(كلمنا قلنا عساها تنجلي ، قالت الأيام هذا مبتداها) ، وكلما تفاءلنا بالخير تأتي الصدمة تلو الأخرى لتُعجزنا عن الحراك، وتنزع منا الشهية لكل شيء، وتفقدنا حتى حواسنا الخمس، وتأخذ منا القدرة على الكلام والنطق.. وحتى الإشارة!.
تخيلوا.. شوقي هائل الذي كنا نظن أنه سيتزعم التيار المدني الذي سيقود البلاد إلى خير, يتضح لنا بعد حين أنه (...) من أخيه، ومن سابقيه ، فحتى حمود الصوفي وأبو رأس ومن سبقهم لم يتجرؤوا على تعيين 13 شيخ بدرجة (مستشار) لكن (المغوار) المدني شوقي أتى بما لم تأتِ به الأوائلُ!.
باختصار يا سيادة المحافظ .. لتكن واثقاً كل الثقة أننا سنقف في وجهك في مثل هكذا ظرف ، وبعد مثل هكذا قرار، هذا القرار (المخزي) و(الفاضح) بحق عاصمة الثقافة والمدنية، هذا القرار الذي تكون قد ذبحت به مدنيتنا المنشودة في هذه المدينة من الوريد إلى الوريد ، وكوَّنت لنا منطقة أشباح لا يعيش فيها إلا المشائخ.. وليذهب الآخرون إلى الجحيم !.
إن هذا القرار يشكل بامتياز (أعجوبة) العام ، وربما كل الأعوام ، تعز التي تكافح منذ زمن من أجل تعميم المدنية على كل أبناء اليمن ، تدفع بأبنائها ليرووا بدمائهم تراب هذا الوطن في صعدة وحجة ومأرب وصنعاء وكل مكان من أجل الثورة والدولة المدنية ، بعد كل هذا يأتي (قرار) واحد في لحظة (تكييفة) بعد قاتٍ (أصلي) ليهدم المعبد على رأس تعز وحدها ، فتغدو بيئة خصبة للمشائخ والأعيان!..
حتى سنحان وآنس وعنس ومأرب وكل البلاد التي كلما قلبت فيها حجراً تجد تحته شيخاً تستحي من مثل هكذا قرار، فما بالك بتعز ، تعز التي لا تُفق من صدمةٍ حتى تباشرونها بأخرى أقوى وأشد وألعن، لا ينبغي لهذه المدينة أن تستحي ، بل من الواجب عليها أن تنتفض ، تعترض ، تصرخ، تدين, تستنكر، تبكي ، تضحك من باب (شر البلية..) ، تندب حظها، وتتحسر على كل آمالها التي دفعت بها باتجاهك أنت منذ صدور قرار تعيينك!.
سنقف في وجهك يا شوقي لكي تعلم أن تعز ليست (منطقة تجارب) يجري عليها مشائخك اختبارات طغيانهم، وعنفوانهم، واستعلائهم، وكبرهم، وغرورهم، وهنجمتهم، ونخيطهم على الناس.. ولكي تعي أن تعز لم تعد تحتمل أكثر مما هي فيه ، لم تكن تحتمل بلطجة المشائخ وهم لا زالوا بعيدين عن الدولة ، فما بالك ببلطجتهم بصفة قانونية وبدرجة (مستشار محافظ) !!.
سننتفض ضد المشيخة، لأنها كانت سبباً جوهرياً في تفريقنا ، وتقسيمنا ، وإضعافنا ، وتشتيت شملنا, والتشهير بنا في أمة (الصلاة والصيام)!.. سننتفض ضد المشيخة حتى لا تكون (دواوين) المشائخ هي المكان الأكثر ارتياداً والأشد اكتظاظاً بالناس من (ديوان) المحافظة وإدارة الأمن وأقسام الشرطة والمحاكم المختصة ، وحتى لا (يتكعف) المواطن المسكين أجرة (التحكيم) لشيخٍ ما كي يعمل على استرداد أرضٍ له، أو حمايتها من أي شيخٍ آخر، والأدهى والأمر أن قيمة تلك الأُجرة المدفوعة للشيخ ربما توازي قيمة الأرضية نفسها، ولا عزاء للمواطن، ويا فرحة المشائخ والمستشارين!..
