إذا كانت عاشوراء ذكرى قديمة ليوم نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من طغيان فرعون، وسطوة هامان، ومكر السحرة، وكيد الملا، فهو حاضر كذلك ليوم نجى الله فيه مرسي والمصريين من كيد الفلول، وتآمر الملأ الأدنى من أصحاب المصالح ورجال الأموال، والطامحين لإغراق مصر في بحار الفوضى والانهيار.
هذا يوم نجى الله فيه مرسي من تدبير لإعادة العسكر!! والقضاء على أمل الأمة في الاستقرار بإلغاء مجلس الشورى، وهدم التأسيسية، وحرق المؤسسات وإشاعة الفوضى والاضطرابات!!!
هذا يوم عظيم ظن الطغاة فيه والمفسدون أنهم بأمواج المكر سيغرقون الرئاسة والبلاد في أتون المعارك الطاحنة، ولكن خيب الله سعيهم وأرادها إغراقًا لهم أرادوها قضاء على الحق، وأرادها الله إغراقًا للنفوس المريضة، والقلوب المريضة، والعقول المريضة.
أرادوها حربًا على شرع الله ومنهجه، وأرادها الله إغراقًا للكارهين شرعه المحاربين منهجه، المدافعين عن الرذائل، المسوقين للفواحش والمنكرات.
أرادوها رفعة لحزب الشيطان، فأرادها الله إغراقًا للمبادئ الفاسدة والمناهج الفاسدة والتحالفات الشيطانية الفاسدة، أرادها الله إغراقًا للادعاءات الكاذبة المتاجرة بالثورة وحقوق المصابين ودماء الشهداء، وجهود الثوار، في الوقت الذي يتحالفون فيه مع شياطين النظام البائد وترزية القوانين الفاسدة، والدساتير المرقعة، ومن قاموا بحماية التزوير، وتبرئة القتلة، والتعاون مع المجرمين، وتهريب الأمريكان والجواسيس.
أرادها الله إغراقًا لمن تلكئوا في نصرة الحق وتأخروا عن ركب الإصلاح، ورفضوا ركوب السفينة، وتواروا في المناطق الرمادية مذبذبين بين ذلك وذاك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فكشف الله في هذا اليوم موقفهم، وأظهر للناس مكنون نفوسهم، فأطلق ألسنتهم لتخرج ما حاولوا إخفاءه، وتظهر ما اجتهدوا في ستره، فهو يوم التمحيص لا عاصم فيه من أمر الله إلا من رحم، فحجبتهم الأمواج فكانوا من المغرقين.
أرادها الله إغراقًا للسحرة الذين رأوا آيات الله تترى فلم يؤمنوا، ولم يرجعوا عن ضلالاتهم، ولم يسجدوا له توبة وندمًا على ما كان من تضليل وإضلال، فظلوا على سحرهم يزيفون بإعلامهم الحقائق، وينشرون الأكاذيب، ويسحرون أعين الناس، وسترهبونهم بسحرهم، وأكاذيب فضائياتهم، وأضاليل صحفهم، ومجلاتهم ومواقعهم، ونشر الفتن وإشاعة الفواحش، وطمس الحقائق، فكانوا بحق جنود الباطل، وألوية الشياطين، فاستحقوا الإغراق مع فرعون: "فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا" (الإسراء:103).
أردها الله إغراقًا للمدافعين عن اعتداءات اليهود على إخواننا في فلسطين، إغراقًا للمبررين لاغتيال المجاهدين، وتدمير البيوت وقتل النساء والأطفال واغتصاب المقدسات، واحتلال البلاد وإذلال العباد، إغراقًا للناقمين على المجاهدين، الكارهين للمقاومين، المتآمرين والموالين لليهود الغاصبين.
وفي هذه المناسبة نقول: إن الانحياز الكامل للحق هو طريق النجاة، وسبيل الفلاح، وإن أمواج البحر العاتية في جنب الله أكثر أمنًا وأمانًا وسلامة من قصور وحصون وبيوت بيضاء وحمراء وصفراء في جنب الشيطان.
فطريقنا مع الله يجعل البحر مسلكًا يبسًا لا نخاف فيه دركًا ولا نخشى، والطريق مع الشيطان يجعل القوة تغرق أصحابها، والمال يفقر أهله، والكثرة تهزم جيشها، وصدق الله إذ يقول: "وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ 101 وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ 102 إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ"(هود:1010،102،103) صدق الله العظيم.
أستاذ بجامعة الأزهر ووكيل وزراة الأوقاف المصرية
Drgamaal2@hotmail.com
د. جمال عبد الستار
هذا يوم نجَّى الله فيه مرسي والمصريين من الغرق 2071