القراءة والكتابة ظاهرتان متلازمتان لوعي الإنسان وتفكيره مهما كانت الأسباب والدوافع المختلفة، فلا تتوقفان عند حدث ولا تنحصران بفترة زمنية محددة، بل هما فعلان يأتيهما الفرد بتلقائية وإصرار والتزام وشغف ويفرزان إنتاجاً بشرياً يظل حياً لفترات طويلة ويحمل في طياته معاني الرقي والتفوق وقدرات التمييز والإبداع ومهارات التفكير السليم وتمثيل المشاعر الإنسانية في أقسى اللحظات وأجمل المواقف، فنحن حينما نكتب نُطلق عنان أقلامنا للتعبير عن الخوالج ونُحلّق في سماء الفكر، فلا بأس إن لاقينا بعض الانتقادات البناءة حول محور ما، فالكمال لله ولكن المهم أن نعي جيداً أين تكمن الأخطاء ونسارع إلى تصويبها وتخطيها ...
وبعيدًا عن أيّ هراء،أنا أكتب لأنّي لا أملك خيارًا آخر بديلًا لعيش هذه الحياة المتعثرة !
الكتابة ليستْ رفاهيّة ، إنّها حاجةٌ لعينة تُذلّك كثيرًا .
قد تكون الكتابة ترفًا للسعداء ، لكنها بالتأكيد للتعساء حاجةٌ مؤلمة قد تندمل جراحهم بعدها ، أو قد تبصق عليها بعضًا من الملح!
الكتابة مضيعةٌ للوقت في بعض الأحيان .. فلو كان الكاتب يعيش حياةً جميلة بكل فرحها و ترحها لن يحتاج للكتابة!
البائس الذي لا يعرف من الحياة شيء ، يكتب ليعيشها بين الحروف كما يتصدّق عليه خياله!
هؤلاء السعداء الذين يتطفّلون على الكتابة بكلّ ترفهم المزعج ، وبقرف وبجاحة الابتسامات التي يُحيكونها بحروفهم ؛ ستُستباح محابرهم يومًا و يُطعنون بأقلامهم!
فالكلمات التي نحب بها ..نخون بها ، نكذب بها أكثر مما نصدق ؛ و نعود لنصفعها باتهام باطل بأنها لا تُمثّلنا و لا ترتقي بالوصف لما نريد! و تعود لتمارس خيبتها مشيًا إلينا لنقتلها مرة أخرى.
لذا أتساءل دائماً إن لم تكن الكتابة هي الدواء، فهل تكن هي الوجع؟! ..بالفعل الكتابة وجع أنيق ..تدفع الكاتب إلى التمرد على صمت أوجاعه والثرثرة ممسكاً بقلمه وقلبه والحبر يُنزَف ..
لذا اعتدت دائماً على العيش بين الأحرف في جميع الظروف وأكثرها في الظلام القاسي
وأسلّم القلم هواجسي على طبق من صمت ليسلمها هو بدوره إلى حبره الذي لا ينضب.
الكتابة الذي يطالب البعض بثمنها لم يكن ثمنها بيوم سوى تعرية الوجوه التي باتت تحمل الزيف أكثر من الملامح وكما نطقت الكاتبة ريم محمود عن الكتابة : كتابُ الوجه (الفيس بوك): جعل وجوهنا بلا كتاب .
أخرجنا من غرفنا للعالم عراة المشاعر, مفضوحين أمام ملايين الغرباء .
أحلام المقالح
عن الكتابة أكتب 2004