يخطئ من يعتقد أن رفع عدد من المصريين شعار "أرحل" ضد الرئيس مرسي سوف يعمل على إسقاط الرئاسة ورحيل مرسي، رغم أنه منتخب بإرادة شعبية حقيقية وانتخابات حرة، نزيهة شهد لها العالم بما فيهم ما يناصبونه العداء اليوم، وإذا كان الأسلوب المتبع لإسقاط الأنظمة التي تصل إلى الحكم عبر انتخابات حرة ونزيهة يكون بحشد مجاميع أمام القصور الرئاسية أو في الميادين فهذا نسف للديمقراطية وتحريض على سرقة حقوق الشعوب ...
كما أنه من المؤكد أن الأزمة التي تشهدها مصر حالياً جاءت نتيجة طبيعية للثورة الكريمة ونتيجة طبيعية للانتصار لأهدافها وللشهداء الميامين..
وها هي الثورة ـ فعلاً ـ في مصر تنفي خبثها وتزيل الستار عن كل دعاة الثورية والوطنية وهم في الحقيقة أقرب إلى مربع الاستبداد والارتماء للأجندات الخارجية .
ما قالته سلوى ـ أم الثوار ـ على قناة الجزيرة يوم السبت بتاريخ 8/12/2012م من أنها جاءت من ميدان التحرير وفيه شاهدت مؤامرة تحاك ضد مصر وإنها شاهدت أموالاً تنفق على بلاطجة بغرض التحريض للقتل وإحداث الفوضى ..وقد شاهدها الجميع وهي تؤكد أنها ليست مؤيدة لبعض قرارات الرئيس مرسي وبكل تأكيد هي ليست إخوانية بل هي ليبرالية قومية ..
إذاً نحن أمام شعب أدرك أن الثورة تتعرض لمؤامرة قذرة ـ بحسب افتتاحية الجارديان البريطانية ـ التي ذكرت أن جبهة الإنقاذ الوطني" المعارضة " في مصر متهمة بلعب دور الضحية واختلاق أزمة من أجل الإطاحة بأول رئيس مصري منتخب ديمقراطياً.
وكانت صحيفة "الشروق" قد نشرت تفصيلًا لخطة محاولة الانقلاب على الرئيس المصري/محمد مرسي"، وظهر في المشهد أطراف متعددة من أمثال فلول النظام في مصر وأموال من الخليج ومباركة وتخطيط من الكيان الإسرائيلي.
أنا هنا لا أناقش هذه الفرضية التي أضحت حقيقة راسخة لدى كل من يريد الحقيقة ويسعى لها, فقط أناقش كيف أن القرار الرئاسي وأزمة الدستور في مصر كشفت الوجه القبيح لدعاة الثورة من أمثال حمدين صباحي وغيره، الذين أبت الثورة إلا أن تخرج حقيقة مكرهم وحقدهم على الرئيس المنتخب، حيث أنه ومن أول فرصة اعتقدوها سانحة - من خلال رفض الإعلان الدستوري - هرعوا إلى التحرير بهدف المزايدة وتحريض الشعب المصري على الانقلاب ضد الرئيس المنتخب .
وكلنا شاهد حمدين صباحي وهو في مؤتمر صحفي لجبهة الإنقاذ حين وصله خبر استشهاد شباب أمام قصر الاتحادية, أعلنها صريحة بأن شرعية مرسي على المحك وأن شرعيته سقطت و هذا ما يؤكد أن صباحي ضمن من رتب لذلك وخطط! وهنا استغرب الجميع كيف تكون شرعية مرسي على المحك بحسب تصريحات صباحي والشهداء الثمانية في أحداث الاتحادية من الإخوان المسلمين برصاص ثوار حمدين وأحرار البرادعي.
يبدو أن جبهة إنقاذ الثورة من اللبراليين واليساريين بقيادة حمدين وصباحي وعمرو موسى لن تتغير موقفها من الدعوة للحوار وستظل تقامر بمواقفها رغم الخطوات المتقاربة التي يقدمها رئيس جمهورية مصر.
وباعتقادي، حتى لو أعلن مرسي إلغاء الإعلان الدستوري نهائياً، ولو أصدر قراراً بعدم تحديد موعد للاستفتاء إلا أنها ستظل تختلق الأعذار وتتلون في المواقف لأن لها هدف وحيد هو إسقاط مرسي وحكومة الإخوان,لكن ذلك بالتأكيد سيرتد عكسياً عليها وسيدفعها ذلك إلى ارتكاب حماقات ومغامرات تجعلها ـ في نظر الإجماع الشعبي ـ ثورة فلول وثورة مضادة في وجه ثورة 25 فبراير وحينها تكون جبهة إنقاذ الثورة برموزها المحنطين قد قادوا أنفسهم إلى مقابر التاريخ غير مأسوف عليهم .
وحينها تكون الثورة قد تخلصت من ورم خبيث كان سيظل ينتشر في جسدها إلى أن يفشلها، لكن حيوية الثورة دفعت بهم إلى ربط الحبال على رقابهم ليتركوا للشعب المصري جرهم بكل سهولة وبأقل تكلفة ..
ما يجري على مصر نشاهده يتشكل هنا في اليمن، حيث نشاهد مسميات وأشخاصاً كانت لها أدوار حقيقية في الثورة وإشعالها إلا أنها تأبى مواصلة مشوار الثورية وبدأت تتلكأ وتغامر وتقامر وتراهن في مواقفها وتشتغل ضمن حسابات ضيقة تجرها إلى التحالف مع بقايا العائلة وهي بتصرفاتها هذه تحفر قبرها بيدها ولا عزاء.