في المقالات السابقة عن المخالفات التي تجري في مركز النوع الاجتماعي تبين للقارئ الكريم أن تقرير لجنة التعليم العالي المكلفة بالتحقيق فيما يحدث في المركز قد أثبت وجود مخالفات كثيرة من أهمها: فصل برنامج الدراسات العليا عن إدارة المركز وتعيين مدرسين غير متخصصين في البرنامج، وتمرير وثائق البرنامج ومعاملاته دون المرور بالمجالس العلمية القانونية، وعدم وجود قاعدة بيانات لطلبة البرنامج في نيابة الدراسات العليا بالجامعة، وتكليف شخص واحد بكل الوظائف المالية والرقابية بمفرده في المركز، ومخالفة النظام المالي في المركز لما هو معمول به في المؤسسات المختلفة، وغياب الشفافية في المركز، كما أثبت التقرير أن الإقالات التي تمت لمن قدم الشكوى للتعليم العالي كانت بطريقة تعسفية، وأن التعيينات الجديدة تمت بلا معايير..
و جاء في التقرير ما يوضح أن العمل في المركز يسير وفق المزاجية والمصالح الشخصية ؛ وهذا واضح من هيكلية المركز الجديدة فقد نص التقرير ( ص 4 ) على أنه "تبين للجنة التحقيق من خلال الاطلاع على هيكل المركز المقترح من قبل مديرة المركز الحالية (ب-ز) والمرفوع لرئيس الجامعة بتاريخ 24/12/2012 مرفقا برسالة في نفس التاريخ، أن رئيس الجامعة اعتمد الهيكل المقترح دون عرضه على مجلس إدارة المركز للموافقة عليه، وتبين عدم وجود مدير مالي لبرنامج الدراسات العليا في الهيكل، مما يدل على أن المقترح وضع فقط لاستبعاد المدير المالي (ع- الق) الذي يشكو من عدم الشفافية في الإجراءات المالية في برنامج الدراسات العليا، واتضحت النية كما تبينه رسالة تحت رقم (156) وتاريخ 9/1/ 2012 م من قبل المديرة الجديدة لترشيح (ع-م-ع) مديرا ماليا للمركز" وهذا ترشيح جديد (ع-م-ع) إضافة إلى الوظائف المالية والرقابية التي يتولاها من قبل والتي تعد مخالفة صريحة للقانون...
وبمباركة رئيس الجامعة (طميم) للمقترح قامت المديرة الجديدة بتطبيقه وارتكاب مخالفات بالجملة، وهذا ما أشار إليه التقرير (ص 7)، حيث ذكر التقرير أنه " تبين الاستغناء عن ثلاثة من الموظفين الرسميين في المركز من الذين تقدموا بالشكوى دون إبداء الأسباب، وتبين تعيين رئيسة لقسم البحوث من خارج الجامعة لا تنطبق عليها شروط الوظيفة، وتبين تعيين رئيسة لقسم المعلومات والتوثيق أيضا لا تنطبق عليها الشروط، فهي من الموظفين المتعاقدين و غير متخصصة، وتبين تعيين مدير مالي للمركز وللبرنامج معا (ع-م-ع)وهو لا يحمل سوى الثانوية العامة وتكليفه بكل الوظائف المالية والرقابية، وهذه المخالفات كلها تمت بناء على مقترح المديرة الحالية( ب- ز) دون إبداء الأسباب سوى إعادة الهيكلة"..
والذي يثير السخرية فعلاً هو المبرر الذي قدمه رئيس الجامعة عن سبب موافقته على قرارات المديرة الجديدة المخالفة للقانون وعن سبب إقالة الإدارة السابقة، حيث أشار التقرير(ص 5) إلى أن رئيس الجامعة " أوضح أنه اتخذ القرار بتنحية كامل الفريق الإداري للمركز واستبداله بفريق آخر لتسيير عمل المركز ولتجاوز العثرات التي كادت تودي لفشل المركز برغم أنه لا توجد خروقات أو ممارسات فساد-حسب قوله- من الفريق السابق للمركز" هذا نص كلام (طميم) الذي اعترف فيه أنه أقال الفريق السابق بدون مبررات قانونية، وأنه استبدله بفريق جديد لتسيير العمل.
