إن حماية المرافق العامة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها يمننا الحبيب واجب على كل موظف يمني خاصة وقد عطل الدستور والقانون وحلت بدلاً عن النظام القانوني للجمهورية اليمنية الاتفاقية الخليجية.
ورغم جهود النقابة في محاربة الفساد في الجامعة وجهودنا التي لم تتوقف طيلة الفترة السابقة في وصف الواقع الإداري الأكاديمي المتدهور لجامعة تعز، إلا أن الاتفاقية الخليجية كانت حائلاً دون تغيير القيادات الأكاديمية في المؤسسات الأكاديمية في يمننا الحبيب، رغم أهمية هذه الخطوة وضرورتها الحيوية لأمن واستقرار بلدنا الحبيب.
ذهب الوزير السابق / يحي الشعيبي وجاء خلفه ليؤكد لنا الحقيقة المرة والتي مفادها" من المستحيل تغيير القيادات الأكاديمية قبل العام 2014" ومع ذلك لم يثبط هذا التصريح همتنا نحو التغيير وإقامة الدولة المدنية على أساس المساواة والعدالة بين منتسبي جامعة تعز.
واستكمالاً لما كتبناه في مقالات سابقة ساهمنا من خلالها في وصف هذا الواقع الإداري الفاشل للجامعة، يأتي هذا المقال الحيوي الهام ليضع القارئ الكريم أمام المستجدات في إدارة جامعة تعز والتي تشير إلي وضع إداري وأكاديمي متدنٍ للغاية يصل في درجة خطورته ليس فقط إلى الإضرار بالعملية التعليمية وانهيار المؤسسة الأكاديمية في بنيانها العام وهيكلها الإداري والخدمة العامة التي تقدمها للجمهور.. بل أبعد من ذلك حيث وصل الأمر في خطورته المحدقة اليوم إلى الإضرار بالأمن القومي اليمني والخليجي على السواء وفي تقديري السعودي على وجه الخصوص، ذلك أن قيام الجامعة بتمرير دفعة من القرارات المخالفة للقانون دون عرضها على المجالس الأكاديمية المتخصصة بالجامعة وعلى دائرة الشؤون القانونية في إدارة الجامعة وكذلك صياغتها وتوقيعها خارج نطاق الجامعة ثم القيام بطلب ترقيمها وختمها من دائرة الشؤون القانونية بالجامعة، في تقديري أمر خطير للغاية.
إن هذه الأوضاع المتردية في جامعتنا العزيزة على قلوبنا جميعا جعلناً نقف مع زملائنا أعضاء هيئة التدريس في الجامعة المقاومين للفساد وفي إطار عمل نقابي أكاديمي واحد تحت مظلة نقابة أعضاء هيئة التدريس التي أحيينا فيها الدماء من جديد ورمينا شيطان الحزبية في وقفتنا الأولى لمقاومة هذا الفساد والتي كانت رأس الأسبوع الفائت في أمانة الجامعة، كما وجهنا في تلك الوقفة الاحتجاجية مناشده للأخ رئيس الجمهورية والمسئولين بتغيير القيادات الأكاديمية في الجامعة.
من ناحية أخرى وضحنا خلال الأسبوع الماضي وجهة نظرنا القانونية في هذه القرارات بضرورة تحقق ثلاثة شروط أساسية لإصدار هذه القرارات هي كالآتي:
1ـ التعليم
2ـ الوطنية
3ـ العمر
وقد اكتفينا بهذه الشروط ذات الأهمية الكبيرة في تقديرنا الخاص ولم نذهب نحو تعقيد الأمر بالإصرار على شرط الإعلان الذي نص عليه قانون الجامعات تقديراً منا لطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها يمننا الحبيب واحتياجات الشعب اليمني العظيم وحالته الاقتصادية المتردية وجعلنا هذا الاستثناء خاص بالموظفين الذين خدموا الجامعة وأكملوا دراستهم الجامعية على نفقة الجامعة أو ببعثات أرسلت إلى الجامعة بأساليب رسمية وبالتالي نكون بذلك غير مخالفين للشروط الثلاثة سالفة الذكر ويأتي هذا الاستثناء تقديرا منا لخدمتهم في الجامعة ومعرفة الجامعة لماضيهم.
