عنوان مميز لم يأت من فراغ وله أبعاده ومدلولاته ومعناه وقد تم اختياره من مقابلة صحفية أجريتها في القاهرة مع مندوب اليمن لدى الجامعة العربية سابقا الأستاذ الدكتور/عبد الملك منصور الذي لم أكن اعرفه عن قرب وقد فوجئت واندهشت بما له من صفات تتمثل بغزارة علمه وحسن منطقه وسحر بيانه ودماثة أخلاقه، ويرأس الآن مؤسسة المنصور الثقافية للحوار والآداب والفنون والحضارة والفكر والمعرفة والتنمية والتربية وكان من أوائل المنضمين لثورة الشباب اليمنية الشعبية السلمية 2011م بعد مجزرة جمعة الكرامة التي ارتكبها النظام السابق في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء وهي التي عجلت بإسقاط الرئيس السابق ونظامه من الحكم ولم يقتصر دور المنصور على انضمامه للثورة فحسب بل أسهم إسهاما كبيرا مع الشباب من خلال أطروحاته في القنوات الفضائية التي كانت تستضيفه آنذاك والتي بَيّنَ من خلالها مساوئ النظام السابق وجرائمه ضد الشباب العُزّل واعتبر الشباب انضمام المنصور وغيره من الدبلوماسيين وضباط وأفراد الجيش والأمن الحر إلى الثورة ضربة موجعة ومسقطة للرئيس السابق.. وبسؤال المنصور عن مستقبل اليمن في ظل مؤتمر الحوار الوطني ؟ رد قائلاً بأن الحوار هو محور الارتكاز الذي سيقوم عليه اليمن الحديث وهو المخرج من المشاكل والعوائق التي تقف حجرة عثرة أمام حكومة الوفاق.. واستدرك قائلاً ربما يتأخر الحوار ويحتاج إلى وقت حتى يشترك فيه كل أطياف الشعب وأحزابه ومنظمات المجتمع المدني وحتى الطبقة المهمشة وان لا يُستثنى منه احد ولا يقتصر الحوار مع الحزب الذي كان يحكم سابقاً واللقاء المشترك والحوثيين والحراك المسلح، فهناك جنوبيون لم يشتركوا وأبناء تهامة المساكين لم يمثلوا وأبناء إب وتعز وريمة وحجة المسكوت عنهم حتى في عهد الرئيس السابق ويجب أن يقف الجميع على كلمة سواء هي بناء اليمن والحفاظ على وحدته ومقدراته ولسنا بحاجة إلى دعم خارجي غير مشروع أو غير معلن عنه، فذلك يعني التبعية إلى أجندة خارجية نحن في غنى عنها، كما هو الحال في الدعم المادي الإيراني لحركات التمرد المسلحة الحوثية والحراك الجنوبي وأصبح المد الإيراني اليوم يشكل خطراً كبيراً على أمن اليمن واستقراره، بل وعلى الجزيرة العربية وعلى المملكة العربية السعودية بالذات، فاليد التي تمتد لتأخذ المال من دولة أخرى كإيران أو غيرها تعتبر يداً آثمة وخائنة للوطن وتعمل لصالح أجندة خارجية تهدف إلى إثارة الفوضى والمشاكل وتمزيق اليمن، فمثل هؤلاء (الرّقْصُ بِأرْجُلٍ يَمَنِيّةٍ وَطَاسَةُ البَرَعِ بَرّاع) لاسيما وأن الدعم الخارجي ليس لوجه الله وإنما يُراد منه فرض قناعة وأيدلوجية معينة وهذه هي الحقيقة، فماذا تريد إيران من دعمها لحركات التمرد سوى انتشار وتوسيع المد الشيعي المتطرف في اليمن والجزيرة العربية ولو سُكِتَ عنه فانه سيشكل كارثة على اليمن وعلى السعودية والخليج العربي، فالحوثيون اشتروا أرضاً بميدي من أجل أن تكون خنجراً قاتلاً في خصر السعودية وإيران تدعم الحوثيين والحراك المسلح من أجل تمزيق اليمن وتفتيته والنيل من وحدته وبكل صراحة تشجع الانفصال وتدعم دعاته بالمال والسلاح وهي بعكس السعودية التي ولأول مرة تدعم الوحدة اليمنية بكل قوة وإلى جانبها أمريكا والمجتمع الدولي وهو ما يعني أن دعاة الانفصال كالبيض والعطاس وغيرهم مغفلون وما زالوا يعيشون بعقليات قديمة غير متطورة، فالسعودية التي كانت تدعمهم على الانفصال في الماضي هي الآن عكس ذلك التوجه على نحو ما ذكرنا سلفاً وكل من يدعو إلى الانفصال اليوم لا يُعَدّ يمنياً أو ينتمي إلى التربة اليمنية وعلى هؤلاء أن يدخلوا مؤتمر الحوار الوطني ويشاركوا فيه وبدون شروط مسبقة، فالحوار هو السبيل الوحيد الموصل إلى حل جميع مشاكل اليمنيين.
واختتم المنصور حديثه بان الرأس الكبير الذي يفكر تفكيراً صحيحاً هو الذي ينتمي إلى الوطن ولا يستلم دعماً من الخارج.
وكان الرئيس السابق قد اغتاظ عندما انضم المنصور إلى ثورة الشباب، فعين بديلاً عنه في الجامعة العربية، كما فعل ذلك في تبديل عدد من الدبلوماسيين والمسئولين كبدائل عن الذين انضموا إلى ثورة الشباب، لكن حكومة الوفاق أعادتهم إلى مناصبهم كالأستاذ المناضل فيصل أمين أبو رأس، سفير اليمن في لبنان وغيره من الدبلوماسيين، لكني لست أدري لماذا أغمضت حكومة الوفاق عينيها عن إعادة المنصور إلى منصبه أو إلى منصب آخر، فالمذكور لم يقف ضد ثورة الشباب وإنما معها وما أخجلني كثيراً ويسيء إلى كل يمني حر ما فاجأني به المنصور بقوله إن مرتبه موقوف عليه وتريد حكومة الوفاق قطعه عليه ولكني أعتقد أن الحكومة ستراجع نفسها فالرجوع إلى الحق فضيلة وستمنحه منصباً يقوم من خلاله بخدمة الشعب والوطن وذلك ما نأمله ونتوقعه بإذن الله تعالى.
أحمد محمد نعمان
الرّقْصُ بِأرْجُلٍ يَمَنِيّةٍ وَطَاسَةُ البَرَعِ بَرّاع! 1797