لا نريدها دولة شخوص، ولا وطن أسرة، لا نريده بلداً مريضاً، ممزقاً، وضعيفاً، نبتغيها دولة حرية وعدل، نريدها فيدرالية مؤسسات، لا فيدرالية براميل، ولا قسمة اللصوص القدامى، أولئك الذين سرقوا أحلام الجنوب والشمال، ردهاً من العُمر، وعادوا اليوم إلينا حالمين بالقسمة والطرح.
حتى متى سنظل أرقاماً قابلة للقسمة والضرب؟!، قولوا لي، حتى متى سيظل أصحاب الوجوه القديمة، والمشاريع المتعفنة، ناطقين تارة زوراً باسم أحلامنا، وتارة أخرى، روادا ًفي المشهد العام لهذا البلد الكبير؟!.
أطروحات التشظي المنمقة، ومشاريع التمزق المحسنة، لا يمكن لعقل سليم، ولا لمنطق حكيم، أن يقبلها، لا يمكن للحكمة الشخصية، والإنسانية، والسياسية، أن تستسيغ مبررات التآكل والدمار.
كيف نبحث عن العدل لأنفسنا، ونسعى لقتل اليمن الكبير؟!، أو غدونا بؤساء إلى هذا الحد المقيت؟!
اليوم، بعضٌ من الحراك الجنوبي يريد التحرير، من اليمن الكبير، لدولة اليمن الصغير !، غير أن العدني الجنوبي، وصاحب أبين، المواطن المسكين، والحضرمي الحداثي، واللحجي المقاوم، كما كل أبناء الجنوب، وعموم الشمال، لا يعنيهم هذا الأمر في شيء، كل ما يريدونه دولة عدالةٍ اجتماعية، حُكمٌ فيدرالي، يصونُ الخصوصية المحلية لمجتمعاتهم، لا يتسلط عليهم، ديمقراطي، ويُراعى فيه أحقيتهم في اختيار من يحكمهم،حداثي و قوي، وأنى له أن يكون قوياً، إن لم ينتمي لليمن الكبير؟!.
الأمر شمالاً كما الجنوب، أحلام واحدة، وأمنيات متعددة، ولصوص أحلامٍ كُثر.
فيدراليتنا.. أيضاً نريدها، غير أنًّا نرغبها فيدرالية القضاء، وفيدرالية التشريع، وفيدرالية التنفيذ، وفيدرالية الصحافة، سلطاتٌ أربع، نريد فدرلتها، ليتحقق استقلال كل منها، ولتتماشى وأحلامنا، في وطن يُكرِمُنا، يحفظ مستقبل أطفالنا، يصون آمالنا، ويرعى كل حقوقنا.
نريدها، ديمقراطية حقة، ترضى عن منظومتها، كل أطياف الفعل السياسي، لتتبارى هي الأخرى، في تحقيق أمانينا البسيطة، في عيشٍ حُرٍ وكريم.
نريدها جيشاً لا ينتمي إلا إلينا، لا يعنيه شيء إلا خياراتنا، لا يتبن إلا مشروع الدفاع عن أحلامنا، في وجه جحافل الفوضى الداخلية، وأطماع الغدر الخارجي.
لا نريده جيش الوالد والولد، ولا حاجة لنا فيه إن غدى اقطاعيات سلاح، ترهب تطلعاتنا، وتعيق مساراتنا الديمقراطية، وتقتل رجلاً في الشارع، قال يوماً : ارحل.
نحن حقاً، إزاء هذا البؤس العام، نحتاج لمشروع حرية، ومشروع دولة، الحرية مشروع قائم بذاته، ينبغي له أن يكون، وأن يحمي نفسه، في مواجهة انحراف مشروع الدولة، إنه أمر عسير، لكنه ضروري، إذ يمكن لمشروع الحرية، أن يقيم دولة، غير أن مشروع الدولة، قد لا يمكنه إقامة مشروعٍ للحرية.
كان لدينا شبه دولة، وما استطعنا تخليق شبه حرية، غير أن الحرية التي جُبل عليها الإنسان، قادته لتغيير مسار الدولة الشبه، وهو يحلم في أن يرى مشروع الدولة بكافة تجلياتها، وأن تغدوا الحرية حالة شعورية عامة قائمة بذاتها، تدعم مشروع الدولة، وتحميها.
هو عدل نريده، حرية نبحث عنها، فأي نوع من البشر هذا الذي يريد تمزيقنا، لأجل اللا مشروع، واللا دولة، واللا حرية؟!..
يريدونها أمجاداً شخصية ونريدها أوطان حرية، نريدها مستقبلاً، نوْدِعُه أبنائنا، ويريدونها وبالاً لا ينتهي أبد الآبدين؟!.
إلى أين نصير يا لجنة الحوار؟! نتائجكم ستحدد مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، أنا حتماً سأحدث بها أبنائي حين يكبرون؟! عن ماذا سأخبرهم؟ عن عمَارٍ، أم عن دمار؟!.
يونس العرومي
اليمن الذي نريد.. 2195