نقف على أعتاب عام جديد ما بين فاغر بفيه ومحدق بعينيه منتظراً الآتي في ظل تركة كبيرة من الأحداث والمواقف التي رحلت من عام ما بعد الثورة 2012م, بحيث ستكون هذه التركة بداية لعصر جديد ينتظر البلاد وعلى ضوئها يحدد مستقبل اليمن الجمعي على صعد عدة.. وإذا ما عدنا للأحداث العام الماضي وهي مازالت حاضرة وتفرض نفسها بقوة على مستقبل اليمن سلباً أو إيجاباً من خلال ما سوف يتمخض عنها من نتائج يترتب عليها شكل الدولة وأساس المنظومة الإدارية التي يطمح الناس إليها, من مأسسة الدولة واعتماد مبادئ العدل والشفافية في تطبيق القانون..
ومن هنا فإني أقف على أهم تلك المحطات التي ستكون محور التغير الآتي على اليمن:
• قرارات هادي بشأن إعادة هيكلة الأجهزة العسكرية والأمنية التي أعادت البسمة لقلب الوطن والمواطن, وقوتها تكمن في سرعة تنفيذها والبدء في تنزيلها على الواقع كمرحلة أولى وكثير ما تطفو على السطح تخوفات يبعث بها البعض من استغراق تنفيذها لفترة طويلة خاصة أنها قرارات كبيرة استهدفت مراكز قوى يتفق الجميع على أنها سبب التردي الذي سيقت إليه البلاد على حين غفلة وتغافل من الجميع خلال العقود الماضية, فأي تراخٍ في تنفيذها سيؤدي إلى أوضاع كارثية مازال شبحها يطل برأسه من فترة إلى أخرى.
• مؤتمر مصير اليمن ( الحوار الوطني ) الذي يرتبط نجاحه بنجاح عملية الهيكلة وما تفرزه من قدر كبير من الأمل زرع في قلوب اليمنيين بمجرد صدور قرارات استهدفت أذرعاً في الجيش كان الحديث عنها في الماضي خيانة وطنية تورد صاحبها المهالك, وبقدر الارتياح الذي ولدته هذه القرارات التي بمجرد إذاعتها أورقت خمائل اليمن الذابلة الجدباء منذ عقود, طالت بظلالها قلوب اليمنيين, مما سوف يكون لها من آثار على نفسيات المشاركين في الحوار, فكيف إذا ما تنزلت على الواقع ولحقتها قرارات إجرائية تعمل على عدم تمكين القيادات العسكرية التي يؤمن الجميع أنها أساس تأخر اليمن وتردي الوضع على كافة الصعد.
• كما أن إصلاح المنظومة الانتخابية سيكون له خلال العام الجديد أثر في صناعة مستقبل اليمن من خلال شعور اليمنيين بأن ثمة شيئاً مختلفاً ابتداءً من عملية إنشاء السجل الانتخابي الذي نرجو أن يعتمد في إعداده على الرقم الوطني, بحيث تستغل الإمكانات التي تسخر لهذا الجانب بالدفع بالمواطنين إلى الحصول على الرقم الوطني وإعداد المنظومة الالكترونية التي تتيح إمكانيات عدم التكرار أو التزوير, بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات التي تكفل الشفافية في كل مراحل العملية الانتخابية إلى النهاية, بما يكفل مراقبة جميع الإجراءات لكل المواطنين كما رأينا في مصر.
قانون العدالة الانتقالية.. على الرغم أني لست من أهل القانون, إلا انه مع قراءتي لقانون العدالة الانتقالية فإني لا أتوقع أن يكون له أثر إيجابي في المستقبل, مع انه جاء بصورة تصالحية, إلا انه في مضامينه أشياء ستكون سبباً لخلق بؤر جديدة, كان الناس قد تعافوا منها, فمثلاً حدد اختصاص لجنة العدالة الانتقالية في احد بنوده بحث القضايا والأحداث التي حدثت في عام1990م إلى تاريخ صدور القانون وهذا محل اتفاق بين جميع القوى, لإيمان الجميع بان ما حدث خلال هذه المرحلة هو أساس التردي الذي وصلنا إليه, إلا انه في مادة أخرى أجاز للهيئة النظر في أحداث ما قبل عام90م وهذا يعني أن كل من يجد في نفسه انه ظلم خلال المراحل السابقة منذ ثورة 48 إلى اليوم أن يتقدم للحصول على التعويض والإنصاف بنص القانون الحالي, حتى أسرة حميد الدين الذين هجروا من أرضهم بموجب الصلح الذي أبرم بين الملكيين والجمهوريين بواسطة سعودية بعد حصار السبعين.
هذا من جهة, أما من جهة أخرى فإني أرى أن إدراج شريحة المرأة والطفل والمهمشين من ضمن اختصاصات الهيئة يتنافى مع الأسس التي جاء القانون من أجلها وهي آثار الصراعات السياسية والعسكرية, بالإضافة إلى آليات اختيار أعضاء الهيئة وعزلهم وآليات التعويض وبحيث لم يستهدف القانون رد المظالم ممن يتحرزون عليها حالياً, فمن نهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة لن يتعرض للعقاب أو المساءلة, لأن القانون لم ينص صراحة على ذلك وإنما اعتمد على التعويضات.. وهناك أيضاً مشكلة أخرى وهي أن مقدار التعويض لم يضبط بالقانون, إنما ترك للهيئة تحديده من خلال الرجوع إلى القوانين النافذة أو اجتهاد أعضائها.. ومن هنا فإني أدعو المختصين إلى دراسة القانون وتوضيح مدى صوابيته ومدى الضبابية التي فيه.
محمود الحمزي
اليمن على أعتاب عام جديد 1396