أحدثت القرارات الرئاسية الصادرة يوم الأربعاء الماضي الموافق 19 ديسمبر 2012م الخاصة بإعادة هيكلة وتنظيم القوات المسلحة اليمنية, أحدثت انتعاشاً سياسياً وثقافياً وفكرياً واسع النطاق, لما تمثله هذه القرارات من أهمية بالغة على المدى الاستراتيجي.
الأهداف الرئيسة لهذه القرارات:
استهدفت هذه القرارات بدرجة مباشرة إنهاء الانقسام الحاد الذي حدث في القوات المسلحة ليس فقط خلال العامين المنصرمين، بل ومنذ سنوات طوال وبالتحديد حينما تم إنشاء وحدات عسكرية كبيرة وتعيين قادة لها ليس اعتماداً على معايير الكفاءة والأقدمية والتأهيل , بقدر اعتماد معايير القرابة والولاء للنظام السابق ولرئيسه شخصياً ولم تخضع هذه الوحدات لوزارة الدفاع إلا شكلياً وفي حدود حاجة هذه الوحدات وأمزجة قادتها.
ولذلك نصت هذه القرارات ضمنياً على إلغاء هذه المسميات (الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والفرقة الأولى مدرع وغيرها من التشكيلات) التي لم تكن تأتمر بإمرة وزير الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة بل بإمرة قادتها الموالين لشخص الرئيس السابق فقط .
كما استهدفت هذه القرارات توحيد القوات المسلحة تحت قيادة موحدة هي وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة وهو الوضع الطبيعي الذي كان يجب أن يكون وهو أيضاً الوضع المعمول في سائر بلدان العرب والعجم.
الهدف الآخر لهذه القرارات يكمن في التأسيس لإعادة تنظيم وبناء القوات المسلحة على أسس وطنية وعلمية ,أي أن تبنى هذه القوات ليكون ولاؤها المطلق للوطن وليس لحزب أو رئيس أو مذهب أو قبيلة أو منطقة , وأن تبنى على أسس موضوعية تعتمد على معايير الكفاءة والأقدمية والنزاهة ووضع القائد المناسب في المكان المناسب وليس على معايير الولاء والمحسوبية والفساد التي سادت خلال السنوات الماضية.
أما الهدف السياسي الأهم من هذه القرارات فهو تأمين الحوار الوطني الشامل المسؤول الذي سيضطلع ببحث ووضع الحلول الجذرية العادلة والمنصفة لمختلف القضايا الحيوية الرئيسة وعلى رأسها قضية الجنوب.
الهدف النهائي لهذه القرارات يكمن في تأمين التحول السياسي السلمي الذي أحدثته الثورة الشبابية الشعبية السلمية وخلق ظروف ملائمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والحياة الآمنة والمستقرة للشعب سيراً نحو بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة الديمقراطية.
مضمون القرارات :
تتمحور مضامين ونصوص هذه القرارات حول نقطة جوهرية أساسية هي البناء النوعي الحديث للقوات المسلحة المستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة ومتطلبات العصر والتطور الهائل في النظم والتشكيلات والتسليح والتقنية والتجهيزات العسكرية وتطور وسائل الصراع والحرب شكلاً ومضموناً.
أما التفاصيل فتتعلق بهيكلة هذه القوات بدءاً من القيادة العليا للقوات المسلحة المتمثلة في رئيس الجمهورية القائد الأعلى رئيس مجلس الدفاع الوطني ووزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة مروراً بالمناطق العسكرية والمحاور العملياتية وانتهاءً بالوحدات التكتيكية (الألوية , الكتائب والسرايا.. الخ) التي سيتم إعادة هيكلتها وبنائها بشكل قانوني منظم وممنهج.
وحسب اعتقادي سيتم التركيز على بناء ونشر القوات وفقاً لمسرح العمليات والظروف الميدانية والتحديات والعدائيات المحتملة , وبشكل أوضح ستكون القوات المسلحة لحماية السيادة الوطنية ولتأمين التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبالتالي فسيكون وجودها على الحدود البرية والبحرية وسماء الوطن ولحماية المنشآت الحيوية الإستراتيجية، أما غير ذلك فمن مهام واختصاصات وزارة الداخلية وأجهزتها المتخصصة والخاضعة لقيادتها وسيطرتها.
إذاً لا مبرر لبقاء وتكديس القوات والمعسكرات في المدن وفي صنعاء تحديداً لحماية هذا الشخص أو ذلك, فالحامي هو الخالق سبحانه وتعالى والعمل النزيه والشريف.
وسيتم إعادة بناء وتنظيم القوات الجوية والدفاع الجوي والقوات البحرية والدفاع الساحلي وحرس الحدود وقوات الاحتياط الاستراتيجي المتمثلة بمجموعة الصواريخ والحماية الرئاسية والقوات الخاصة وألوية الصاعقة ومكافحة الإرهاب ولواء المشاة جبلي على أسس وطنية وعلمية ونوعية حديثة وبموجب مقتضيات الدفاع المتين والأكيد عن حدود وسماء ومياه الوطن.
تنفيذ القرارات :
حددت هذه القرارات بوضوح الآلية التنفيذية لتحويل هذه القرارات إلى واقع عملي ملموس في موادها المتعلقة بالتنفيذ ووضع الخطط والإجراءات اللازمة تنظيمياً وقانونياً ومادياً وبشرياً وفقاً لجدول زمني دقيق تضعه وزارة الدفاع وهيئاتها المختصة ولجنة الشؤون العسكرية يستوعب متطلبات إعادة التشكيل وظيفياً ومهنياً ويشمل الإجراءات التنفيذية لمعالجة مشكلات واقع الحال وحلول مواجهة التكاليف والتبعات وسنأتي على التفاصيل في مواضيع لاحقة إن شاء الله.
*باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
ثابت حسين صالح
أهداف ومضامين القرارات الرئاسية الخاصة بهيكلة القوات المسلحة 1771