سننتفض ضد المشيخة حتى لا نقف جميعاً أمام إشارات المرور، وأمام الجولات، ويأتي أحد المشائخ بسيارته (الحبة وربع) مع بضعة مسلحين تمتد شعورهم بصورة مزرية حاملة في طياتها كميات مختلفة من الغبار وربما أشياء أخرى، وباستعراض ملفت للسلاح ، ويأتي هذا الشيخ ويمر دون حسيب ولا رقيب، تراقبهم نظرات القهر الذي يملئ قلوب الواقفين في انتظار دور مرورهم، سيهمس الجميع حينها.. من هذا؟.. وسيرد أحدهم بقهرٍ أشد : هذا مستشار شوقي!.
سننتفض ضد المشيخة حتى يعلم الجميع أنهم سواء، لا فرق بين هذا وذاك إلا بالتقوى، وأغلب المشائخ – وليس الكل - في اعتقادي لا يمتلكون من التقوى إلا كما تحمله (قفا الملعقة)!.. سننتفض ضد المشيخة حتى نبني الدولة المدنية التي خرجت الثورة من أجلها ، والتي سالت من أجلها دماء إخواننا وأصدقائنا وأحبائنا!.
شبعنا مشيخة، وتعبنا منها كثيراً ، (ورَّمت) قلوبنا و(تبرمت) صدورنا، وأصبحنا في ضيقٍ مستمر كلما سمعنا عن شيخٍ ما، فلم يأتنا من ورائهم إلا وجع القلب والرأس والجيب ، والثالثة هي أكثر ما يهمهم، ويجعل كروشهم تزداد انتفاخاً ، بينما المواطن المغلوب على أمره يملئ (جيبه) بالأحجار، حتى لا يأخذه الريح!.
أدري أن مشائخ تعز (المزعومين) لا زالوا أقل من قرنائهم في مناطق أخرى شراً وعنفاً وطغياناً، فشكراً لهم على صبرهم علينا واحتمالهم لنا، والله يعوضهم في الجنة, لكن يجب أن يعرفوا من الآن وصاعداً أنه لا أحد فوق أحد ، كل إنسان هو شيخ نفسه ، وما اختلفنا عليه سنرده إلى الجهات القضائية والأمنية والقانونية المختصة، ولَّى ذلك العهد الذي انتفضنا عليه، وانتهى ذلك الحكم الذي ثرنا من أجله، فلتنتزعوا فكرة أنكم (مختلفون) عن غيركم من رؤوسكم، كلنا بشر، وجميعنا سواسية، كل واحد منا يمتلك عينين (كبصر) وعقل (كبصيرة) ، إلا إذا كنتم تمتلكون ثلاث عيون لكل واحد منكم لتمتازون بها عنا ، فهذا شيء آخر يستحق التفكير وإصدار قرار!.
شوقي.. لا تخيب أملنا فيك ، ولا تضيع تفاؤلنا بك ، ولا تفسد علينا فرحتنا بتعيين رجل رحبنا به كثيراً على رأس محافظةٍ تفتقر إلى الدولة ، ولا تفتقر إلى المشائخ والمستشارين، نحن معك طالما كنت معنا، وسنقف إلى جانبك طالما حققت لتعز طموحاتها، وحتى الآن نحن بانتقادنا لك نقف إلى جانبك ، فتبصيرك بأخطائك مهمة قد لا تعجبك في البداية ، ولكن ستكتشف أنها ما ينبغي أن يكون بدلاً من التطبيل والتصفيق والتزمير.. ولو بعد حين!.
طارق فؤاد البنا
في وجه شوقي والمشيخة! 1751