أخيرا تم إعلان نسب تمثيل الأحزاب في مؤتمر الحوار لبدء جلسات الحوار الوطني بعد طول انتظار وترقب ولم يفسد هذا الإعلان إلا الأخبار التي تحدثت عن اعتراض أحزاب وفئات على نسب تمثيلها وتهديدها وانسحابها من المؤتمر الوطني للحوار مع أنه ما كان ينبغي أن يحدث هذا الأمر، خصوصاً بعد الفترة الطويلة التي قضتها اللجنة التي شكلت للتحضير والتهيئة للحوار بحيث أنه كان ينبغي أن لا يتخلف أو يعترض أحد على ما قررته اللجنة المكلفة بالإعداد والتهيئة للحوار الوطني، بل كان من المفترض أن يتم حل كل المسائل لا أغلبها وكان ينبغي عرض أي اعتراض أو إشكال على جميع الأطراف للحصول على حلول وسط ترضى الجميع بما يكفل العبور إلى مرحلة الحوار بعيداً عن أي عوائق أو منغصات لأن ما سينتج عنه الحوار أو الأجواء التي سيمر بها الحوار بها من المنغصات ما يكفي للانشغال بها بدلاً من الانشغال بما قبل الحوار.
نحن مع الحوار مع تحفظنا على الأجواء التي سيمر فيها لمعرفتنا أنه لم يتم تهيئة الأجواء المناسبة له لأن الكثير مما كان ينبغي فعله لم يتم ونحن نقدر حساسية المرحلة التي مرت وفي نفس الوقت نأمل أن لا تقف العوائق التي طالبنا بإزالتها عائقاً أمام الوصول إلى نتائج إيجابية هدفها مصلحة اليمن.
صحيح أن هناك ظلماً وقع في نسب التمثيل خصوصاً لفئة الشباب وأن هناك محاباة لبعض الأطراف في نسبة تمثيلها ونحن ضد هذا الظلم ومع ذلك ينبغي للحوار أن يبدأ وينبغي إنجاز مشروع دستور يتماشى مع ثورة الحادي عشر من فبراير وليضع الجميع في اعتبارهم أن الشعب هو من سيقرر في الأخير ومن خلال الاستفتاء إذا كان راضياً عن النتائج أو غير راضٍ لأنه عندما تضع جميع الفئات والجهات والأطراف المتحاورة هذا الأمر في اعتبارها، فهي ستكون حريصة على تقديم أفضل ما يمكن وبما يضمن موافقة الشعب عليه.
كذلك فإننا نأمل أن يتم اتخاذ كل ما يلزم من أجل المضي قدماً في الحوار وأن يتم أخذ عامل الوقت بالاعتبار وتذليل كل المعوقات حتى لو استلزم الأمر عمليات تدخل قاسية من قبل الرئيس، لأنه في مرحلة الحوار ينبغي أن تكون هناك أولوية لنجاح الحوار على ما سواها من قضايا، لأن الشعب يأمل بأن تكون مخرجات هذا الحوار هي مخرج له من حالة التخبط والضياع الذي يرافقه منذ أمد بعيد ولا زال بإمكان الرئيس فعل الكثير خلال الفترة المقبلة من خلال قرارات ترضي الشارع.
أتمنى أن تُزال الأشواك من على الطريق وأتمنى من المتحاورين أن يذهبوا إلى الحوار بخطوات واثقة وصادقة وأن يستعدوا بما يلزم للحوار، لأن الأقدام الحافية لا تستطيع السير على الطرق الشائكة والوعرة وليس هناك ما هو أصعب من طريق حوار بين أطراف متعددة المشاريع متناقضة ومتباعدة في وجهات النظر وفي رؤيتها لما ينبغي أن يكون عليه مستقبل اليمن، خصوصاً مع وجود ارتباطات خارجية لبعض الفئات التي من المؤمل مشاركتها في مؤتمر الحوار.
سيبدأ أو ربما ابتدأ الحوار ومن الطبيعي أن يكون لكل مبتدأ خبر ونهاية وأملنا أن يكون الخبر والنهاية لهذا المشوار على قدر التطلعات والآمال التي هي في نفوس الشعب اليمني وكل محبيه وعلى النتائج أن تتوافق تماماً مع الثوابت الدينية والوطنية، لأن أي نتائج تتعارض مع هذه الثوابت فلن يكون لها مكان في هذا الوطن ولن تجد طريقها للتنفيذ، فهذه فرصة جيدة لبناء وطن ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والانتقال من هذا الوضع الصعب إلى وضع أفضل وبما يتناسب وقيمتنا كمجتمع يمني عنوان للحضارة والإبداع على مر العصور حتى ما قبل عصر ثورة الحادي عشر من فبراير.
جلال الوهبي
وسيبدأ الحوار 1762