التلميذ ركن مهم من أركان الأسرة أولاً والمجتمع ثانياً وعملية بناءه مسؤولية تقع على عاتق الجميع وبناء المجتمع يقضي بالضرورة الإعداد الكامل والمتفاني في بناء الطفل وبناء بيئته، ولا تزال ظاهرة ضرب الطلاب منتشرة في مدارسنا خاصة الحكومية، حيث نقرأ وبكثرة هذه الأيام عن انتشار هذه الظاهرة والتي تعتبر غير حضارية وأسلوب غير تربوي ولا يليق بمعلمينا استخدامه كطريقة لردع الطلاب وتعديل سلوكهم مهما كان قدر الذنب الذي يقترفه بعض الطلبة،ولا يزال بعض المعلمين يرددون أن استخدامهم الضرب كوسيلة لمعاقبة الطلبة هو أفضل أسلوب يجدونه، لما يرون من مخالفات جسيمة يقع فيها أولئك الطلبة، بحيث لا يجدون أفضل من هذا الأسلوب، متناسين أن للضرب عواقب نفسية وخيمة على أبنائنا وله أثر سلبياً كبيراً على ردود أفعالهم بعد تعرضهم لأسلوب ليس له تفسير سوى استخدام العنف لإيقاع عقوبة جسدية ونفسية على الطلاب.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه المعلمون أن الضرب أسلوباً رادعاً للطلبة نجد الرفض لهذا الأسلوب من قبل الكثير من التربويين والأكاديميين وأولياء أمور الطلبة، بالإضافة إلى المجتمع، باعتباره أسلوباً مرفوضاً على صعيد الجانب الصحي والاجتماعي، حيث يشكل عائقا أمام تقدم الطلاب من جانب، وأمام تطور العملية التربوية من جانب آخر، حيث يؤثر على سلوك الطلبة ويؤدي إلى كرههم للذهاب إلى المدرسة وفقدانهم رغبة التعلم.
فلا بد من اعتماد أساليب تربوية أكثر رقياً في التعامل مع الطلبة تعود عليهم بشكل ايجابي تنعكس على ردود أفعالهم وسلوكهم، متجنبين تلك الأساليب التي تحط من كرامتهم وبالتالي تبقى الإهانة تسكن في نفوسهم إلى زمن طويل تنعكس سلباً عليهم خاصة في مراحل تكوين شخصيتهم.
وعلى معلمينا أن لا ينسوا أن النفس الإنسانية تنطوي على مجموعة من الدوافع والميول، منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، ويمكن لمعلمينا الاكتفاء بتوجيهها أو تعديلها بشكل سليم، يركزون دورهم على تنمية تلك الدوافع السلبية وتوجيهها إيجاباً بالاتجاه السليم ليكتسب الطلاب مزيداً من الفضائل والمبادئ الأخلاقية المقبولة،لأن الأخلاق تنمو وترقى عن طريق التربية لدورها الأساسي والفعال في توجيه وتهذيب دوافع الإنسان وسلوكه،وعليهم أن يبتعدوا عن العوامل التي تبث الرعب في نفوس المتعلمين والتي تشكل مصدراً لتوتر علاقتهم مع البيئة التعليمية وبالتالي إيصالهم إلى مرحلة الإحباط الذي يجعلهم يمقتون الدراسة فيفشلون فيها.
ويجب علينا كمربين سواءً في المنزل أو في المدرسة أن نستخدم أرقى الأساليب والتي تتمثل في الرفق واللين مع المتعلمين وعدم الاستبداد بالأساليب، وعلينا أن ندرك الأسباب التي تؤدي إلى تمرد بعض الطلبة والسبيل إلى تقويمها، وعلينا أن نمارس التربية المتفهمة لنصل بالطالب إلى الشعور بالأمان ولا بد من وضع منهج متوازن عند التعامل مع أي طالب مذنب، مستمدين مبادئنا وقواعدنا من قرآننا الكريم وديننا الحنيف الذي وضع قواعد للسمو بالإنسانية والارتقاء بها بعيداً عن الرتبة الحيوانية.
ختاماً: نرى أن القطاع التربوي بمختلف مسؤولياته بحاجة إلى مراجعة شاملة لطرق التدريس لاسيما عند المدارس الابتدائية والوقوف كثيراً عند ظاهرة ضرب التلاميذ والطلاب في المدارس وحث المعلمين والمدارس على استخدام أفضل الوسائل التي من شأنها الارتقاء بالتلميذ أو الطالب بعيداً عن العنف الذي مل منه المجتمع ولم ينل منه سوى التأخر عن ركب الدول المتقدمة التي وصلت مرحلة متطورة من التعليم.
رائد محمد سيف
ظاهرة انتشار العنف في مدارسنا!! 1988