في الوقت الذي كان يتوقع فيه أبناء تعز الحالمة صدور قرارات شجاعة تتناسب مع الظروف الراهنة وتتفق مع أهداف الثورة الشبابية السلمية يصدرها محافظ تعز (شوقي احمد هائل) تنفيذاً لوعوده السابقة والمتكررة في تغيير مدراء العموم الفاسدين وإبعاد الموظفين المرتشين ومحاسبة المخالفين وناهبي المال العام والخاص المتسلطين, لكن الأيام جاءت بمفاجآت كارثية تشبه الصدمات وتُنبِؤُ عن توجه كان عليه النظام القديم يُنذر بالويلات ويُولد الآهات والحسرات لدى شباب الثورة والمواطنين ويقضي على المواهب والقدرات وقد تمخض الجبل فولد(فاراً).. وأصدر المحافظ قراراً بتشكيل مجلس استشاري له مكون ليس من ثلاثة عشر مفكراً ولا سياسياً ولا أكاديمياً ولا مهندساً ولا شباباً ثورياً وطنياً وإنما (13شيخاً) وهو قرار أشبه بالقرارات التي كانت تصدر من الرئيس السابق وأركان نظامه الذي كرس جهده بربط علاقاته بالمشيخ وتعيينهم ليس في مجلس شيوخ فحسب بل في كل مفاصل الدولة, فمعظم الوزراء من الشيوخ وأيضا النواب والشورى والمحافظين وهو شيخ المشائخ, فقاد البلاد إلى الخراب والانهيار وجعل خزينة الدولة والمال العام مسخرة لهم ولأبنائهم ومرافقيهم أما بقية الشعب فهم (الرُّعاة )..
ونظراً لتلك السياسة الفاشلة ثار الشعب واسقط النظام.ونحن عندما نكتب وننقد لا يعني ذلك الاستهانة بإخواننا المشايخ أو التحامل عليهم بقدر ما نعزهم ونحترمهم ونسعى إلى تحقيق آمال وطموحات الشباب في إيجاد دولة مدنية حديثة طالما ساورتهم الأحلام في إقامتها والعيش الهنيء في كنفها وللمشايخ مكانتهم فيضلون وجهاء وعقال في قراهم ومناطقهم يعملون لخدمة المواطنين, فمن كان سلوكه ذلك فهو شيخ وعلينا أن نحمد الله تعالى فقد حقق لنا النظام السابق منجزاً عظيماً حيث عمل على تنامي ثروة اليمن من المشايخ وكثرة أعدادهم وقلة ثمرتهم وازدياد ظلمهم وجورهم وأصبحت نسبتهم المئوية في القرى كما يُقال (نفر رعية وقدح مشايخ) ببركة النظام السابق.. فهل أراد (شوقي) إعادة إخراج النظام القديم من جديد؟ ولمصلحة من؟وهل محافظة تعز الصمود والثقافة والأدب والعلم والسياسة فقيرة من الخبراء والسياسيين والعلماء والمثقفين والمحامين ورجال الاقتصاد ولم يكن أمام المحافظ إلا أن يختار استشاريين له من المشايخ؟ فما هي مؤهلاتهم وقدراتهم ومواهبهم التي سيستفيدُ بها وتستفيد منها المحافظة؟.. والشيء الغريب أن محافظ تعز أقدم على هذا القرار الذي لم يكن متوقعاً صدوره منه, لأنه رجل أعمال نجحت تجارته وأعماله باستعانته بخبراء الاقتصاد والمهندسين والفنين وليس بالمشايخ..
وإذا كان المحافظ يرى أن المشورة الصائبة والرأي السديد في مستشاريه من المشايخ فهو أحق بهم لشركاته التجارية المتعددة أما المحافظة فهي غنية عنهم وعن عودة النظام القديم من جديد هذا من ناحية ومن ناحية أخرى, فان الذي جاء به محافظا لتعز هي ثورة 11فبراير ولم يأت به النظام القديم حيث تم تعيينه في 6/ابريل /2012م ونال ذلك ارتياحاً واسعاً لدى الثوار وكافة أبناء تعز, حيث علقوا عليه الآمال وظهر في بداية مشواره ظهورا حسناً, فأعطى الوعود باجتثاث الفساد والتوجه نحو التغيير المنشود وإصلاح الوضع وتوقَّف فجأة بسبب لا يعلمه إلا الله ثم الراسخون في العلم.
أحمد محمد نعمان
شَوْقِي وَإعَادَةُ النِّظَامِ القَدِيْم!! 1802