;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

النواب في مواجهة الشعب 1947

2013-01-04 11:51:25


ترسانة من الأسلحة تقع على بصرك أمام مجلس النواب وتصاب بالرعب والذهول أن هذا الكم من الجن يرافقون أعضاء للمجلس الموقر ولديهم كامل الاستعداد للقتل في حافزية عالية، ويخيب ظنك أن شيئا من الأمن والحد من مظاهر مسلحة سيحدث ذات يوم وأول المخترقين للأمن والاستقرار هم نواب البرلمان الذين يتنافسون فيما بينهم من منهم أكثر نفيراً وعتاداً، ويقدمون الصورة المؤلمة والمحبطة لواقع الحال بما فيه من خيبات ذروة سنامها مجلس النواب أول الخارجين عن القانون وأول من يعكر صفو الأمن ويقلق السلم الاجتماعي ويقدم النموذج البائس لثقافة عنف تزداد رسوخاً اليوم أكثر من ذي قبل.. وبعدئذ يستجوب وزير الداخلية والمعنيين عن الفوضى والاغتيالات والمظاهر المسلحة؛ وكأنهم هؤلاء البرلمانيون جداً مبرأون من اختراق القانون ومما يعملون على تناميه من تخلف باسم أطقم حراسة النائب أو خبرة النائب.. وتعتريك الحمى وزفرة الرعب حين ترى من يسنون القوانين ويشرعنون الحياة ويؤدون الديمقراطية, وفي نفس الوقت هم من يغتالون وطناً بقنابلهم وعتادهم العسكري واحتفائهم بالموت والتصويت بالإجماع على إزالة المظاهر المسلحة..
ويبدو أن ديمقراطية تحاصرها غابة من البنادق ستبقى مجرد حكاية وحظ عاثر لهذا البلد الذي يصنع الموت فيه نواب الشعب وقد طال ليلهم فينا وصاروا مجرد متلاسنين فيما بينهم، مذهبهم الكيد والضدية مع الآخر وإن كان على صح.. هكذا نواب الشعب هم من يخترقون القانون ويمارسون هزيمته ويذبحون الديمقراطية ويغتالون وطناً ويستجوبون الداخلية وهي لا تقل شأناً عنهم في حالها الرخو وبحثها عن أعذار تعفي بها نفسها من تحمل المسؤولية, لتحيل القبض على المجرمين إلى توقعات وتنجيم وضرب رمال ووعود طرية بقادم أفضل والفاعل مجهول.. حالة أشبه بالسريالية, أعضاء البرلمان يستجوبون الوزير عن فوضى السلاح وانتشاره، وعلى بوابة النواب تقع ترسانتهم المهولة، ووزير الداخلية يعد بالرد في أقرب وقت ممكن كتابياً، والسلاح وانتشاره مسلسل مستمر وثقافة أكثر عراقة في وطن اللبان والبخور والسلام.. ونقع أمام هذه (الفنطاسيا)على ديمقراطية لا نظير لها في العالم ولا يشبهها سوى أسواق القات بمسلحيها وغرابة طقم لا علاقة له بعابر يحمل كلاشنكوف وفي نظراته رغبة القتل..
وإذا أي وطن نقع عليه وكل ما فيه بؤس وجهل وعادات لم تكن ذات زمن فينا, حتى كادت الأرض أن تضيق من هذا المخيف والمزري والمتصل حتى بالوزراء الذين يتطلعون إلى بناء يمن حديث ودولة مدنية بكثير من أطقم حراسة ترافقهم وتنتهك حرمة قانون وتعكر صفو مدينة وتجهز على الأمل بهؤلاء الوزراء الذين يرغبون في استعراض قوة ضد مواطن في الرصيف, وبعلاقة تثاقف عجيبة وغريبة بين نواب البرلمان بعتادهم المرعب ووزارة الداخلية بوعودها تحسين الأمن مستقبلاً وحكومة وزير لها يرافقه ما يقرب من سرية.. فيما الوطن يتعرض للخوف, يصاب بالجنون حين لا يجد رجلاً رشيداً بين كل هؤلاء يفقه معنى النظام والقانون ويعتنق المحبة ويستنكر الذي يجري وما يتعرض له الوطن من أخطار ترافقه باسم حماية أمنية خارج القانون واختصاص الجهات الأمنية..
