من وسط كل هذا السواد ومن بين كل تلك الظلمات التي لا تنتهي اكتشفت شيئاً جديداً لم أكن قبل قد تنبهت له وهو أننا جميعاً شعبٍ وأفراد قد تعودنا لغة النواح والتشكي والانتقاد واللوم واستسغناها حتى لم نعد نجيد غيرها وركنا إلى تلك الحالة ثم انزوينا جانباً في حالة من الاستكانة ارتحنا لها ربما ورضينا أن نمثل الفئة المغلوبة على أمرها والتي لا حول لها ولا قوة وبقينا ننتظر وحسب، متأملين أن يأتينا الفرج على حصان أبيض يهبط فجأة من السماء أو يظهر من وسط الصحراء
من ينهي الثانوية يظل يحلم بفيزا تأخذه بعيداً هناك حيث المال وحسب ومن يتخرج من الجامعة ينتظر أن تمنحه الحكومة فرصة عمل ومن يجد العمل يظل يأمل في أن تشبع الحكومة ثم تهب له راتباً يشبعه
الله سبحانه وتعالى يقول وقوله الحق (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فهل نحن تغيرنا بالفعل حتى نتأمل في التغيير
الشباب الذين استطاعوا أن يصنعوا ثورة كانت بالنسبة للكثير أبعد من مجرد حلم، فجعلوها بعزيمتهم حقيقة في حين كان البعض قد وصل إلى حالة يقين أن ذلك النظام هو قدرنا المكتوب علينا حتى قيام الساعة
لأولئك الشباب أقول أنتم وقود التغيير وأنتم صانعوه فلا تنتظروا أن يمنحكم أولئك الكهلة القابعون على كراسي متحركة الحق في العمل والتغيير والبناء ولكن انتزعوه منهم إنتزاعاً وابدأوا ولو بجهود متواضعة، فالحاضر أنتم والمستقبل لكم وبدونكم لا أمل لهذا البلد في النهوض أبداً..
دعوا أولئك الذين يدعون زوراً أنهم حكام وقادة، فهم قد ألفوا التسول واستساغتة أنفسهم يطوفون برحلات خارجية لو وفروا تكاليفها في عمل مشروع لكان أكرم لهم وانفع ولكن يبدو أن هذا هو أقصى ما لديهم وهم عاجزون عن فعل المزيد
نحن الآن بحاجة لثورات داخلية تخرج أحلامنا وأمنياتنا من قمقم العجز والخوف واليأس الموجود بداخل كلا منا حينها سنجبرهم على الرضوخ لإرادة شعب حي قادر على صنع مجده بأيدي أبناءه.
تعالوا معاً نستبدل نغمة النواح بتغريدة أمل وعمل، ففي كل البلدان التي بدأت من مرحلة الصفر بدأت بالمشاريع الصغيرة لشباب حالمين لديهم القدرة على التخيل والإبداع ومن ثم المغامرة والإرادة القوية المتوجة بالإيمان بالله لذلك صنعوا نهضة واستحقوا أن يفخروا بأوطانهم وتفخر أوطانهم بأنهم أبنائها.
وطنكم يناديكم يحتاجكم وفيه خيرات وقدرات هائلة عكس ما يروج له بعض المدعين الثقافة الذين وصلت عقولهم إلى مرحلة الشيخوخة، فلم يعودوا يروا في البلد من فائدة سوى التسول ومد اليد للغير ليمنحوهم الفتات ثم يعودون مجهدين وقد انتفخت جيوبهم بأموالٍ اشبعتهم ذلاً وزادتهم فقراً وانكساراً..
فيا شباب اليمن أنتم الضوء القادم من خلف الجدران المظلمة، فوحدوا جهودكم وقلوبكم واصنعوا لنا وطناً أجمل ونحن لن ننتظر بل سنكون معكم.
جواهر الظاهري
تغريدة أمل 1981