سياسة تنكر المسؤول لمسؤولياته التي انيطت إليه والتي ما فتئ يتملص عن القيام بها طوال فترة مسؤوليته، بل وبلغ به تماديه في الفساد إلى إفساد ما أصله فاسد وتفتيت المفتت وتدمير المدمر وإهلاك الحرث والنسل ظناً منه بجهالة أن ذلك عين الصواب وأنه أتى بما لم يأت به الأوائل...وكأنه عديم العقل الذي قد يرشده إلى المقارنة بين ما قام به وما شكلّه على أرض الواقع طيلة عقود حكمه وما قام به أمثاله الآخرون في دول الجوار والمنطقة وذلك إما أن يكون من الغباء والحمق والجهالة بمكان وإما أن يكون عالماً بكل ما كان والأخير هو الصواب ويريد أن يغطي على عين الشمس بطربال!!.. ولكن غير الصواب هو أنه عندما صحا الشعب وصاح بوجهه وعندما صفعه الواقع المرير جزاء لما قدم وما أفسد طيلة 33 عاماً وبذل في سبيل خلعه المال والرجال لينزع من كرسيه وفعل رامياً به إلى مزبلة التاريخ السحيق على كل ما اقترفته يداه..
نعم من غير الصواب أن نرى علي عبدالله صالح وبكل بجاحة أن يكون ذاته المفسد أصبح ينتقد ويسخر من الحكومة الجديدة بكاملها على الدمار والاقتصاد المنهار والفقر المطقع... وتأخذه العزة بالإثم إلى تساؤله عن ماذا قدموا للشعب منذ توليهم، ناسياً ومتناسياً أن كل ما تساءل عنه هو من صنع يده وهو الذي صنعه وأنها تركته.. عجيب أمره، كيف يسأل الفاعل عن سوء أفعاله ويطالب بمحاسبة الآخرين بإصلاح فساده ويشير بالسبابة إلى غير نفسه؟ أي تملص يشوبه الحمق أن يسأل الآخرين لماذا لم يصلحوا ما دمره وأهلكه خلال 33 سنة ويريدهم أن يصلحوه في بضعة أشهر؟ ونحن نعرف المثل الذي هو أصلاً عكس كلامه القائل "ما بنيته في سنة.. يهدم في يوم.. وليس ما هدم لمدة 33سنة يمكن أن يبنى في سنة"!!
حري به أن يدس رأسه في أوحال أفعاله وذلك أقل ما يمكنه فعله تكفيراً عن فساده الذي لا يعد ولا يحصى.. تكفيراً عن تدمير شعب بأكمله وإيصاله إلى الحضيض , ولا أجده إلا مذكراً لي بالمثل القائل (رمتني بدائها وانسّلت) وكأنه يمثل دور إبليس في نسخة جديدة.. فبعصيان إبليس لأوامر ربه وبإفساده نعيم أبينا آدم عليه السلام ونعيم البشرية جمعاء بإخراجه من الجنة وبدلاً من توبته واستغفاره أصر على عصيانه وإفساده حياة الآخرين رغم علمه المسبق بأن ما يقوم به هو عدوان وعصيان وسيورده إلى جهنم وبئس المصير وفوق ذلك طلب من الله أن ينظره حتى يوم القيامة.. إذاً فمثله كمثل إبليس, وذلك فيه من الحمق والعتو والظلم للنفس وللآخرين ما فيه كما أن الرئيس السابق من خلال إقلاقه لأمن البلاد وسعيه في إشعال الفتن ورغبته في إدخال البلاد في متاهات وأزمات محلية وإقليمية أيضاً يستعجل الخاتمة السيئة في الدنيا وعذاب الله في الآخرة الذي أشد وأنكى.
القافلة تسير ولا يضرها شيء، بل ربما يكون دافعاً قوياً للسير قدماً وأعني هنا - حكومة الوفاق - وفقها الله، فلتستعين بالله وتسأله التوفيق ولا تؤثر عليها بقبقة المغرضين والمنتقمين الحاقدين على الشعب والوطن.. جُلُنا يعلم ثقل التركة ومحدودية الإمكانيات وضيق الوقت وسوء الوضع الاقتصادي والإنساني, والذي قد يعيق طموح المخلصين والأوفياء الحاملين لكل معاني الوطنية الراغبين في إصلاح ما أفسد الفاسدون وبكل جهد ولو كلفهم ذلك أرواحهم التي هي أغلى ما يملكون ولكنهم ماضون في طريقهم وبكل عزم كما لمسنا ونلمس... ولا أجد ما أعبر به عما يختلج بصدورهم ويريدون إيصاله إلينا إلا قول الشاعر:
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان له ركابا
وليكن ردكم يا حكومة الوفاق أننا سنصلح ما أفسدته أنت وثلتك بعون الله وبحكمة وتعاون وصبر كل أبناء اليمن.
صالح الحكمي
تجسيد قصة إبليس 1682