من يشاهد ويتابع الوضع في مصر هذه الأيام سيجد العجب العجاب, معارضة مستقوية بما تبقى من أجهزة تابعة للنظام السابق كالقضاء, راكنة إلى إعلام متآمر وموجه تملكه دول أخرى ورجال أعمال لا يزالون موالين لنظام سابق.. لن نستغرب إذا جاء اليوم من يوجهون فيه فئة من الشعب وبطرق وأساليب ووسائل غير أخلاقية لأن يطالبوا بعودة حسني مبارك إلى السلطة وتحت مسمى الثورة.
المعارضة المصرية أو النظام السابق الذي أعاد إنتاج نفسه بمسميات وعناوين براقة لا تحترم حتى أخلاقيات العمل المشترك والتي جملت نفسها ببعض قطاعات الشباب الذي شارك في الثورة ولكنها لا تطمئن لإخوان تشارك في إعداد مسودة للدستور وتمرر كل ما تريد من مواد خلافية حتى إذا أرادت الأغلبية أن تمرر مواداً خلافية مثلها مثل المعارضة تجد أن الديمقراطية قد انتهت وأن الأقلية تنسحب وتغادر لأن الأغلبية لم ترضخ لرأي الأقلية لكل تحفظات ورؤى الأقلية في مواد الدستور الجديد مع أنه هناك قواعد تحكم عندما تحدث مثل هكذا تعارض في الرؤى وهي من أسس الديمقراطية التي لم يبرحوا يتحدثون عنها عندما تكون لصالحهم والتي يستبدلونها بمسمى التوافق الذي يفسرونه بنزول الأغلبية عند رأي الأقلية عند وجود أي خلاف.
المعارضة المصرية تهدف ومن خلال تحركها في الشارع إلى فرض وجهة نظرها مهما تكن صحيحة أو غير صحيحة لأن اعتراضها هو على أمور بسيطة شكلية لا تصنع دكتاتوراً بأي شكل من الأشكال فمنها من يعترض على أن الجمعية أقرت الدستور في ليلة واحدة وكان يريد أن تستمر التأسيسية سنة حتى تقر مواد مشروع الدستور الجديد حتى تتسنى له الفرصة ومن خلال الفراغ الدستوري لتمرير أجندته الهادفة إلى إفشال الرئيس مرسي ومنهم من يعترض فقط لأنه لم يستمر حتى نهاية صياغة جميع المواد مع أنه لا يعترض على بقية المواد التي صيغت وهو غير موجود ومنهم من يعترض على الآلية التي صيغت المهم الكل يعطي مبررات شكلية لا يستطيع العقل قبولها إلا عندما تكررها وسائل إعلام موجهة وتزينها وتتلوها كالسحر على آذان الناس حتى تيصبح لها مكان وتسير البسطاء ليقفوا الموقف الخطأ في الجانب الخطأ.
ولنستخدم أسلوب إعلامهم ونكرر الكلام المكرر لعل هذا الكلام يصل ونقول الإعلان الدستوري سيسقط بعد بضعة أيام سواء كانت نتيجته نعم أو لا ولو كنتم على حق في أن هذا الدستور لا يناسب مصر فصوتوا بلا وعندها سيتم إنشاء لجنة تأسيسية إما بالانتخاب الحر والمباشر أو بالتوافق وأنتم من سيقرر ذلك إذا لم يحدث توافق من جانبكم فالشعب هو الحكم وهو من سيختار الجنة التأسيسية ثانيا إن الإعلان الدستوري كان هدفه الوصول إلى الاستفتاء بمعنى الوصول إلى الشعب ليقول كلمته بعدما تشعبت الكلمات والرؤى وبعد التعنت والصلف الذي ظهر من الأقلية وكأنهم الأغلبية فإذا كانوا كذلك فليقنعوا الشعب بوجهة نظرهم ثالثا في العالم كله عندما لا يحدث التوافق يتم إجراء دعوة للانتخابات أو للاستفتاء فهل مصر في ذلك استثناء أم أن عدم الثقة بالنفس تدفع للعمل على إفشال الآخرين فإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن تتوقفوا ومن حق الرئيس أن يصدر ما يمنع حدوث ذلك.
الملاحظ هو أن المعارضة تريد أن تسيطر على أغلبية جاءت بطريقة ديمقراطية شهد لها العالم وهذا يتنافى مع العقل والمنطق أكثر من تنافي عدم حدوث التوافق مع العقل والمنطق, لأن الأصل في الحياة هو الاختلاف ولذلك كان اللجوء للديمقراطية والأغلبية هو العلاج.
أخيراً: هل التوافق هو النزول عند رأي الأقلية؟ فإذا كان الأمر كذلك فعلى الجميع أن يسعوا لأن يكونوا أقلية ما دام وأنك ومن خلال الأقلية وتحت حجة التوافق ستحصل على أفضل مما كنت ستحصل عليه وأنت صاحب أغلبية ولا داعي لأن يكون الرئيس من الأغلبية ما دام وأن الرئيس سينفذ برامج وإرادة الأقلية.
جلال الوهبي
المعارضة الحاكمة المتعنتة 1656