يشبه الخبراء في مجال الحوار وفض النزاعات أن الحوار مثل المضادات الحيوية التي تعطى للجسم من أجل أن يستعيد عافيته وتقوي مناعته بعد أن ضعف وبدأ بالتهالك جراء الصراعات المختلفة، وهذه العملية تكون أكثر صعوبة, فشفاء الجسد الوطني لا يتعافى إلا من خلال تأثره بالبيئة والمتمثلة بالأطراف المعنية بذلك الحوار, حيث أثبتت التجارب لبعض البلدان ممن دخلوا عملية الحوار الوطني أن حوالي 80% من تلك التسويات فشلت، وأن هناك محاولات فشلت في المرحلة الأولى وتم إعادة هيكلتها والنظر فيها وكتب لها النجاح في المرة الثانية.
لمن يدعي الوطنية وحب اليمن، فالحوار هو الحدث والمكان الأنسب لإثبات ذلك الشعور.. فالأحرى بنا أن نكون سادة أنفسنا ولا ننتظر من احد أن يقنعنا بعدم عرقلة الحوار، فالمواطن المسكين ينتظر من الشجعان الغير آبهين بأحد أن يستخدموا فروسيتهم في إنجاح الحوار واثبات أنهم أكثر وطنية من أي أحد آخر.
بعد أن تم تقاسم المقاعد التي سيمثل من خلالها أطراف الحوار، تبقى الشيء الأهم وهو تقاسم أعباء الوطن فالمسألة تكاملية، فا المقاعد والحصص التي تم توزيعها إنما هي وسيلة من اجل الشروع في عملية الحوار وليست هي الغاية، الغاية كما يعرفها الغالبية ويحاول تجاهلها البعض إنما هي تفادي أن ينزلق البلد إلى الهاوية حيث بدأ كما لا يخفى على احد بالتأرجح، ولا احد يعرف أين سيستقر.
على الجميع أن يعرف أن الحوار الوطني استحقاق مصيري يتصل بوجود الدولة ذاتها، استمرارية كيانها, وشرعية عناصرها التأسيسية وسلامة أراضيها ووحدتها وضمان سلمها الأهلي.. ما يعني أن التكتيكات والمناورات والحيل التقليدية, ليست الأدوات المناسبة لتأمين نجاح مؤتمر الحوار، وبالتالي تجنيب اليمنيين المصير الصومالي الذي سينهي الجميع وبالتالي لن يستفيد من ذلك الوضع احد.
علينا أن ندرك أن فاتورة التغيير في بلد كاليمن تبدو باهظة ومرهقة وليس لها سقف زمني محدد حتى وإن كانت المبادرة الخليجية قد وضعت سقفاً للعملية الانتقالية, يظل الأمر نظرياً وغير قابل للتنفيذ بحذافيره على الأقل من الجانب الزمني، لكن ما يجب أن يقتنع به جميع الشرفاء والغيورين على هذا البلد أن زمن الولاءات قد ولى، فلننظر لوطننا ومصلحته وشعبة المسكين المغلوب على أمره فهما الأولى.
ما يجب على الأطراف المشاركة في الحوار الوطني المرتقب أن لا تتحفظ على أي قضية من القضايا محل النقاش في المؤتمر، لأن الغسيل إذا لم ينشر فإنه يتعفن، ومن أجل أن لا يحدث ذلك التعفن يجب أن تطرح القضايا كلها للنقاش وبكل شفافية.
في الأخير نقول بين الآمال والمشقة مسافات لا تبدو قريبة.. لكن مع كل خطوة في اتجاه الآمال والعمل الوطني المخلص تتقلص الفجوة، ولكن مع الأخذ في الاعتبار الفجوة بين حقوق المواطنين ومعالجة ما وقع من مظالم الماضي وصراعات الحاضر، فإن العمل الدءوب من اجل هذا الوطن والتكامل سيمثل الطريق الآمن لأن يسير الحوار الوطني في الاتجاه الصحيح.
سليمان دبوان
في الطريق إلى الحوار.. 1533