جدر المذلة لا تدك بغير زخات الرصاص
والحر لا يلقي القياد لكل كفار وعاص
وبغير نضح الدم
لا يمحى الهوان عن النواصي
إنما نحن في ذل لا يعلمه إلا الله، فلو كسرنا حاجز الخوف بقوة الإسلام لما تسلطت علينا أميركا ولا دول الغرب وإنما ذلك لتحكيمنا لشرعهم شرع الدمقرطة ولتركنا شرع الله، فقد قال عمر رضي الله عنه: نحن قومنا أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.. وهذا هو السبب الأكبر في اعتقادي الذي أدى بالمسلمين إلى الضعف العام وهوان المسلمين، ذلك أن المسلمين من ناحية العدد كثير، ومن ناحية العدة فإنهم يملكون عدة كثيرة جداً بغض النظر عن مساواتها بما عند أعدائهم، ولو قارنت عدد المسلمين وعدتهم اليوم، وعددهم وعدتهم في صدر الإسلام وزمن الفتوحات لتحيرت أشد الحيرة، ولتساءلت كما تساءل الكثير ممن لم يلتفت إلى هذا الجانب الهام من حياة المسلمين، فإنه ما دام العدد موجوداً والعدة موجودة، فما الذي ينقصنا إذاً؟، أليس أعداء الإسلام يألمون مثلما نألم، ونرجو من الله ما لا يرجون؟ وهو فارق كبير جداً ولكن يأتي الجواب الصحيح الذي غاب عن أذهان كثير من المسلمين أن السبب في ضعف المسلمين وهزائمهم هو تراخيهم في قبضتهم على دينهم، وليس العدة ولا العتاد، هو غفلتهم عن السر في سبب النصر على الأعداء، وغفلتهم عن معنى قول الله تعالى: "كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ البقرة":249.. هو تحاكمهم إلى أعداء الإسلام وتوجههم إليهم لأخذ القوانين الجاهلية بدلاً عن الشريعة الإسلامية.
وأما اليوم فقد توزعت أهواء المسلمين وجعلتهم عالة على أعداء الدين، فهذا شيوعي، وهذا بعثي، وهذا اشتراكي وذلك ديمقراطي وهذا تقدمي وذلك رجعي.. إلى آخر هذه الترهات الحمقاء هو تلك التيارات الجارفة والبحور المتلاطم أمواجها وسباحتهم فيها من اشتراكية وشيوعية وشيعية ورأسمالية وعلمانية و.. إلى آخر، تلك المذاهب التي مسخت شخصيات المسلمين، التي ذل المسلمون وتأخروا بسبب تمسكهم بها واعتزازهم بغير دينهم وشرع نبيهم.
متى يفيق العرب والمسلمون من سباتهم العميق فيرجعون إلى الله تعالى ويحكمون شرعه ويستنصرونه على أعداء دينهم بدلاً من قتل بعضهم بعضا وبغي بعضهم على بعض، حتى أصبح الكثير يقولون: إذا كان اليهود جبناء فإن المسلمين – وفي أولهم العرب – هم أجبن من اليهود وأشد حباً للحياة منهم وهؤلاء نسوا أن أسلافنا المسلمين إنما كانوا ينتصرون بحبهم لربهم وتحكيمهم لدينه والعمل بأوامر الإسلام والانتهاء عن نواهيه، وأنهم كانوا على قلب رجل واحد، هدفهم واحد وتفكيرهم واحد، فنصرهم الله تعالى جزاءً لإخلاصهم وتوجههم إليه عز وجل.
أما بالنسبة للضعف العام في المسلمين فإنه أمر مشاهد لا يحتاج إلى عبقري يبينه، والأدلة على ذلك تتوارد من كل جانب، ذلك أن المسلمين كلمتهم غير مسموعة، وآراؤهم غير منفذة، وأعداؤهم قائمون على رؤوسهم، وأصبحوا لا يملكون إلا الشكوى للأمم المتحدة – اليهودية المنشأ والهدف – ولراعيي السلام، وللدول الأوروبية.. الخ.
وقد قيل إن من أكبر المصائب على الشخص ألا يجد من يحتكم إليه إلا عدوه، ولك فيما يفعله اليهود في فلسطين، وما يفعله الشيوعيون في الشيشان، وفي بورما، وما يفعله الهندوس في كشمير، والهند، وما يفعله النصارى في الفلبين، وإندونيسيا، والبوسنة والهرسك،وما يفعله الفرس في بلاد الأحواز وبلاد أخرى كثيرة، لك فيها أقوى دليل على ضعف الأمة الإسلامية وتكالب أعدائها عليهم، وحينما أخبر الرسول صل الله عليه وسلم عن أمته بأنه سيتكالب الأعداء عليهم ويتداعون عليها كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قال له الصحابة رضوان الله عليهم: "أمن قلة بنا يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".
فلما ثارت الشعوب العربية ضد حكامها العملاء قامت أميركا بالتوازن بين الحكام وبين الشعوب لكي لا تفقد مصالحها ولكي يبقى لها عملاء قامت بمناصرة الثورات ولمعرفتهم أن الشعوب الإسلامية تثار ضد أعداء الإسلام فلم نرها تناصر إخواننا في سوريا، لأنها تعلم أنهم على أبواب إسرائيل وأنهم اقرب إلى بيت المقدس وان لهم نصيباً كبيراً في الجهاد، فقد نسمع بين الحينة والأخرى أن دول الكفر بدأت تدرس الحل السياسي في الشام، لأنهم يعرفون أن الدور كما يقال آت عليهم لا محالة، فهم يريدون إضعاف الثوار والزج بعضهم ببعضهم ولكي لا تنتصر الثورة لمصالحهم لكي يبقى حامي إسرائيل ابن بايع الجولان ولكي لا ينتهي حزب إيران حامي إسرائيل في جنوب لبنان حزب الممانعة.. ولكن الله المستعان عليكم يا عرب على ما تصفون.
محمد صالح بن فتشه
جدر المذلة ياعرب 5314