تنمو في دواخل بعض البشر شهوة الاعتداء على إنسانية الإنسان وكرامته والحط مها والنيل من مقدارها، حتى ولو كان هؤلاء "البعض" يمتهنون وظائف يغلب عليها الطابع الإنساني ـ كمهنة الطب مثلاً ـ فإنهم يتجاوزون طبيعة هذه الوظيفة إلى ما يناقضها تماماً استجابة لنوازع الشر المتأصلة في دواخلهم، نجد ذلك واضحاً في تعامل بعض الأطباء مع المرضى بما لا تقضيه آداب المهنة التي عرفوها حق المعرفة أثناء دراستهم لهذه المهنة ونيلهم أعلى الشهادات والمؤهلات فيها.
قد يكون هذا الكلام مجرد طرح نظري إذا لم يدَعَّم بالشواهد الماثلة في واقعنا اليومي الذي يشهد غياباً رقابياً في ظل تصارع النخب الحاكمة فيما بينها، وعدم وجود معارضة تراعي الجوانب الإنسانية أكثر من مراعاتها للجوانب السياسية.
ولذا حري بي أن أطرح للقارئ ولو شاهداً واحداً للكلام المدون في الأسطر السابقة حتى نخرجه من دائرة "الطرح النظري" إلى دائرة "الحقيقة الواقعية".
ذلك الشاهد والمثال هو ما يحصل لمرضى السرطان من انتهاكات لحقوقهم وعدم مراعاة حالاتهم المرضية والمادية الصعبة من قبل طاقم الموظفين في مركز الطب النووي بهيئة مستشفى الثورة العام..
ممارسات أقل ما يمكن وصفها بأنها تتعارض مع كافة القوانين الدولية الراعية لحقوق الإنسان، فضلاً عن القوانين لكل بلد.
فأول ما يواجهه مرضى السرطان عند وصولهم إلى هذا المركز هو البهررة وفتاح النخر والنرفزة وأحياناً بعض الألفاظ النابية من قبل طاقم الموظفين، في هذا المركز، بحجة أن هؤلاء المرضى ما "تعلموش" الأدب في بيوتهم ـ حسب زعهمم ـ فلا بد أن يعطوهم جرعة التأديب قبل أن يعطوهم جرعة العلاج.
هذه الممارسات اللامسؤولة واللاإنسانية واللاأخلاقية والتي تتنافى مع القيم والمبادئ السامية لا بد أن يتلقاها أي مريض مصاب بداء السرطان قبل أن يتم فتح ملف له في هذا المركز لمتابعة حالته المرضية.
قد يتحجج بعض الموظفين المؤدبين في هذا المركز بأنهم مضطرون لمثل هكذا أساليب شائنة مع المصابين بداء السرطان بسبب عدم فهمهم لتعليمات المركز المعقدة، فلا بد أن يكون المريض على مستوى عالٍ من الذكاء قبل أن يصل إلى هذا المركز حتى يتجنب التقريعات الهابطة من قبل هؤلاء الموظفين البارعين!!..
أما الموظفون غير "…" فإنهم لا يبدون أي سبب لتعاملهم السيئ مع مرضى السرطان، ونحتاج لفلاسفة اليونان والإغريق وعلى رأسهم "أرسطو"كي يحللوا العقد النفسية لدى هؤلاء الموظفين، ويعرفوا سبب النرفزة فوق المريض الذي لا يملك إلا أن يتوجه إلى من بيده الشفاء ويطلب منه العافية من هؤلاء الموظفين الذين هم أعظم ضرراً من السرطان الذي يعاني منه!!..
فإذا ما أعان الله المريض وتجاوز العقبة المتمثلة في "طاقم الموظفين" ودخل إلى الدكتورة مديرة مركز الطب النووي لتشخص مرضه وتعطي له بموجب هذا التشخيص جرعة "اليود المشع" بعد إلزامه ببعض الفحوصات اللامتناهية، يجد المريض تعاملاً من نوع آخر.. عدم شفافية ومصداقية من هذه الدكتورة مع المريض، فلا يعرف المريض كم عدد الجرعات التي ستعطى له حتى ولو من باب التقريب لا التأكيد، ولا يحصل المريض من هذه الدكتورة على المواعيد الحقيقية لوصول الجرعة كي يتمكن من متابعة الجهات الخيرية التي ستساعده في قيمة الجرعة!!.