وكلامه هذا غير صحيح، ويعطي الحق لفريق الإدارة السابقة بمقاضاته، أما ادعاؤه أنه يريد تسيير العمل فهو كلام منافٍ للحقيقة، ولا يطابق الواقع أبدا، فلم يستبدل الفريق السابق بفريق جديد أبدا، بل التف على بعض الأشخاص في الإدارة السابقة وهم الذين طالبوه بإيقاف عملية الفساد في المركز فاستبعدهم وأعاد للمركز بنص قراراته المخالفة كل من تسببوا في المخالفات القانونية من الإدارة السابقة وأقال فقط من تقدموا بالشكوى لوزارة التعليم العالي، وهذا دليل قاطع على أنه كان يقصد بـ(التسيير وتجاوز العثرات) تسيير المخالفات وإزاحة العراقيل من أجل استمرار الفساد..
وكما هو معروف للجميع، فقد كان رئيس الجامعة الأسبق يجيد المراوغة والمغالطة وضرب المواعيد العرقوبية، وحينما يجد نفسه في مأزق يتهرب من المواجهة أو يتعمد تجاهل الموضوع حتى وإن كان الموضوع يؤدي إلى كوارث، فقد سبق وتجاهل متطلبات الطلبة الحقوقية في تحسين التعليم الجامعي وتهرب من احتجاجاتهم السلمية المطلبية حتى تحولت احتجاجاتهم إلى ثورة لم تكن في الحسبان، وهكذا هو يجيد التهرب من المسئولية حتى أثناء التحقيق في فساد مركز النوع الاجتماعي، وحسب نص تقرير لجنة التعليم العالي؛ فقد تجاهل رئيس الجامعة الأسبق–أثناء التحقيق- توضيح بعض الأمور منها:
- قيام رئاسة الجامعة بتغيير ختم المركز دون علم أو إبلاغ إدارة المركز.
- وجود حساب غير معروف للمركز.
- المعايير التي على أساسها تم اختيار الفريق السابق للمركز.
- المعايير التي على أساسها تم اختيار الفريق الحالي للمركز.
- عدم هيكلة المركز وفق المعايير التي تقدمت بها الجهات المانحة.
- عدم إصدار لائحة للمركز تتفق مع قانون الجامعات ولائحته التنفيذية.
- عدم إصدار لائحة للمركز تستوعب الهيكلة المقترحة من الجهات المانحة ولا تتعارض مع قانون الجامعات ولائحته التنفيذية.
- سبب فصل البرامج المدعومة في مختلف المراكز عن مجلس الجامعة، مما يهمش الدور الإشرافي على هذه المراكز.
- وقد استنكرت اللجنة هذه المخالفات وموقف رئيس الجامعة منها، وفسرت ذلك في التقرير (ص 8) بالقول : "ربما فُهمت الهيكلة على أنها تغيير أشخاص بدون الرجوع إلى المعايير، بل وتجاوز أصحاب المؤهلات والتخصصات المطلوبة للوظيفة العامة، الأمر الذي يستدعي التحقيق الجاد في المخالفات المشار إليها مع كل من له علاقة بهذه المخالفات "..
ونحن نضم أصواتنا إلى أصوات أعضاء لجنة التعليم العالي بضرورة إعادة فتح ملف مركز النوع الاجتماعي والتحقيق الجاد في كل ما حدث من مخالفات..فهل ستبادر إدارة الجامعة الحالية بتحقيق هذا الطلب المشروع وتضع النقاط على الحروف، أم أن انتظارنا سوف يطول؟!!.. نتمنى أن تمنح الإدارة الجديدة المركز جزءاً من الوقت وتحقق في هذه القضايا بحيادية مطلقة، وهذا ما نريده، وسنظل متمسكين به حتى يتحقق العدل ويتم تطبيق النظام والقانون على الجميع في مركز النوع الاجتماعي.
أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية –جامعة صنعاء – suadyemen@gmail.com
د.سعاد سالم السبع
مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء.. حيثيات جديدة للمناقشة!!(الحلقة الرابعة) 1744