الحوار هو المناقشة بين طرفين أو أطراف بقصد تصحيح كلام أو إظهار حجة، وإثبات حق، ودفع شبهة، ورد الفاسد من القول أو الرأي على اختلاف وسائله.. وكما قال الحافظ الذهبي :( إنما وضعت المناظرة لكشف الحق، وإفادة العالم الأذكى العلم لِمن دونه، وتنبيه الأغفل الأضعف)..
وثمة غايات متعددة للحوار أهمها :
- إيجاد حل وسط يرضي الأطراف.
- التعرف على وجهات النظر.
- البحث والتنقيب للاستقصاء والاستقراء.
-الخروج بالوطن إلى بر الأمان وإنقاذ الشعب من المهلكات ولو على حساب المتحاورين من شباب ومشترك ومؤتمر ومنظمات ومشائخ من ممثلي الشعب بالحوار..
وينصح ببدء الحديث والحوار بمواطن الاتفاق, فتلك طريق إلى كسب الثقة, فدع صاحبك أو نظيرك يوافق ويجيب بـ(نعم) وحُلْ ما استطعت بينه وبين ( لا ), فإن قال ( لا ) فقد أوجبت عليه كبرياؤه أن يظل مناصراً لنفسه.
أما أصول الحوار المتبعة للوصول رؤية ناجحة ونتائج مرضية فهي كالتالي :
الأول :سلوك الطرق العلمية والتزامها، من تقديم الأولى المثبتة أو المرجحة للدعوى، ومن صحة الثقل في الأمور المنقولة قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم).. ولذا قال العلماء : إن كنت ناقلاً فالصحة، وإن كنت مدعياً فالدليل.. وهذا ما اشك بانتهاجه في الحوار الوطني لعدم وجود الكثير من المتحاورين المثقفين والملمين بالطرق العلمية لنجاح الحوارات .
الثاني :الاتفاق على منطلقات ثابتة وقضايا مسلَّمة سواء كانت عقلية أم نقلية كأوامر الشرع الصريحة, ومن الخطأ غير المقصود عند بعض الكاتبين إثارة قضية حسمها الشرع كالحجاب بقصد إثباتها وصلاحيتها.. وهذا ما يخيفني أن يقوم بعض المتحاورين بمناقشة أو الإفتاء بقضايا الشرع كالزواج المبكر أو ما شابه .
الثالث :التجرد وقصد الحق، والبعد عن التعصب، والالتـزام بأدب الحوار.. قال الشافعي رحمه الله : " ما كلمت أحداً قط إلا أحببت أن يوفق ويسدد ويعان، وتكون عليه رعاية الله وحفظه، وما ناظرني فباليت! أظهرت الحجة على لسانه أو لساني".. وفي حوارنا القادم هل سيتقبل كل واحد الآخر ورؤية الآخر؟ وهذا سيتم إذا نظروا لمصلحة الوطن لا مصالحهم وأحزابهم ومذاهبهم ولو وفترة الحوار فقط.. أما آداب الحوار فلا أشك بقدرة الشباب المستقلين طبعاً بالقدرة على التحلي والالتزام بآداب الحوار.
الرابع:أهلية المحاور، فمن الخطأ أن يتصرف للدفاع عن الحق من كان على الباطل، أو من لا يعرف الحق، أو من لا يجيد الدفاع عن الحق، أو من لا يدرك مسالك الباطل، والذي يجمع ذلك كلمة ( العلم).. أما عن الأهلية للحوار فأكثر المتحاورين في مؤتمر الحوار لم تجف أياديهم بعد من دماء شهداء الثورة الشبابية المباركة أو المواطنين المساكين بسبب المذهبية والعصبية, لذا فحوارهم وقبولهم على طاولة الحوار يعزز شهية القتل وسفك الدماء لدى الآخرين ولكن لا بأس إن اعترفوا بذنوبهم وندموا وخرجوا برؤية تخرج الشعب بأكمله من مأزق يصعب التكهن به وضحوا بكبريائهم ولو لمرة فقط من أجل الوطن والشعب .
الخامس :قطعية النتائج ونسبيتها، فليس من شرط الحوار الناجح أن ينتهي أحد الطرفين إلى قبول الآخر.. يجب عليهم أن لا يعتبروا الحوار مجرد كعكة يتسابق عليها أطراف الحوار وهذا هو ما لمسناه وننتظره منهم والدليل هو ما حدث من إشكالات وفوضى صادرة من المؤتمر الشعبي الذين طالبوا بحصة لا تقل عن 50% من مقاعد المتحاورين, فهذا دليل ما يخفون وعدم نقاء القلوب والنية الصالحة تجاه الآخر .
السادس: الرضا والقبول بالنتائج التي يتوصل إليها المتحاورون، والالتـزام الجاد بها، وبما يترتب عليها، قال الشافعي رحمه الله : " ما ناظرت أحداً فقبل مني الحجة إلا عظم في عيني ولا ردها إلا سقط من عيني"..
وهذا ما يثير الخوف والفزع, لأن فشل الحوار الوطني يعني للكثيرين الاقتتال والحروب وانتشار الفساد والانفلات الأمني واهتزاز بل وضياع الاستقرار الذي نحلم به طبعاً, لان الكثير من المتحاورين بلا شك لن يرضوا ولن يقبلوا بأي نتائج, لأنهم لا يعرفون ما يريدون أو لأنهم ينتظرون دمار الوطن كما يتوقعون طبعاً, فهم تجار حروب ومصاصو دماء وأموال الشعب المسكين والجاهل, ولكن في خلاف السياسيين ربما خير للشعب, فرب ضارة نافعة ولا يجب أن نضع مستقبلنا ووطننا بيدهم, فنحن أهل الحكمة والإيمان.
وأخيراً: أتمنى, بل أدعو الله عزوجل كما أخرجنا من المحنة السابقة أن تصير منحة بنجاح الحوار الوطني الشامل وأطمع من كل المشاركين في الحوار النظر إلى مستقبل وطنهم وشعبهم ومراقبة الله عز وجل بكل تصرفاتهم ونياتهم التي نجهلها ويعلمها خالقها فقط وان يراعوا مصلحة الوطن على مصالحهم ولو لمرة واحدة فقط من أجل ما لا يحمد عقباه وإدانة ورفض أي تعصب أو عداء أو مذهبية ..الخ, على طاولة الحوار على الأقل, وان تتذكروا دائماً أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
رمزي المضرحي
للمتحاورين من أجل الوطن!! 1539