الفساد السياسي
يساهم الفساد السياسي في تقويض الأمل بالرفاهية والاستقرار في الدول النامية، وإن السياسيين يتصرفون حسب أهوائهم.. وبالتركيز على الفساد السياسي هنالك دعوة لتظافر الجهود لإدخال النزاهة والمساءلة إلى أجهزة الحكم، ولإيقاف الرشاوى التي تقدمها الشركات المتعددة الجنسيات، وإيقاف تدفق الممتلكات المسروقة إلى حسابات سرية في الخارج.
ويعرف الفساد السياسي بمعناه الأوسع بأنه إساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية.. كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله، إلا أن أكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب، ورغم أن الفساد السياسي يسهل النشاطات الإجرامية من قبيل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والدعارة، إلا أنه لا يقتصر على هذه النشاطات ولا يدعم أو يحمي بالضرورة الجرائم الأخرى.. وبناء على هذه المقدمة نرى أن الفساد موجود في كافة القطاعات العامة والخاصة مع وجود شخص له قوة وسيطرة وصاحب قرار.. والفساد يعني التلف والخلل والاضطراب، ويعني أيضاً إلحاق الضرر بالأفراد والجماعات وهو ناشئ عن سلوك الإنسان وحده، ويعرف أيضاً بأنه الانحراف الأخلاقي لبعض المسؤولين العموميين.. ومع بروز العولمة وما رافقها من خصخصة مؤسسات القطاع العام ظهر تعريف جديد للفساد بأنه"بيع أملاك الدولة بواسطة المسؤولين الحكوميين لتحقيق المصالح الشخصية".
والفساد السياسي هو ذاك الانحراف عن النهج المحدد لمبادئ الحزب أو التكتل أو المنظمة السياسية الدولية و الإقليمية ويطال أيضاً النخب الحاكمة.
ومن أنماط الفساد السياسي
1-نمط إساءة استخدام السلطة وعادة ما تكون لأهداف غير مشروعة من قبل النخب الحاكمة كالاختلاس والرشوة والابتزاز والمحسوبية، وان سوء استغلال المكانة السياسية بهدف الحصول على مكاسب شخصيه يحرم قطاعات كبيرة من ملايين الناس الذين يحتاجون للخدمات الأساسية من الخدمات العامة المختلفة كالصحة والتعليم.
2-هناك نمط نهب المال العام،وما ينتج عنه من استغلال الموقع الوظيفي ليتصرف بأموال الدولة (ثروة البلاد) عبر المنافذ السوداء والبيع الجزئي أو الكلي للممتلكات العامة أو ما شابه ذلك، لتحقيق أهداف معينة من خلال التأثير على الناخب وفيما يعرف بشراء الذمم في العملية الانتخابية ووصول أشخاص لا علاقة لهم بالسياسة ولا التشريع وسن القوانين وليس لديهم خبرة كافية تتناسب مع مستوى السياسة العامة للدولة داخلياًً وخارجياًً، كما تظهر في صور تزوير الانتخابات وتزوير إرادة الجماهير بتغييبها عن إرادة شؤون البلاد.
3- نمط فساد القانون وهو نمط يسود عندما تسيطر السياسة على القانون ويظهر ذلك جليا ً بعبث النخب الحاكمة وأصحاب المصالح وجماعات الضغط في مواد الدستور وأحكامه وتعطيل القوانين وتفسيرها حسب ما يتلاءم ومصالح وغايات هذه الجماعات.
4-فساد العقيدة أو الفساد الديني وهو نمط تابع للفساد السياسي على تقريب رجال الدين ليشكل استخداماً انتقائياً للدين لتحقيق مصالح النخبة الحاكمة مع حرمان الآخرين وذلك لاستخدامهم في تبرير أفعالهم من العناصر الرخوة أصحاب المصالح، فهم يعلمون مدى تأثير المرجعيات الدينية على الناس ومدى انصياعهم وتأثرهم بفتاواهم الدينية ويؤكدون ويعلنون أنه " لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة ".
أدوات الفساد السياسي :
1-السلطة من أهم أدوات الفساد السلطة التي تكون بيئة ملائمة تحتضن الفساد، وتحمي الفاسدين وتكون الراعية لبؤرة الفساد، فمنها يستشري وينطلق ويتوسع ويصبح للمفسدين تنظيم يحتوي على شبكات قوية وضاغطة تتمترس خلف لوائح وتشريعات قانونية قابلة للتأويل، ليتوغل كبار الفاسدين في قلب النظام، بل يصبحون قيمين على الدولة برمتها إلى درجة أنهم يستطيعون التحكم في التشريع والملاحقة والمساءلة واستئثارهم بالسلطة وتحكمهم بالقوانين وفي مرحلة الانهيار السياسي والقيمي والوطني تنشأ مؤسسة الفساد التي يستقطب في صفوفها ضعاف النفوس وعديمو الضمير من قدوة سيئة يتمتع رجالها من حكام ومسؤولين وأصحاب جاه ونعيم ساعدتهم ظروف بيئية خاصة نشأ معها اهتزاز القيم والوعي والمعرفة وعم الفقر والجهل من الباحثين عن الثراء بشتى وسائله من سلب ونهب وتطاول وسرقة ورشاوى وغير ذلك من وسائل الكسب الحرام.