وبالنسبة لتفصيل الشروط الثلاثة سالفة لذكر فإننا نوضح ذلك كالآتي:
أولاً: إن شرط التعليم شرط في غاية الأهمية لا يمكن قبول أي عضو هيئة تدريس في الجامعة دون توفره ولا يمكن لنا التحقق من هذا الشرط الا بواسطة عرض هذه الملفات على المجالس الأكاديمية المتخصصة في كل كلية من الكليات والحصول منها على توصيات بالتعيين.
ثانياً: أما شرط الوطنية فإن هذا الشرط من أهم الشروط على الإطلاق رغم عدم النص عليه في قانون الجامعات، إلا انه شرط معتبر لا يمكن تجاهله خاصة في الفترة الحرجة الحالية لليمن الحبيب التي تستند في نصف نظامها القانوني على أساس الشرعية الثورية.
وان كان بالإمكان تمرير هذه الدفعة من القرارات فإن هناك دفعة أخرى يصل عددها إلى سبعة عشر ملفا من كليتي الطب والهندسه رغم ما تتميز به هاتان الكليتان من خصوصية أكاديمية وعلمية ودور إنساني وحيوي يقع على عاتق أعضاء هيئة التدريس فيها وخريجيها في خدمة المجتمع لدور الأولي منهما علاقة كبيرة وأساسية بصحة الإنسان ولدور الثانية منهما علاقة أساسية ببناء دور المجتمع ومنشاّته ومرافقه العامة التي يجب أن لا تكون مغشوشة في مواصفاتها وموادها وخبرات القائمين على الإشراف على بنائها.
إذ كيف للمجتمع اليمني أن يطمئن إلى هكذا أمور هامة وهو يستئمن عليها أناساً حصلوا على أماكنهم الأكاديمية التي يقودونا من خلالها الجيل اليمني القادم ويوجهون المجتمع بأسلوب الغش والخديعة ومخالفة القانون وبذلك اعتمدوا على هذا الأساس المتدني الفاسد المتهالك في الانتماء إلى صرحنا الأكاديمي الطاهر منارة المحافظة ومصدر إشعاع المعرفة لكل أبناء اليمن قاطبة.
كما أن السكوت على هذا الأمر على خطورته المحدقة والتساهل في التعامل معه بسرعة يناسب خطورته ويوقفها على الفور سيؤدي حتماً إلى تمادي قيادة الجامعة في صياغة هذه القرارات على أهميتها البالغة بأسلوب فاسد فج وقد تصل في المستقبل القريب وفقاً لمعلومات وصلت إلينا إلى مائتي ملف.
كما أن قبول هذه القرارات على علاقتها الكثيرة وبهذا الأسلوب الرديء الفاسد بما يتضمنه من تفضيل مصلحة القائمين على إدارة الجامعة على المصلحة العليا للوطن وليس فقط للجامعة، باعتبارها مرفقاً عاماً سيرتب آثاراً خطيرة ومحدقة في خطرها ليس على مستوى العملية التعليمية في الجامعة أو على بقاء هذا الصرح الشامخ قائماً فقط مع انتفاء الشموخ عنه والاستقلالية العلمية في وظيفته الأكاديمية النبيلة التي يؤديها ويخدم المجتمع من خلالها، بل قد يمتد بآثاره الخطيرة هذه وخلال العشر سنوات القادمة ليؤثر على الأمن القومي لليمن والخليج على حد سواء ويمكننا تخيل بعض هذه الآثار إذا تخيلنا قيام جهات مشبوهة غير مقبولة لدى المجتمع اليمني والقيادة السياسية اليمنية باستغلال هذه الثغرة الخطيرة والقيام بالتفريخ بين أبناء الجيل اليمني القادم من ناحية وأعضاء هيئة التدريس من ناحية أخرى وذلك من خلال محاولة التأثير على فكر الجيل وقياداتها الأكاديمية المشرفة على بناء فكره الوطني الذي يجب أن يعتمد على أساس الولاء للوطن دون سواه.. وتزداد هذه النقطة أهمية إذا تذكرنا تلك المؤشرات الأمنية التي لمح لها رئيس الجمهورية في خطاب سابق والتي ذكرت بعض التفاصيل والتوضيحات عدم إخراج جامعة تعز عن دائرتها.
