هذا حقاً أمر مؤسف، علي عبدالله صالح مازال، وعلى ما يبدو، أنه سيظل، مشروع هدمِ، وموضوع قلقٍ عام.. لا دخل لي به، غير أني صحوت يوماً ورأيته، وأكاد أبلغ الثلاثين خريفاً، ومازال مصراً على أن يكون، وألا نكون..
لمَّا كنت في التاسعة عشرة من عمري، كان لا يجيد إلا الكلام، ولا نعرف إلا الاستماع، يصفق له إعلامه، فنمدحه، غير أن أبي لم يكن يفعل ذلك، كان يستمع إليه، ويهمس مغاضباً: كذاب..
كُبرنا، فوجدنا اللا وطن، واللا مستقبل، واللا تنمية، وجدنا خطباً وجملاً، لا تسمن ولا تغني من تخلف..
كان أمراً مخزياً للجميع، أن يقزم هذا الرجل بلداً كاليمن، وأمة كاليمنيين، وجاءت الثورة وكان ما كان، وآثرنا التسامح لا النسيان، كان خيارنا أن نستهل التنمية بالتسامح لا بالغفران، كان أمر مستقبل صالح أصغر شأناً من أن يكون عائقاً أمام أحلام الانعتاق، غير أن الرجل لم يعرف معنى لتسامحنا هذا، سوى أنه وجه ضعف لنا، وغدى يوزع خرائبه علينا من كل جانب..
تحالف مع الحوثيين ومع الحراك المسلح، ومع المعتدين على أبراج الكهرباء، ومع بعض القاعدة، وغدا الرجل بوسائله يطالب بتمثيل عادل للحوثيين و(بلا وصاية) في مؤتمر الحوار... كم هذا رائع،!! مبروك يا عبدالملك أصبح علي عبدالله صالح يحبكم ؟!.
ألا يفضل هذا الرجل هواية أخرى، غير إشعال الحرائق، والانتماء لمشروع القلق، وصناعة الخرائب ؟!، ألا يكفيه من ذاكرتنا ثلاثة وثلاثون خريفاً ؟! اشتقنا للربيع، وما عادت البلاد قادرة على تحمل الكثير من المهازل، ولأجل ذلك، نريد يمناً خالٍ من علي عبدالله صالح، وهو مطلب عدل وعدالة، لا ضير عليه، إن كان فيه خلاص وطن، وانعتاق أمة، وهو مطلب تؤيده وقائعٌ ملموسة، تتعلق بإصرار الرجل على عرقلة المرحلة الانتقالية، والإضرار بآمال نجاح مؤتمر الحوار الوطني المنتظر.
لن يكف الرجل عن محاولاته في إفساد المرحلة الانتقالية، يبدو هذا أمراً حتمياً، بالنظر إلى ممارساته خلال الأشهر القليلة الماضية، وما كان بشأن حصص التمثيل في مؤتمر الحوار، وهي تصرفات تعكس رغبة في نفس الرجل، بإفساد مرحلة ليس هو عنوانها، ولا هو حاميها، وما كان يرغبه هو أن يكون- كما العادة ـ حزاميها.
عبارات قاسية أسوقها في حق الرجل، أعرف ذلك، لكن هذا كلام قاس ننتجه، وفعل أرعن هو يمارسه، نحن جيل شاب، لا نريد المزيد من الفوضى، والعبث، لا نحبب النظر في وجوه قادة هم أولي مشاريع تقزيم وتفتت وجهل وتخلف.
نحن على أبواب حوار وطني عام، ولا أعلم أنا، كيف سيكون هذا الحوار، في ظل وجود لوبي يقوده صالح، لا هم له إلا إعادة إنتاج الفشل واستدامته ؟!، أولم يسهم هذا الرجل في عرقلة تشكيل لجنة تهيئة الحوار؟!، أو لم يكن هو سبباً، في تأجيل اتفاق نسب تمثيل مؤتمر الحوار ؟!، إذاً، كيف سيكون عليه الحال، في مؤتمر الحوار ؟!.. هي شهور عدة قضاها القوم، لإعداد مؤتمر حوار، وفي ظل إصرار صالح، على التدخل في سير أعمال المؤتمر، فحتماً، سنحتاج قرناً من الزمن لإنجاز نتائج مشجعة في مؤتمر الحوار هذا ؟!.
أسئلة لا أزعم أنها مهمة، غير أن إجاباتها لا يعلمها إلا الله، والراسخون في العلم من كبار الساسة، وعلي عبدالله صالح، أما ما نعرفه نحن، فيمن بلا علي عبدالله صالح، سيبدو أجمل.
يونس العرومي
وطن خالِ من صالح 1931