;
د. محمد عبدالله الحاوري
د. محمد عبدالله الحاوري

مصلحة اليمن هي الإطار المرجعي للحوار 2106

2012-12-25 11:19:24


إن الحوار اليمني الـيمني هو السبيل الآمن لعبور المشكلات الكثيرة التي تواجه اليمن في ميادين كثيرة، إذ تعقد الآمال على حوار حقيقي قادر على الاستماع للذات اليمنية، الاستماع الواعي ثم قبول النافع المفيد من أحسن القول، عملاً بقول الحق سبحانه: "فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه" فليطرح كل طرف ما لديه ثم يتناقش الجميع حول النافع المفيد الذي يعود بالخير والبركة لكل فرد في اليمن في الحاضر والمستقبل، حيث يبدأ اليمني في اكتساب حقوق المواطنة في اليمن من لحظة دخول الحيوان المنوي في البويضة.
إن التمسك بمصلحة اليمن العليا في أطروحات المتحاورين وردود بعضهم على بعض هي بوصلة السير لليمن الجديد، وبحيث تكون نجاة سفينة الحياة اليمنية نصب أعين الجميع، فاليمن جسد واحد يتطلع أن يكون له دور أكبر بتماسكه وتلاحمه وتعاضده، ومعالجة الأخطاء التي ارتكبها النظام العائلي البائد لا بد من إنجازها وبأسرع وقت ممكن، وفي الوقت نفسه لا نعالج الأخطاء بالخطايا فالانفصال والتشظي يعالج أخطاء الشماليين بخطايا من الجنوبيين وهذه مشكلة بحق، فالشمال والجنوب والشرق والغرب والسهل والجبل والصحراء والبحر مكونات في اليمن العظيم ولكنها مكونات للتنوع لا للاختلاف والتنازع.
إن الحوار اليمني/ اليمني يمثل ميدان حكمة يمانية تعلي من شأن القيم العظيمة، التي يتحلى بها هذا الشعب الكريم، الذي يسمو فوق جراحه مهما كانت عظيمة، وبتعبير أحد أمهات شهداء ثورة الشباب وهي تتحدث عن ابنها الشهيد: لأجل اليمن يرخص كل غالي. ويعتبرون ذلك فخرا يقول أحد آباء الشهداء: لأجل اليمن فخر أن ابني شهيد. وهذا يعني أن الحوار يجب أن يأخذ نبل هذه المعاني، وأعظم الناس نبلاً هم الشهداء في كل ميادين اليمن قديماً وحديثاً الذين بذلوا المهج لأجل أن تحيا اليمن حياة كريمة عزيزة.
إن المتحاورين بكل فئاتهم مهما تنازلوا لأجل اليمن لن تكون تنازلاتهم شيئاً يذكر بجوار تضحيات الشهداء الكرام، ومن المهم جداً أن ندع الأنانية جانبا، فبسبب من الأنانية يتصور بعض الناس أنه يمثل الطرف هذا أو الطرف ذاك، حتى لا يتصور بعض المعتدين أنهم يمثلون محافظات اعتدوا عليها، واليمن اليوم تحتاج أن ننصفها من أنانياتنا تلك الأنانية التي تؤدي إلى التناحر، وتوصل إلى الصراع.
إن الحوار اليمني اليـمني مجال مهم جدا لظهور معاني الإخاء الذي تربع على قمته آباؤنا الأنصار حين كانوا يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن هذا المنطلق نقول بكل أمانة وصدق: إن التعويضات مهما كان حجمها هي أقل بكثير جداً من مرارات المظالم التي تجرعها أهلنا في الجنوب، ولكنها بلسم جراح ومهما كانت فهي تقدم باعتبارها حقاً إلى أناس يمنيين، وستعود خيراً على اليمن، فهي ستنفق ضمن الاقتصاد اليمني في نهاية المطاف، وبالمقابل فإن اليمن تكسب نفسها إلى نفسها حين تدرك كل الأطراف بل كل فرد يمني أن الوطن هو بيته الحقيقي, بيته الذي يسكن فيه على الحقيقة، وأن المجتمع اليمني هم أهله وناسه وعشيرته، أو بتعبير أدق إن المجتمع اليمني هو عائلتي الكبيرة، ومظاهر الإخاء أكبر من أن نفرط فيها لأجل مصلحة وقتية لطرف أو فئة، ونتناسى أن الوطن اليمني باق بكل أبنائه.