أما إذا طلب المريض من هذه الدكتورة تقريراً طبياً يحدد سعر الجرعة، فربما يلاقي ما لا يرضيه لأن هذه الدكتورة نزيهة وزاهدة عن "البزنس" ولا تحب أن ترى سعر الجرعة في أية ورقة سوى في سندات التحصيل التي يتم بها جلد المريض لتكون توفية الجرعة التي تعطى له!!.
وإذا "رفّس" المريض "المحيرف" الذي لا يجد قيمة الجرعة باهضة الثمن وأصر على طلب التقرير الطبي الذي يحدد سعر الجرعة من هذه الدكتورة، لجأت إلى نفس أسلوب الموظفين في هذا المركز، وهو أسلوب "النرفزة والبهررة وفتاح النخر"، ولكن بطريقتها الخاصة، إذ أن "فتاح النخر" يحتاج إلى نوع من الحرفية، وخصوصاً عندما يصدر من شخصية ذات اعتبار كشخصية الدكتورة مديرة مركز الطب النووي.. ولذا كُتب علينا في بلدنا هذا أن نعاني من "النووي" حتى وهو في الأغراض السلمية الطبية لا الحربية..
مديرة مركز الطب النووي الدكتورة آنفة الذكر لديها قدرة فائقة على العمل في أكثر من مكان وفي نفس المدة الزمنية، فهي تعمل في مركز الطب النووي "وظيفتها الرسمية" وفي مستشفى آزال التخصصي "وظيفها التعاقدية" في فترة زمنية واحدة هي الفترة الصباحية.. لا تستغربوا!!.. اقسموا زمن هذه الفترة على الرقم "2"، تكون النتيجة "الساعتان الأوليتان من هذه الفترة تقضيها الدكتورة في مستشفى آزال الخاص والساعتان الأخريتان تقضيهما في مركز الطب النووي، يتخللها فترة ثلث ساعة أو نصف ساعة تقتطعها الدكتورة من هاتين الساعتين وهي المدة الزمنية التي تنتقل خلالها من المستشفى إلى المركز، تبدي خلالها الدكتورة، مهارة فائقة في قيادة السيارة الصالون التي تمتلكها وفي لبس النظارة السوداء المائلة إلى اللون الأحمر الداكن!! فإذا ما وصلت هذه الدكتورة إلى مركز الطب النووي نجد طوابير من المرضى قد باعوا معظم ما يملكون لتسديد قيمة الجرع، عندئذ تشعر هذه الطبيبة أنها قد أصبحت ذات شأن عظيم، إذ لو لم تكن كذلك لما انتظرتها جحافل المرضى الذين يُرثى لحالهم!!.
إيييه أيتها الدكتورة، سطع نجمك وأفلت إنسانيتك وفي الأخيرة لا نعرف ما هي عاقبتك؟!
الدكتورة مديرة مركز الطب النووي العزيزة على قلوب المرضى رغماً عن أنوفهم، تأتي إلى مركز الطب النووي وفي جعبتها نصيحة ذهبية لمن تثق أن جيبه ملآن، مفاد هذه النصيحة: "عليك التوجه إلى مستشفى آزال لإعطائك الجرعة هناك، حيث الرعاية الكافية والجرعة المتوافرة والبسمة التي تكون عوضاً عن البهررة والتقطيب"!.. وما على المرضى إلا أن يتوجهوا إلى هناك بحثاً عن الابتسامة التي افتقدوها في مراكز الطب النووي.. يا لطيييف حتى الابتسامة قد هي بزلط!..
أم سامي
البهررة قبل "اليود المشع" 2284