الدول المتحضرة اليوم تتعرَّى مختارة من كُل القيم الإنسانية الضرورية لوجودها التي لطالما تغنَّت وتفاخرت بها في مسيرتها الإستحقاقية للسيادة الحضارية المتفردة على مستوى الكون والإنسان, ولم أعد أدري أيُ قيمةٍ للعدالة وللحُرية وللمساواة بعد جرائم الإبادة الجماعية الكُلية التي تعرَّض ويتعرض لها الشعب السوري ليلاً ونهاراً على مسمعٍ ومرأى من العالم الناطق والساكت أجمع..! لستُ أدري أيَّ قيمة للمسيرة الإنسانية اليوم وهي تُتوِّج رصيدها في عالم القيم الأخلاقية بإفناء النسل السوري ولا تُحرك المدنية الحديثة ساكناً خوفاً من شبح " الدُّب الروسي" وغضب الآيات وحرصاً على الكيان المُدلل الصهيوني..!.
هل بقي شيء بعد هذه الجرائم نقوله في حقوق الإنسان لم نقله بعد ؟ وهل هناك وصفٌ إجرامي مـا للإبادة الجماعية عرفته الإنسانية لا ينطبق شكلاً وموضوعاً على إيقاعات جرائم بشار في سوريا.؟! هل بقي للعدالة ومفهومها وأخواتها فُسحةً في الأرض على الأقل لتبكي على أطلال سوريا وتئنُ فوق بُركان الدَّم الذي يغلي ويصهر في بوتقته كُل ذرات الحياء التي تجرَّدت منها المدنية الحديثة وأدعيائها من العُربان ؟!لقد دُفنتْ قيمُ الثورة الفرنسية تحت تُراب أسوار دمشـق وتحت أشلآء نساء سوريا وأطفالها وشبابها وغاب صدى صوتُها المبحوح من فوق سجن "الباستيل" وحلَّ مكانه أنينُ عذاباتِ الشعب الذي أيقض كُل الكائنات من سُباتها عدى الإنسان المُتحضر زيفاً، القابع خلفَ رُكام المادة..! يحسبُ لكُل شيء قيراطه وذرَّته ولا يعنيه كُل لحوم البشر إن تفحَّمت وأصبحت هشيماً تذروه الرياح! يعنيه فقط أن يصف حالهُم ويُطلق عليهم مصطلحاته الحديثة الرنانة التي تليق برحيلهم من الأرض رماداً..!أو لقد قتلهم وأحرقهم "بشَّـآر المتوحش" إنها جرائم حرب بل هي جرائم إبادة تهزُّ الوجدان، لا تليقُ مُطلقاً بحقوق الإنسان, مُصطلحات غربية متحضرة جميلة رائعة كـ الآتي من المُصطلحات العربية أنظرواْ إلى روعتها بتعبيرات "الجامعة العربية": الرئيس بشار مُتوحش! يــآآي مُقزز إنه مش إنسان! الرئيس بشار يقتل شعبه متوحش..يـآآي إنه حتى لا يقتلهم بصورة تليقُ بهم كـ شعب حضاري إنه حتى لا يُقيم عليهم قداساً كما ذكرت مُدونة حقوق الإنسان! هو وحش يقتلهم بالطيران بدلاً من قتلهم بالمدفعية! ويقتلهم بالصورايخ بدلاً من قتلهم بالرشاشات..! متوحش بشار!! ألم يكن قتلهم بالدبات أرحم و أليق بالمدنية من قتلهم ببراميل المتفجرات..؟! إنهُ حتى لا يُراعي أصول الإتكيت في القتل الرحيم، بشار شرَّاني وحِش..! ألم يكن يعلم هذا الجاهل أنه يرتكب جرائم حرب! وأنه من الممكن أن يتهمه "أوكامبو" بهذه التهمه الوحشه؟! وبعدين مش ممكن، وده مُش كويس عشانه وعشان صحته تستدعيه محكمة الجنايات الدولية وتسأله أنت قتلت الشعب السوري ليه؟! ساعتها حيرُد يقول إيــــــه.؟!! موقف وحـش لـ فخامته قوي..يـآ دي الكسوف!...لكن المشكلة أن بشار مُتخلف، لا يعترف بالمحكمة الجنائية بل حتى إنه لا يدري أن الأسلحة الكيماوية مُحرمة! ولذلك يستخدمها ضد شعبه وهو معذورٌ بجهله -بحسب فتوى آيآته- برغم أنها خطوط حمراء إلا أنه أيضاً لا يدري ما هي الخطوط الحمراء، فالعمامات التي لديه كُلها سوداء تخطفُ الأبصار,وتصيبه بداء عمى الألوان! غير أنه استبان أنه موقِّع على وثيقة اتفاقية "الجات" التجارية ويُمكن استدعاؤه وتوجيه تهمة خرق هذه الاتفاقية بتعريضه التجارة الدولية للخطر فقتل الشعب السوري سيزيد من مستوى البطالة في العالم وإعدام سوق كانت رائجة مُغرمةً بالبضائع العالمية خاصةً الأمريكية والأوربية جريمةٌ دوليه..!.
