تعد قرارات الرئيس هادي الأخيرة , خطوة مهمة في طريق إعادة بناء المؤسسات العسكرية والأمنية على أسس ومعايير وطنية جديدة , ووفق ما كانت تهدف إليه الثورات اليمنية سبتمبر وأكتوبر ..
كما أن هذه الخطوة تأتي كمقدمة حقيقية للدخول في مؤتمر الحوار الوطني الذي تعلق عليه الكثير من الآمال للخروج بحلول ومعالجات لكافة الأزمات والمشاكل والقضايا العالقة والحاضرة في المشهد السياسي اليمني .
القرارات التي جاءت أيضاً لتكسر حالة الجمود السياسي وتحرك المياه الراكدة في المسار الثوري , أعادت الأمل للكثير من أبناء هذا الوطن خصوصا والأوضاع الأمنية تزداد سوءاً من يوم إلى آخر , ما يجعلهم يجهلون المستقبل وما يحمله لهم .
وفي تقديري انه لم يسبق لقرارات جمهورية أن لقيت ارتياحاً واسعاً في أوساط الشارع اليمني , كما هو الحال مع هذه القرارات, فقد كانت ردود أفعال الشارع جميعها إيجابية وتعبر عن حجم السعادة والفرح التي صنعته هذه القرارات بين صفوف الشعب اليمني الذي يتوق إلى الأمن والاستقرار والسكينة العامة.. ربما لأن الظروف والأوضاع الأمنية التي تمر بها بلادنا , واستمرار حالة الانقسام في المؤسسة العسكرية والأمنية , كان لذلك دور في جعل هذه القرارات ذات أهمية كبيرة بالنسبة للغالبية العظمى من أبناء الشعب , إلا أن الأهم من ذلك هو أنها جاءت لتلبي أحد أهم المطالب الشعبية الثورية في إعادة توحيد وهيكلة المؤسسات الأمنية والعسكرية وفق الإرادة الوطنية , كما أنها - أي القرارات - فتحت آفاق جديدة للآمل والتفاؤل في ظل مشهد سياسي صعب ومعقد وتكتنفه الكثير من الغموض , وفي ظل تنامي حالة التوتر والاحتقان بين الأطراف العسكرية وتصاعد المخاوف من تجدد المواجهات والاشتباكات المسلحة بين القوات الموالية للثورة , والقوات التي يسيطر عليها نجل الرئيس السابق .
لقد ظلت المؤسسة العسكرية والأمنية ولأكثر من ثلاثة عقود خارج الإطار القانوني والوطني وفي سياق لا يخدم المصلحة العليا للبلد والشعب , لكونها كانت أشبه ما يكون بالمختطفة قسرياً من قبل أشخاص هدفوا إلى تحويلها من مؤسسة وطنية تعمل على حماية السيادة الوطنية وحقوق ومصالح الشعب , إلى مؤسسة خاصة تعمل على حماية مصالحهم ومواقعهم المتقدمة .
الآن فقط استطيع القول أننا أعدنا الاعتبار لهذه المؤسسة العظيمة , ومعها أيضاً أعدنا الاعتبار لأهداف الثورتين اليمنيتين سبتمبر وأكتوبر , في تأكيد حقيقي لمصداقية مشروع ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية الذي يهدف إلى إعادة الاعتبار للثورات اليمنية بعد أن تم الانحراف بها عن مسارها الصحيح وخلافاً لما نصت عليه أهداف ومبادئ تلك الثورات في جنوب الوطن وشماله .
اليوم نحن أمام بوادر عديدة تلوح في الأفق وجميعها تؤكد قدرة اليمنيين وشجاعتهم في التغلب على كافة الصعوبات والمعوقات التي تعترضهم وتعيق تقدمهم , طالما وأنهم تمكنوا من تجاوز ملف الهيكلة وموضوع ظل من أهم وأبرز المواضيع التي أثارت الجدل خلال المرحلة السابقة , وما تسبب به من مخاوف كانت تتزايد حدتها كلما حاولنا التقدم خطوة نحو هذا الملف والذي سيطر على المشهد السياسي خلال المرحلة السابقة ومنذ التوقيع على المبادرة الخليجية العام الماضي .
وما يؤكد هذه الحقيقة هو ردود الأفعال الايجابية لمختلف الأطراف والقوى السياسية والعسكرية, لاسيما المعنية بتنفيذ هذه القرارات دون أن يكون هناك أي ردة فعل منهم تنم عن رفض أو تمرد , وهي الردود التي لم نكن نتوقعها مطلقاً,على اعتبار أن المرحلة السابقة كانت قد حملت لنا الكثير من المخاوف وأفقدتنا الثقة في الرهان على العقل والحكمة واليمنية .
ويبقى لي أن أشير هنا بأن قرارات الرئيس هادي وما سينتج عنها من أشكال جديدة تنظم شؤون المؤسسات الأمنية والعسكرية واثر ذلك على الحياة العامة , كل ذلك يعد خطوة أولى في الطريق الطويل لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة..
وبهذا نكون كيمنيين قد وضعنا أولى خطواتنا في الطريق إلى المستقبل الأفضل والمشرق الذي تنشده كافة جماهير الشعب اليمن , الفضل بهذا يعود إلى تلك التضحيات الجسيمة والضالات المستمرة لجماهير الشعب اليمني وبفضل تلك الدماء والأرواح الطاهرة التي سقطت خلال مسار ثورة التغيير السلمية , وبعد أن سطرت لنا معانٍ جديدة للحرية والكرامة والنضال السلمي .
أ. محمد شمسان
قرارات الهيكلة.. آفاق جديدة لمشهد سياسي يكتنفه الكثير من الغموض 1896