ثالثا: أما بالنسبة لشرط العمر فإن هذا الشرط أيضاً شرط هام لا يمكن على الإطلاق التخلي عنه عند النظر في هذه الملفات، لأن منح الدرجة الأكاديمية لإنسان يبلغ من العمر اقل من أربعين عاماً عند تعيينه أستاذ مساعد بالجامعة أفضل بكثير وأعظم فائدة من إعطائها لآخر يبلغ عمره فوق الخمسين سنة، ذلك أن الأول سيكون وبكل تأكيد أكثر قدرة على خدمة الجامعة وبناء جيل المستقبل والمساهمة في تطوير العملية التعليمية في اليمن واستغلال الفرص المقدمة للجامعة في تأهيل قدراته العلمية دون التفضل بها لأحد من أقاربه أو معارفه في إطار دائرة كبيرة من الفساد والوحل الأكاديمي.
رابعاً: وفيما يتعلق بالآلية التي أقدم عليها مجلس الجامعة في التعامل مع هذه الملفات وتحديد أسلوب فحصها بإحالتها إلي لجنة من أعضائه هم ممثلو أعضاء هيئة التدريس في المجلس الذين تم اختيارهم بأسلوب الانتخاب من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة لتمثيلهم في المجلس المشار إليه، فإننا نحاول تقييم هذه الآلية الإدارية وفي إطار معلوماتنا الفقهية نشير إلى الملاحظات الآتية:
أـ إن تشكيل هذه اللجنة من أعضاء يفتقدون للدراية القانونية ـ وفقاً للتفصيل الوارد في بيان النقابة ـ جعل القرار الإداري الصادر عنها قراراً غير صائب في تقديرنا الخاص لابتعاده عن الحيادية ورغبت مصدره في محاولة إرضاء طرف دون آخر واجتنابه لمبدأ العدالة والإنصاف وعدم تحقيق أي ضمانات قانونية للمتقدمين وهذه الأمور جميعها كان من الممكن تحقيقها ومراعاتها لو كانت اللجنة شكلت من رجال قانون أو احتوت على بعض منهم ضمن تشكيلها.
ب ـ هناك من الملفات ما يمكن إصدار قرارات فيها بشكل لا يخالف القانون والأعراف الأكاديمية ولا يهضم حقوق أصحابها من الذين خدموا الجامعة فترة طويلة من الزمن وأكملوا دراستهم الأكاديمية العليا وكانت دراستهم هذه علي نفقة الجامعة أو بمنح مقدمة للجامعة أو التعليم العالي وبذلك لا يكونون أيضاً مخالفين للشروط التي ذكرناها سلفا.
وقد قامت نقابة أعضاء هيئة التدريس بعد وقفتها الثانية في هذا الإطار وتقديراً منها للخطر الداهم الذي وضحناه سلفاً بإغلاق مكتب نائب رئيس الجامعة لوقف إصدار هذه القرار وحتى يقوم الأخ رئيس الجمهورية والمعنيون في اتخاذ القرار بإصدار قرار حاسم في هذا الموضوع.
ختاما: نوجه نداءً عاجل إلى الأخ رئيس الجمهورية والمسئولين عن اتخاذ قرار حاسم في هذا الموضوع والمهتمين بالتعليم والأمن في اليمن بإصدار قرار بتغيير قيادة جامعة تعز بقيادة أخرى رشيدة تحافظ على مستقبل الجيل القادم وأمن اليمن ودول الجوار وعدم التأخر في معالجة هذا الأمر بقرار حاسم حتى لا يتوقف مرفق عام حيوي بمكانة وتأثير جامعة تعز في تقديم خدمته التعليمية التي يلتزم قانوناً بتقديمها لجميع أبناء اليمن قاطبة ويصل في تأثيرها إلى سائر بقاع الإقليم اليمني.
د. ضياء العبسي
سوى نحميها 2064