يــا أي بشار وحش.. وعشان هو وحش والعالم زعلان منه قررت فرنسا بتأييد "عرباوي" مُعلن ومُبهم إنزال أشـد أنواع العقاب بـه وبنظامه في "مالي" في أدغال أفريقيا وللأمانة والحق يقال قارة آسيا غير مناسبة لشـدة وقسوة الإجراءات العقابية الفرنسية فهي قارة دوماً مشئومة مسكونة بأباليس روسيا وسَحرة طهران يــآ لحظه الرائع "بشار الأسد" فلن يُجدي معه أي ردع مُباشر فهو في القارة المسكونة الشؤمة وإذا كان ولا بد من عقابه فليكُن عبر قارة أخرى، فـ فرنسا رائدة حقوق الإنسان ولـن تسكُت أو تغض الطرف عن جرائم إبادة الشعب السوري ولا يُمكن أن يضل بشار بلا عقاب.وفي نفس الوقت يجب أن يكون هذا العقاب بعيداً عن الدُّب الروسي والسحر الإيراني.!آآه..الأوغاد الإسلاميين في "مالي" هم السبب والمُسبب في قتل وإبادة الشعب السوري، هذا هو الحل الأنسب والأسلم لفرنسا وحلفائها بدلاً من هَم الآيات والدببة!.
الأوغاد الماليون هم الذين مدوا سوريا بكل أدوات القتل وهم الذين أسسواْ " القاعدة" في سوريا وحرضواْ الحرس الثوري وحزب الله على الاشتراك مع بشار في قتل سوريا وهم الذين فعلواْ بها الأفاعيل...فرنسا أمُّ ثورات العالم والمحضن المُنجب لها ومُصدِّرة شعارات الحياة بكرامة لن تسكت عن الجرائم ضد الإنسانية! لكن بشار متوحش خالص وخلفه الدببة "وآيات الشياطين في القرآن" والإسلاميين في مالي قد أسرفوا في قتل الشعب السوري في كل مكان في مالي! والمعادلة ببساطه ضحايا الإرهاب من العرب والمسلمين يتم قسمتهم على جغرافية تواجد القاعدة المُفترض وبموجب هذه المعادلة "القتلى في مالي ماليون وسوريون وفي سوريا سوريون وماليون" فالفاعل لجرائم القتل واحد "القاعدة" في مالي هي نفس "القاعدة" في سوريا..! إذاً فلنقسم ضحايا سوريا على اثنين حيثُ أن الفاعل واحد فتصبح النتيجة "ستون ألف قتيل سوري" "ثلاثون ألفاً" منهم قتلوا في مالي..! إنها مسألة نسبية فلا يجوز ديموقراطياً أن نُركز جرائم القاعدة في مكان أو دائرة واحدة بل كُل فعل لها نقسمه على أماكن تواجدها وفقاً للقوائم النسبية وبذلك يصبح "ثلاثون ألف" قتيل سوري مقتولين في "مالي" وجثثهم المفترضة في سوريا..!، أما بشار فيبدو أنه كان مُكرهاً على قتل شعبه ويتحمل المسؤولية من أكرهه وهي القاعدة.!
لهذه الأسباب مُجتمعةً لم تُطق صبراً فرنسا على جرائم قتل السوريين في "مالي" فأطبقت بقواتها على "مالي المجرمة" التي سفكت دم الشعب السوري.!! وعلى ذات السياق كل من قد تقتله القوات الفرنسية من الماليين سيتم احتسابهم قتلى سوريين قتلتهُم المتوحشة القاعدة بأيدي فرنسية مكرهة وتكون الفاتورة واحدة مقسومةً على اثنين بفاعل واحد..!
إلى هُنا ويمكن للضمير الفرنسي والغربي برُمته أن يقرَّ عيناً ويستمتع بالحياة بعد أن أقام العدالة لسوريا في مالي فضحايا إقامة هذه العدالة في كلا الأحوال من السوريين و الماليين المتوحشين فهُم قاعدة أو مرتبطون بالقاعدة أو أن لهم معرفة فكريه بالقاعدة أو أنهم غضوا الطرف عن القاعدة أو أنهم راضون بما تفعله القاعدة أو أنهم أكلوا أو شربواْ مما تأكله أو تشربه القاعدة وبالتأكيد إذا كان أحد معارفهم مرتبطٌ بأحد أفراد القاعدة..
