الربيع العربي لم ولن يحط رحاله بعد، فمشوار التحرير والتخلص من المستبدين لم ينته طالما والكثيرون ممن ينتظرهم الدور لم يفهموا الدرس بعد أو حتى يستوعبوا مجريات الأحداث وإيقاعاتها المتسارعة وأثرها على المجتمع العربي، فثمة بوادر لانفجار براكين غضب شعبية هنا أو هناك نتيجة أسباب مختلفة، لكنها تتشابه في النتائج المترتبة على تلك الأسباب، ففي الأردن الشقيق حراك شعبي كبير يتقدمه الإسلاميون ورفاقهم المعارضون ومنذ أكثر من عام ونصف وهم يخرجون بمسيرات ضخمة تطالب بإصلاحات سياسية ولكن النظام القائم هناك لم يفتح أذنيه لسماع تلك المطالب، بل زاد لديه الصمم ويبدو أنه سيذهب للانتخابات القادمة منفرداً ولا يهمه اكتساب شرعية
التنافس المحموم والشريف، وعلى كل فلو استمر النظام الأردني بصممه وغروره الحالي فثمة ربيع قادم سيجعل بلدان الخليج العربي في حيص بيص، لأن الأردن يعد البلد الوحيد الذي ينتهج نظاماً ملكياً وسيكون الربيع العربي أمام اختبار جديد ونقطة غاية في الأهمية والتأثير وحتماً سينتصر الربيع العربي مهما كان الثمن بإعتقادي، فطوفان الربيع وزلزال الثورات لم ولن يستثني بلداً لم يستوعب إيقاعات التغيير ومجرياته فمن لا يتقدم يتقادم والأيام بيننا، فقط سيكون الربيع متأخراً على بلدان الخليج العربي أو غيرها، لكنه حتما سيأتي وإن طال الزمن.. وفي الجهة الشرقية وغير بعيد عن الخليج العربي بدأت ملامح ربيع يانع في العراق الشقيق وإن بدأ بمطالب حقوقية ومشروعة، مالم تستجيب حكومة المالكي الطائفية لتلك المطالب العادلة فإنها قد تتحول إلى صراع يدخل العراق مجدداً في دوامة العنف والطائفية ولأن ما عاناه ويعانيه العراقيون من الظلم الشيء الكبير، فقد استفادوا من رياح الربيع العربي القادم من تونس الخضراء واستلهموا التجارب الشعبية التي سرت في اليمن ومصر وتونس وحتى اللحظة لا يزال حراكهم سلمياً وذا حضور كبير، لكن من يتابع المشهد العراقي يجد المستبدين يعيشون روحاً واحدة وبدأ المالكي يكرر التهم الشهيرة والتي سبق وأن قالها بن علي ومبارك وصالح والقذافي وبشار بأن المتظاهرين مرتهنون للخارج وينفذون أجندات خارجية ويستغلون بعض المطالب المشروعة وهي التهم التي لم تفد الأنظمة المستبدة بشيء وكأنه يعيش بعيداً عن المشهد العربي القائم منذ 2011م.. وفي المغرب العربي التي تعيش حراكاً كبيراً في موريتانيا الشقيقة والتي يبدو أنها هي الأخرى مرشحة أكثر من غيرها في بلدان المغرب العربي حالياً وإن كنت أظن أن الحراك الشعبي سيستمر هناك دونما تفجير أي وضع ثوري ما لم يطرأ على المشهد الموريتاني مستجدات تجعل الخيار الثوري الوحيد للتخلص من الوضع الراهن، فالفقر والبطالة والاستبداد مثلث مؤلم للشعب الموريتاني وهو ما شابه ويشابه الوضع اليمني قبل اندلاع ثورة الشباب في فبراير من العام الماضي، إضافة إلى تشابه اليمن وموريتانيا من حيث التجربة الديمقراطية وإن كانت التجربة الديمقراطية الموريتانية أفضل منا نوعاً ما، لكن من كان يتابع الربيع العربي في تونس ومصر لم يكن ليتوقع أن يأتي الربيع إلى اليمن سريعاً ولكنها أقدار الله التي لا مفر منها، فلتحذر الأنظمة القائمة حالياً والأنظمة التي أتى بها الربيع العربي من حراك الشارع وتأثيراته
المستقبلية عليهم، ويبدو أن تجارب الحكام السابقين تتكرر وكأنك يا أبو زيد ما غزيت وهل يستشعرون بأن ربيعنا العربي لم يحط رحاله بعد وياليت شعري أين سيكون في محطته القادمة وكيف سيكون المشهد.
محمود الحمزي
الربيع العربي لم يحط رحاله بعد 1673