إن واجبات الإخاء تحتم على كل واحد منا أن يدرك واجبه وأن يقوم به، وأن يجعل ذلك ميدان عبادة لله عز وجل، فيعبد الله عز وجل من خلال وطنيته وأمانته التي تجعله حريصا على كل يمني حرصه على نفسه، وأن يحب الخير لكل يمني كما يحبه لنفسه، وأن يسعى جاهدا لرفع المعاناة عن كاهل اليمن، فالجسد الواحد الذي يمثله الإيمان مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، هذا الجسد يحتاج إلى رفع المعاناة عن كاهله فالتخلف معاناة أضرت بالإخاء، ورفع الظلم عن أبنائه في كل شبر من الوطن وفي مقدمة ذلك قضية أهلنا في الجنوب الذين ظلموا في العهد البائد، ونالهم جور شديد وحرموا من حقوقهم المشروعة وصودرت تلك الحقوق بصورة ظالمة، فالواجب الديني والوطني يحتم أن ترفع تلك المظالم عاجلاً غير آجل.
إن الحوار اليمني الـيمني لن يخلو من المنغصات وأهمها الأنانية التي سبقت الإشارة إليها فالأنانيون لا يصنعون وطناً، ولا يبنون أمة، ولا يقيمون لشعوبهم وزناً؛ لأن أولئك الأنانيين لديهم تضخم في الأنا, فهم يرون أنفسهم ويتجاهلون كل الناس حتى من يعملون معهم يبيعونهم في أول فرصة، وهؤلاء الأنانيون خطر على أنفسهم بقدر خطورتهم على اليمن، لأن الأناني إنسان عاجز ومعاق نفسياً وذهنياً، ولا يمتلك القدرة على الحياة في مجتمع متحضر، ولا يستطيع أن يرى إلا ذاته الأنانية فقط.
ويواجه الحوار اليمني اليـمني مشكلة أخرى هي أصحاب المصالح غير المشروعة من النظام السابق، هؤلاء المتربحون من الفساد، اغتنوا من المال العام، وأصبحت لديهم ثروات طائلة من أخذهم أموال الناس بالباطل، هؤلاء يرون في نجاح الحوار خطراً عليهم, لأنه يعني فقدان أرض اعتدوا عليها بقوة السلاح، وادعوا أنهم يمثلونها، أو بقايا مدت يدها لخزينة الدولة وأراضيها تنهب وتعبث، هؤلاء يخشون الحوار ويرفضون أن تتوحد مؤسسة عسكرية قوية تبسط نفوذها على كامل التراب اليمني.
ويواجه الحوار مشكلة أخرى هي التدخل الإقليمي لدول تعتبر اليمن إرثاً تاريخياً من زمن دخول الفرس إلى اليمن، وهذه الأطراف الإقليمية تريد أن تجعل اليمن ورقة تلعب بها كما تلعب بالورقة السورية، فأصبحت دماء السوريين ورقة في يد ذلك الطرف الإقليمي الذي لا يخاف الله عز وجل، ولا يوجد في قلبه رحمة إنسانية أصلاً، وهم يريدون أن يجعلوا اليمن ورقة أخرى، فيلعبوا بورقتين، أو ورقة بديلة بيدهم إذا خسروا ورقة سوريا.
ويواجه الحوار مشكلة كبيرة لا تقل خطراً عن المشكلات السابقة كلها وتتقدمها في الأهمية, إنها ضعف التوعية بأهمية الحوار وضرورته وكيف يكون الشعب اليمني ضامن حقيقي لنجاح الحوار.. لقد مرت اليمن بتجربة الثورة السلمية ورأينا كيف يحرس الشعب ثورته، من خلال بقاء الثوار في الساحات وصمودهم على مدى عامين كان ذلك هو الضامن لكل تعطيل حاولته قوى الظلام في النظام السابق وأتباعه وأشياعه، ومن هنا فإن على اليمنيين وعلى كل فرد أن يكون جزءاً ضامناً لنجاح الحوار، نريد أن تستقر بلادنا، نريد الحكم الرشيد، والعدالة الاجتماعية، نريد دستورا يعبر عن اليمن يمن الإيمان يمن الحكمة يمن الفقه يمن الأنصار يمن الأخوة والإيثار، نريد الشراكة في الثروة والسلطة لكل يمني في كل شبر من الوطن له حق في الثروة والسلطة، وهذا يعني أن تكون الجماهير اليمنية هي الضامن الحقيقي لنجاح الحوار اليمني الـيمني المرتقب إن شاء الله.
 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد