائف في جهات أخرى التي تسبب عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة وتسبب إحباطاً للأفراد المنتظمين الذين يتقاضون مرتب واحداً يتم تنفيذ ذلك بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية, فتطهير دوائر ومرافق الجيش والأمن من الفساد بداية لتصحيح بقية مرافق الدولة.
5- إقرار المتحاورين برفض التدخلات الأجنبية للشئون الداخلية في الجمهورية اليمنية ورفض الاعتداءات الجوية على سيادة اليمن واستهداف مواطنيها يعد ذلك أنتهاكاً لسيادة اليمن وأي جهة تساهم أو تنسق مع دولاً أجنبية تزيد من إتساع تلك التدخلات تعد خيانة عظمى, كما يتم تفويض وزارة الخارجية بمقاضاة الدول التي ثبت تورطها في اختراق سيادة اليمن ومطالبتها بتعويضات عن الضحايا والأضرار التي أحدثتها تلك التدخلات ومخاطبة سفراء الدول الأجنبية باحترام سيادة الجمهورية اليمنية وعدم ممارسة أنشطة مخلة بعملهم أو تجاوز في فرض إملاءات تعكر صفو الحوار, إن حدث ذلك سيؤدي حتماً إلى قطع العلاقة مع بلدانهم.
6- إقرار المتحاورين بتفويض وزارة حقوق الإنسان والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بمتابعة قضايا حقوق وكرامة المواطن اليمني المنتهكة من قبل الأجهزة الأمنية أو من قبل بعض النافذين من المشايخ في محافظة حجة وتحويلهم للمواطنين كعبيد لهم وكذا ما يحدث من قبل بعض مشائخ محافظة إب وبعض مشائخ محافظة الحديدة من اعتداءات وانتهاكات متكررة لكرامة المواطن وأملاكه وحريته وكذلك تفويض وزارة حقوق الإنسان بالتوثيق والنشر للرأي لعام وتقديم دعاوي قضائية ممن تسبب في إلحاق الضرر بالمواطنين.
7- إقرار المتحاورين بوجود سلطة مركزية واحدة لنظام الجمهورية اليمنية وأي جماعة أو شخصيات تستحدث لها سلطة موازية لسلطة الدولة, وتتعارض معها وتستخدم سجون خاصة خارجة عن القانون لاضطهاد المواطنين النيل من كرامتهم, تعتبر هذه الجماعة أو ذاك الشيخ تحت طائلة المساءلة القانونية ومخالفاً للوائح الجمهورية اليمنية يستحق بموجب ذلك تقديمه للقضاء.
8- إقرار المتحاورين بوجود قضايا جوهرية تتطلب معالجات جادة بالوقوف أمامها بواقعية ومصداقية مثل قضية الجنوب – قضية صعدة – قضية أبناء تهامة والاعتداء المتكرر على أملاكهم وحريتهم – قضية منع حمل السلاح بالمدن الرئيسية والثانوية, قضية انتهاك حقوق الإنسان قضية استعادة الأموال المنهوبة, قضية اشتراك المغتربين بالخارج بالانتخابات الرئاسية وانتخاب مجالس الجاليات بالتزامن مع انتخاب المجالس المحلية. وحماية أملاكهم واستثماراتهم في الداخل.
9- إقرار المتحاورين بجعل القضاء مستقلاً في إجراءاته وأحكامه, وأن يكون مرجعا ًأساسياً في حل أي نزاع أو خلاف قد ينشأ بين الأفراد والجماعات أو معم الدولة.
10- إقرار المتحاورين بنبذ العصبية والمناطقية أو استخدام العنف أو التقطع في الطرقات أو الاختطاف أو تخريب المنشآت ومن يتجه لعمل ذلك من قبل المتحاورين يعد خارجاً عن القانون ويخضع للمساءلة والمحاكمة باعتبار تلك السلوكيات تتنافى مع قيمنا الإسلامية وأعرفنا وتقاليدنا الموروثة.
11- إقرار المتحاورين بالقول بأحكام هيئة الحكماء التي سيعهد إليها النظر في أي خلاف ينشأ بين المتحاورين وأحكامها ملزمة للجميع.
12- إقرار المتحاورين بتشكيل لجنة تأسيسية لإعداد دستور جديد ويصدر الأخ/ رئيس الجمهورية قرارات بتعيينها من أعضاء هيئة الحكماء وأعضاء مجلس القضاء الأعلى وأعضاء اللجنة الدستورية بمجلسي النواب والشورى ومن يقع عليه الاختيار بالتنسيق مع لجنة الحوار في اختيار شخصيات من ذوي الاختصاص والكفاءة في وضع القوانين والدساتير مع الاستفادة من أخطاء دساتير الدول العربية التي اجتهدت في وضع دساتير جديدة.
13- على جميع الأطراف المشمولين بالحوار الإقرار بتلك المبادئ السالفة الذكر واعتبارها كمرجع ومنطلق للبدء بالحوار, يلتزم به الجميع.
الكاتب الباحث/ عبدالرحمن مرشد حسين نائف
المرتكزات الأساسية لنجاح الحوار الوطني الشامل 1607