وترى زيادة على ذلك خبرة الشيخ وما أدراك ما خبرة الشيخ جن الجن, تخصصهم البحث عن مجال لخوف بشري يصنعونه حين يمر موكب الشيخ الذي يشكل عبوره حالة طوارئ كاملة وتتآزر مظاهر مسلحة وتتناغم مع التخلف حد اللا معقول، وعلى هامش الحياة نقع على تصريح واحتجاج من وزير ونائب برلماني وشيخ ينتقد حمل السلاح ويرى فيه إثماً كبيراً وبمجرد إطلاقه الكلام الحضاري يركب سيارته الفارهة ويلحقه مدججون بالموت اسمهم حماية شخصية وخبرة فلان, وتجد لا تصريح ولا ترخيص لأي واحد منهم بحمل السلاح أو بالمرافقة وكل يجلب له من قريته ما يجعله متفوقاً في العتاد ويصنع موتاً ويحمي ديمقراطية وينادي بالأمن.. هكذا نقع على هذيان حقيقي وجغرافيا متعددة المناخات ووطن شاحب تاعب ودراجة نارية تمارس اغتيالها الجريء في وضح النهار وتمر من شوارع وميادين وتجمعات وتقيد ضد مجهول، ويصير التخمين علم حديث تقول به وزارة الداخلية وتجعله أحد أهم مصادر تحقيق السعادة لبناء دولة مدنية حديثة تنعم بالأمن والسلام والاستقرار, فيما ثورة الشباب مجرد شعرات أصابها الكبر وتحولت إلى شكاء وبكاء وإلى إدانة لمصادرتها, وتصير بفعل التوافق والتقاسم أقرب إلى مشهد من( كاميرا خفية), فلا الثورة آتت أكلها، ولا من شكلته التوافقات أعارها قليلاً من الإنتباه وعبر عن البسيط حتى من تطلعاتها والتزم قيمياً بشيء من المدنية الحديثة المفترى عليها والتي ازدادت تخلفاً وبؤساً وإملاقاً وإطلاق وعود بالخير العميم والصبر الجميل..
وإزاء هذا النكد اليومي والمعاناة المستمرة تؤول الأمور أكثر إلى رتابة الاختيار وكل يريد أن يرضي حزبه وذاته ويشتغل غلى الربحية باسم الثورة والوطن ويصير نصف حل وتوافق بليد هو التذبذب بين جلادي وطن يتقنون الخراب، ويقدمون رؤى للتقدم والتنمية ويتبارون في صناعة الخوف وينشدون معه السلام ويحتفون بالقهر ويطلقون لنا الأحلام, وتبقى مؤشرات الخيبة أكثر فاعلية وستكون معبأة بالموت وما هو بعد الموت حين يبدأ حوار الجبابرة وتحديات المتحاورين وما سيأتون به من منافع لهم ومغارم علينا ونجد كل متحاور برفقته حمايته من شر حاسد أو ماكر أو حاقد ومن ذات التباين المفجع يبحثون عن حلول وسط واتفاقات توقع ومراسيم تتم وحافز مادي يستحق النضال من أجله, ويغدو الوطن بين ركام القهر شريداً طريداً تخيفه دراجة نارية وعضو برلماني ووزير وشيخ ومتحاور له وجاهته عثر على مرافقين بالعتاد ضدنا نحن الغلابا..
وإذاً تحديات القادم, كيف نزيل السلاح من هذه القوى الديمقراطية جداً؟ كيف يرضخ صناع الاستبداد والخوف إلى القانون ويؤمنون به ويكفون عن تناول البندقية مع أول إشراقة شمس يتجهون معها إلى الوزارة أو جلسة برلمانية أو لقاء قبلي أو حوار يضيق بالحوار؟.. أما الداخلية بكل ألويتها ومعسكراتها ونجدتها وأمنها المركزي, فنقول: رب دراجة أقوى من ترسانة وتنجيم يخارجك ولا اعتراف يحنبك.. وللوطن الرائع الذي نتوق نقول ماقاله أبو الطيب المتنبي:
            وسوى الروم خلف ظهرك روم
                                          فعلى أي جانبيك تميل

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد