لو أن القوى الثورية في مصر استفادت من تجربة اللقاء المشترك في اليمن وحاولت استنساخها لما وصلت الأوضاع إلى هذا الحد من الانقسام والاستقطاب في المشهد السياسي ولكانت الأوضاع أفضل بكثير.
فبعد المشهد العظيم والرائع الذي سطره الشعب المصري في ثورة 25 يناير العظيمة, التي تمخض عنها تنحي الرئيس مبارك ونقل السلطة للمجلس العسكري , تشتتت قوى الثورة وبدأ كل فريق يعمل بعيداً عن الآخر، كل طرف يدعي أنه من أشعل الثورة والبقية لم تكن إلا تبعاً له..هذا مكن فلول مبارك من لملمة صفوفهم تحت مظلة المجلس العسكري الذي كان يدعي في الظاهر أنه يحمي الثورة فيما هو يسعى إلى إعادة إنتاج النظام السابق بطريقة مختلفة, وكان على وشك النجاح من خلال دعمه مرشح الفلول احمد شفيق الذي كان على وشك الوصول إلى كرسي الرئاسة لولا لطف الله ووعي الشعب المصري.
ما يحدث في مصر الآن شيء يحزن له القلب وتدمع له العين ويعد بحق ضربة موجعة في خاصرة الربيع العربي، والواجب على كل أنصار هذا الربيع النظر إلى الأمور بموضوعية وحيادية تامة بعيداً عن التعصب الأعمى لهذا الطرف أو ذلك.. أنا شخصياً أعتقد أن الجميع، سواء ما يسمى بالقوى المدنية أو ما يسمى بالقوى الإسلامية، مشارك في هذا الانقسام الحاصل الذي تمكن من خلالها فلول مبارك، قلب المشهد والتحول إلى ثوار في ميدان التحرير تحت عباءة قوى الثورة الرافضة للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي.. لو أن الجميع جلسوا منذ البداية على طاولة الحوار واتفقوا على بناء الدولة بأسس ثورية لكانوا استطاعوا تخطي الكثير من المشاكل والعقبات، لكن ظلوا يتراشقون بالتهم وخطب ود المجلس العسكري الذي هو بالأساس جزء من نظام مبارك الذي قامت الثورة عليه.
لقد تمكن الفلول من حل مجلس الشعب الذي انتخب بانتخابات نزيهة تحت إشراف قضائي كامل بذرائع واهية، لأن الأغلبية فيها للقوى الإسلامية , لم أفهم كيف أن محكمة معينة من نظام قامت عليه ثورة تحل مجلساً منتخباً من الشعب والغريب في الأمر لدرجة الدهشة سكوت القوى المدينة لهذا القرار وكأن الأمر لا يعنيها فقد تحول الأمر إلى مزايدات سياسية على حساب مؤسسات الثورة وهذا فتح الشهية أمام هذه المحكمة التي تمادت في غيها وكانت على وشك حل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى وإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي في أغسطس الماضي والذي بموجبه قضى على سلطة العسكر.
ما يمكن أخذه على الرئيس مرسي انفراده بالقرار لاسيما أنه قرار متعلق بالثورة , فالثورة ثورة شعب وحمايتها تهم كل القوى المشاركة فيها، كان الواجب عليه قبل إصدار الإعلان أن يضع الجميع أمام الأمر الواقع وإشراكهم في اتخاذ القرار كواجب أخلاقي منه، كونه كان مرشح الثورة ووصل إلى الرئاسة بأصوات القوى الثورية، وبالمقابل كان على ما يسمى بالقوى المدينة قبل الدعوة إلى الحشد والنزول للميدان الذي أسعد الفلول جداً فكانوا هم أول من نزلوا إليه، طلب اللقاء بالرئيس وتقديم اعتراض على الإعلان الدستوري أو على بعض المواد فيه وفي حالة تعنت الرئيس أو رفض الدعوة لهم حق الاعتراض بالطرق السلمية.. ليس بهذه الطريقة غير الأخلاقية التي حولت القضية كأنها تصفية حسابات ليس لها علاقة بمصلحة الوطن,
الذي أريد أن أقوله في هذه العجالة أن أوجه رسالة إلى القوى الثورية في اليمن بضرورة الاستفادة من الدرس المصري والحفاظ على تجربة اللقاء المشترك وتطويرها من أجل تحقيق كل أهداف الثورة والتصدي لمخطط بقايا العائلة التي تسعى إلى إعاقة مسار الثورة.
تيسير السامعى
أول ضربة في خاصرة الربيع العربي 1685