منذ فترة طويلة وأتباع عائلة صالح تروج وتعبي الشارع بأن الإصلاح هو الحاكم الفعلي ليتحمل الإصلاح تداعيات الاختلالات القائمة وأخطاء كامل الحكومة ، وليس أخطاء ثلاثة من أعضاء الحكومة ، هم وحدهم الذين ينتمون إليه، والهدف واضح هو : العمل علي اهتزاز الثقة الشعبية بالإصلاح مع أن الإصلاح ينظر إلى المرحلة الحالية كمرحلة انتقالية مطلوب منها فقط إتمام عملية انتقال السلطة سلمياً والتأسيس لما بعدها.. وفي الحقيقة إن هروب حزب الإصلاح من تحمل مسئولياته في الإدارة والحكم ، وأخذ كامل نصيبه في المخصصات القائمة لها إيجابية كإعطاء رسالة تطمين والسير بالوفاق الوطني، ولكن السلبية انه أتاح الفرصة لقوى العنف وفلول النظام وأعداء التسوية للتوغل في مفاصل الدولة وفرض خياراتها على العملية السياسية, مع أن رموز نظام صالح لا يزالون في مناصبهم ولا تزال البلاد تدار بذات الأدوات السابقة واحتفاظ حزب المؤتمر بمواقفه.. ولهذا نجد أن الإصلاح وجد نفسه داخلاً في الخسارة خارجاً من الفوائد ،واختار تأجيل خوض تجربة الحكم ليتيح الفرصة للقوى الحاكمة قديماً والقوى الأخرى في الاستحواذ على مفاصل السلطة.
ونجد أن المشترك وعلى رأسه حزب الإصلاح لم يخرج من الثورة بشيء في السلطة يناسب حجمه.. وهنا نوجه سؤالاً لأنفسنا كإصلاحيين: هل نمتلك رؤية حديثة ومشروعاً حضارياً لإدارة البلاد، و نمتلك كفاءات وكوادر وطاقات ؟.. أقول :إننا نمتلك ما قد لا تتوفر لأطراف كثيرة ولكن المشكلة في الآليات وبالمقابل نرى العائلة ترتب تموضعها وبحثها عن تحالفات مع قوى العنف وأعداء التسوية السياسية وحتى مع قوى محسوبة على الثورة وعلى المشترك، ولا يزال المشترك يغض الطرف عن تحالفاته التي تتآكل بمرور الوقت بسبب الرتابة التي تضعف الروح الثورية ولا يشعر بأنه قد يخسر مما قد كسبه من الحضور الثوري ويلاحظ أننا في الإصلاح نفتقد لسياسة إعلامية ناجحة تناسب مع المرحلة ، كما أننا لا نمتلك ناطقاً رسمياً للتخاطب مع المجتمع المحلي والخارجي، ولا تزال علاقة حزبنا بوسائل الإعلام ورجال الصحافة مصبوغة بطابع القطيعة مقابل توغل إعلام الخصوم ولا شك أن الإصلاح والاشتراكي والناصري قد لعبوا دوراً كبيراً في تقوية بقية أحزاب التكتل وضمان بقائها وحمايتها من التفكك الذي اجتهد النظام السابق في تحقيقه ،ولكن هذا أدى إلى بعض الخسارة من قوته بتعاونه مع تلك الأحزاب الضعيفة.
وهنا أقول : كوجهة نظر قد لا تكون صائبة: إن أمام المشترك إذا ما أراد تعويض قوته والتحلل من الأعباء المتعاظمة, العمل على إعادة هيكلة المشترك وتحريره من بعض مكوناته التي ذهبت في اتجاه مناقض ،أو إجراء مراجعة جدية على أهداف المشترك وإعادة صياغة تحالفاته وسياساته بما يضمن توجيه وتوحيد الجهود في سبيل أهداف جديدة تواكب المرحلة والخروج من المنطقة الرمادية المقيدة ،وذلك بتوسيع التحالفات القائمة وبناء تحالفات جديدة تضمن إحداث فرز سياسي على أساس القوى الوطنية والقوى المؤيدة للثورة من جهة ،والقوى المعادية لها وحركات العنف وأصحاب المشاريع اللا وطنية من جهة أخرى والعمل على تكوين تكتل وطني جديد تحت أي مسمى يضم جميع أو أغلبية القوى المشاركة والمؤيدة للثورة وبما يضمن المشاركة في إنجاح العملية الانتقالية والدخول كقوى موحدة في أي عملية سياسية قادمة والشراكة في إدارة وبناء اليمن الجديد في ظل دولة مدنية حديثة ،ويمكن أن يضم للكيان أو التكتل الجديد الأحزاب الوطنية القديمة أو الأحزاب والقوى التي أفرزتها الثورة، ويمكن أن يشمل كذلك التيار الوطني في حزب المؤتمر ومساعدة الأخير في إعادة هيكلة ذاته والتخلص من صالح الذي يرأسه منذ تأسيسه ويصر على الاحتفاظ بمنصبه، إضافة إلى كتلة المستقلين وبعض القوى الجنوبية.. وبقاء الحال على ما هو عليه ستواجه الإصلاح والاشتراكي والناصري في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية مشكلات كبيرة ،كون الانتخابات تلك ستفرض معركة تنافسية بين قوى الثورة من جهة ،وبين فلول النظام وأعداء التسوية من الخصوم الذين سيصطفون مع الفلول نكاية بقوى الثورة أو بعض مكوناتها ولنا في التجربة المصرية عبرة.
محمد سيف عبدالله العدينى
هموم اصلاحي 1789