أرى البشائر تترى في نواحيها.. من بعد يأسٍ طغى من فعل طاغيها
لامني بعض الأخوة المحبين الصادقين على كتاباتي في "أخبار اليوم".. كتابات فيها أحياناً هجوماً على مجرمي الأمة, ودفاعاً عن الشعوب, خاصة بعض فئاتها التي سحقت كثيراً, وحرمت كثيراً, واضطهدت كثيراً وكذُب عليها وزُور عليها وحُكم عليها على يد قضاة عسكر لم يعرفوا أن الله أكبر.
قال لائمي, بل طرح تأسفه على قريب لي ليوصل لي رسالته, وهو محب فعلاً يميل إلى عدم جرح أحد ولو بحقد, فقال لقريبي: هذه الكتابات وأمثالها تصلح لغير الدكتور/ غالب, فهو عند أكثر الناس محترم ينبغي أن يحافظ على احترامه ويزداد, وصل الخبر, والرأي, واستحسنته, لكني لما جئت أكتب البشرى التالية وجت نفسي مشدوداً إلى الطريقة التي أسير عليها وفيها منذ زمن طويل في كتاباتي الصحفية, لكني أحمد الله أني لا أقع في الكذب, ولا الشماتة, ولا الاعتماد على أقوال المغرضين, ولا على الأوهام وأضغاث الأحلام.
ولاشك أن صاحبي قد تابع مقالتي التالية لنصيحته, فقرأها فوجدها لا تختلف عن سابقاتها! فلم يكرر النصيحة.
بشرى اليوم:
كان يمكن أن أتابع البشريات المتتالية في مصر, خاصة أن نتيجة المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور قد جاءت كاشفة عن وعي المصريين, وإدراكها لأعدائهم في الداخل والخارج, وجاءت مخيبة لأمال المتأمرين على ثورة مصر وعلى الخطوات الإيجابية المتسارعة, لكني آثرت أن أكتب عن بشرى عرَّت الشعب اليمني, ومحبي الشعب اليمني ألا وهي القرارات الصادرة عن رئيس الجمهورية في 19 هذا الشهر حول ترتيب الجيش والأمن.
كيف كانت هذه القرارات بشرى لليمنيين؟
لاشك أن اليمنيين أنتظروا كثيراً وقلقوا وتخوفوا من استمرار انقسام الجيش والأمن, وكانوا قد قبلوا قانوناً أصدره مجلس النواب هم له منكرون, لكنهم ظنوا أن "قانون الحصانة" مقابل التخلي الكامل عن السلطة والقوة التي هي للشعب, الرضى بما معنى في ثلاثة عقود تسلط وظلم ونهب للمال .. وتم قمع من يتظاهر أو يستنكر ما يجري!.. وتناسى اليمنيون المآسي خاصة قتل الأبرياء المسالمين, وهبوا وأقبلوا إقبالاً كبيراً على انتخاب رئيس بديل بدون تضليل ولا ترحيل, ولا ترغيب ولا ترهيب, وكانوا يظنون أن انتخاب الرئيس ينهي كل إشكال في السلطة والجيش والأمن وسيأتي قانون العدالة ليحقق العدل لكل من تضرر من عدوان النظام السابق؟! لكن هذا القانون لم يجد الحماس والدفع من الخارج كما وجد قانون الحصانة, لأن الطرف المحصن يرى أنه أحسن وقد أصبح في مأمن. عرقل قانون العدالة, وعرقل أي إصلاح جذري وتشبث بما بين يديه من إمكانات الدولة والناس ينتظرون القرارات الحاسمة, رغم أن الرئيس الجديد المنتخب قد اتخذ قرارات كثيرة كانت مهمة بحق لاتخاذ القرارات الأخيرة, لكن لم يتابعوا ولم يقتنعوا حتى جاءت هذه القرارات فاسبشر الجميع, وحق لهم ذلك وانبرى بعض الناس كعادتهم يشككون في جدوى هذه القرارات وأهميتها, وأنها لن تنفذ, وأنها لا تكفي.. مع أن هذه القرارات قد جاءت تحت مطالب وضغوط شعبية, وخارجية, ورفض القوى الفاعلة الاشتراك في أي حوار حتى يوحد الجيش والأمن, ولا أظن هذه القرارات إلا مدروسة مضمونة النفاذ.
والحقيقة أن هذه القرارات جاءت مبشرة للجميع حتى المتمترسين وراء تلك القوة, والانقسام, فهم كغيرهم محتاجون للراحة والاستقرار النفسي وطرد الخوف, والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة والاستغفار والبحث عن صلح نهائي يحقق العدالة ويهيئ للبناء وتجاوز الشقاء والبلاء. فما من أحد إلا سيستفيد من الوحدة والتوحيد, إلا دعاة الفرقة والفتنة الذين يظنون أنهم سيصلون إلى مآربهم باللعب بالنيران, والسير فوق أشلاء الأبرياء.
هؤلاء لم يدركوا المتغيرات, ولم يؤمنوا بعدالة للجميع, ومساواة بين الجميع.
د.غالب عبدالكافي القرشي
بشائر ..... 2023