"القاعدة" ذاك المُصطلح الفاعل السحري الموسوِّغ لكُل الجرائم في حق الإنسانية..! لقد أدركت فرنسا أن بشار من الممكن أنه قد يكون مجبرا على جرائمه في سوريا تماماً كالدواعي المحتملة التي قد تُجبر فرنسا على ارتكاب جرائم في حق الشعب المالي! ففي نهاية الأمر ومُحصلته ليس بعد جرائم بشار من جرائم! من الممكن أن تحاسب عليها فرنسا, وأفكاره المعللة لذبح شعبه قد تلزمهم بالضروة كـ مسوغ لذبح أي شعب يقف أمام مصالحها في القارة السوداء الجميلة! تحت مظلة حماية الإنسانية المعذبة من القاعدة وتجنيب البشرية مرارةً مُحتمله من تجربة مُحتمله لحُكم الإسلاميين الذي قد يكون مُفترضاً مرجوحاً في أفريقيا المخبأ في أراضيها مصالح الغرب من الكنوز ومصادر الطاقة اللعينة..
وفي الأخير أقول إن التدخُّل الفرنسي في مالي جعل آخر القيم الإنسانية وهي العدالة -التي عاشت عليها البشرية في القرن الماضي - تنتحر اليوم في متاهات أدغال وصحاري أفريقيا واستبدلتها بطريقةٍ مؤسفة بالطغيان المادي حتى بدآ كُل شيء غريبٌ عن كينونته.. ويا للسُخرية فرنسا الثورة التي ضحَّت بكل شيء من أجل القيم الإنسانية الحضارية التي أنتجتها هي اليوم تقتُلها وتتمزَّق معها في صحراء وأزقة مالي بعد أن فرغت للتـو من دفن تأريخها ومبادئ ثورتها العريقة في سوريا..!
ومن المضحك المبكي أن العالم يؤيد اقتحام مالي عسكرياً خوفاً من حُكم إسلامي مُحتمل ولا يرى ضرورةً لفعل عسكري مماثل في سوريا لوقف إبادة شعب من المحتمل إفنائه وإخراجه من العالم المشهود تماماً..هل يوجد انتكاسة أصابت الإنسانية في عالم القيم بعد هذه الانتكاسة ؟! وهل باتت المدنية المتحضرة تعيش أزمة ضمير تجاه مجازر بشار ؟! فتسعى لجلد ذاتها في مالي لتشعُر بالآم الإنسان السوري المذبوح من الوريد إلى الوريد ربما..!لكن الإيحاء العام من جُملة الأحداث على المستوى السوري المالي أننا على أعتاب تغيير كوني شامل بعد مُمارسة حضارية سلبية غربية أوصلت البشرية لطريق مسدود كان من أبرز ملامحها احتقار الإنسان فيها وجعل مركزه القيمي مُجرد مُستهلك لبضائعها..! والأمم "أسواق" مُجرد أسواق لمنتجاتها! وحتى مفهوم فلسفة القوه وأدواتها المادية اقتصر استخدامها ضد الشعوب المُستضعفة في الأرض التي لا تملك أدوات الدفاع عن النفس ضـد أدوات القتل والإزهاق الرهيبة التي ابتدعتها المدنية الغربية لتُدلل بهذه المنهجية أنها تعيش فترات احتضار أخلاقي مُجسداً اليوم في فرنسا التي فرَّت من واجبها الأخلاقي تجاه الشعب السوري خوفاً من تبعات مواجهة "الآيات والدببة" لتُسلط بعد هروبها بدون مسوِّغ آلتها العسكرية ضد مجموعات مُسلحة "بالكلاشنكوف" مُستضعفةً في الأرض لتصنع زيفاً أمام العالم وأمام شعبها نصراً وهمياً لا وجود لهُ إلا في الخرائط العسكرية وذهنية الجنرالات الفرنسية المتعطشة لفعلٍ بدون ردة فعل يُعيدُ لها بعضاً من بريق ألقها المفقود في عالم الكبار! تاركةً الدببة والآيات يُناورون على الشواطئ السورية لتهزمَ هي بدورها القوات المالية والأساطيل المالية وتستولي على كُل المُفاعلات النووية المالية وتُعيد أمجاد فرنسا الغابرة وتُحقق كُل أحلام "الجنرال ديغول" فرنسا العظيمة! حضارة آخر زمـن..
د/ عبدالله الحاضري
جمهورية مالي بدلاً من بشَّار وآياتهِ والدببة! 2303