ويعد توريث المناصب أمراًً شائعاًً خصوصاًً دول العالم الثالث، لتصبح العائلات المتنفذة جزءاًًمن النظام ويبجلون ويمجدون وكأنهم من حرر البلاد من غياهب الاستعمار ونرى المشهد معكوساًً في حالة الغرب.
2-المال : تعد الصفقات العمومية موطناًً خصباًً لكل أوجه الفساد من محسوبية وواسطة ورشوة ويتعدى الأمر بأن تتكون منظومة فساد قوية عندما يحدث التحالف بين رجل الأعمال (الرأسمالي) ورجل السياسة وبداعي المصلحة المشتركة يخدم كل منهما الآخر وبما يسمى بظاهرة الفساد السياسي الذي يؤدي إلى تبعية القوه السياسية للقوة الاقتصادية لتصبح أداة بيد أصحاب الأموال والطبقات الغنية القادرة على الدفع لتحقيق المنافع الشخصية، ويعملون على استبعاد الفئات الأخرى التي تمثل المثقفين الحقيقيين والعلماء والمفكرين والمبدعين.
3-المنصب : عندما يصبح المنصب تشريفاً وليس تكليفاً وعندما يتعطش الشخص الراغب في الوصول بأي طريقة وبأي ثمن إلى مركز عالٍٍ فإنه يسهل على الطبقة الحاكمة استعمال هذه الأصناف كدروع وخنادق تحتمي خلفها في تسيير أعمالهم ضمن أدوار محددة ومنسقة وعند انتهاء هذا الدور لسبب ما يستدعي التضحية بأحدهم ككبش فداء يضحى به عندما يلزم لتجميل الصورة محلياًً ودولياًً و إرضاءًً للرأي العام وطي صفحة قضية أصبحت مثاراً للجدل!!.
4-وسائل الإعلام : عندما تصبح هذه الوسائل كالطبل والمزمار للزمر الفاسدة المتنفذة يصبح إعلاماًً منحطاً بكل المقاييس، لأنها تصبح المسوق للأفكار والمشروعات الفاسدة وتضلل وتخدر العقول وتزيف الوعي وتروج لانتصارات وانجازات وهمية وتدعو للالتفاف حول الفاسدين من أجل محاربة العدو (الوهمي) المتربص دائماً بوحدة البلد واستقلاله وبأنهم هم من يحافظ على البلد واستقلاله!!.
فتعزيز قوة الدولة عبر تعزيز قوة مجتمعها , فإن نزع السياسة من المجتمع يضعف من قدرة الأفراد على ممارسة الدور الوطني في الرقابة بفاعلية على الأجهزة الحكومية والمؤسسات السياسية، مما يعطي دوراً أكبر للفساد ويضعف التنمية ويؤدي إلى تآكل الشرعية.
تعريف الفساد السياسي في قالب كوميدي (أجمل ما قرأت عن الفساد)
سأل طفل والده : ما معنى الفساد السياسي؟ فأجابه الأب: لن أخبرك يابني لأنه صعب عليك في هذا السن، لكن دعني أقرب لك الموضوع ,أنا أصرف على البيت لذلك فلنطلق على اسمي الرأسمالية، وأمك تنظم شؤون البيت لذلك سنطلق عليها اسم الحكومة، وأنت تحب تصرفها لذلك سنطلق عليك اسم الشعب،وأخوك الصغير هو أملنا فسنطلق عليه اسم المستقبل، أما الخادمة التي عندنا فهي تعيش من ورائنا فسنطلق عليها اسم القوى الكادحة، اذهب يا بني وفكر عساك تصل إلى نتيجة.
وفي الليل لم يستطع الطفل أن ينام، فنهض من نومه قلقاً وسمع صوت أخيه الصغير يبكي، فذهب إليه فوجده بلا حفاظة، ذهب ليخبر أمه فوجدها غارقة في نوم عميق ولم تستيقظ، وتعجب أن والده ليس نائماً بجوارها، فذهب باحثاً عن أبيه فنظر من ثقب الباب إلى غرفة الخادمة فوجد أباه معها!!
وفي اليوم التالي:قال الولد لأبيه :لقد عرفت يا أبي ما معنى الفساد السياسي ؟! فقال الوالد وماذا عرفت ؟ فقال الابن:عندما تلهو الرأسمالية بالقوى الكادحة وتكون الحكومة نائمة في سبات عميق، يصبح الشعب قلقاً تائهاً مهملاً تماماً ويصبح المستقبل غارقاً في القذارة.
رائد محمد سيف
أنواع الفساد 2- 3 1937