كما يبدو أضحت الصورة في المشهد الجنوبي أكثر قتامة وسوداوية وإن لم أكن مخطئاً فإن المشهد في الساحة الجنوبية يتقدم إلى الخلف إلى ستينيات القرن الماضي عندما انطلقت ثورة الـ14 من أكتوبر1963 التي انطلقت شرارتها ضد الاستعمار البريطاني وقد تعرضت هذه الثورة للكثير من الإرهاصات, بل إن ثورة أكتوبر تعرضت لعدة مؤامرات من الداخل كادت أن تطيح بها في عدة منعطفات لولا حنكة قيادة الجبهة القومية وحركة القوميين العرب اللتين استطاعتا أن تفرضا مشروعهما الوطني التحرري على أولئك النفر الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد وبعد أن تمكنت الجبهة القومية ومعها حركة القوميين العرب من تحرير جنوب الوطن وطرد آخر مستعمر بريطاني في الـ 30 من نوفمبر عام 67.. أطل برؤوسهم هؤلاء المتآمرون وانقلبوا على المشروع الوطني الجنوبي ليتسنى لهم تصفية الرئيس/ قحطان محمد الشعبي وفيصل عبد اللطيف الشعبي ومعهما الكثير من القيادات الجنوبية, ليفرضوا مشروعهم بالقوة.. بل إن المرحلة التي يمر بها جنوبنا اليوم أشبه ما تكون بتلك, حيث لا تخلو الساحة الجنوبية من المتربصين والمتآمرين على قضية شعب الجنوب, إذ كان المؤمنون بقضيتهم يسعون للم الشمل الجنوبي وكان عدد من النفر يسعون لتفريق هذا الشمل, بل وكثرت المؤتمرات الجنوبية في عدة مناطق في كل من جبلة وخمر وعدن ودثينه.. وها هو التاريخ يعيد نفسه لتك الحقبة التاريخية, حيث لم تستطع قيادة الحراك الجنوبي الخروج لنا برؤية موحدة, بل إن هذه القيادة سواء التي في الداخل وحتى تلك التي تتواجد بالخارج لم تتفق يوماً على مشروع موحد ينطلق منه أنصار الحراك .
لقد كثرت السفريات والمؤتمرات الخارجية من حين لآخر ولم يكتب لأي منها نجاح يذكر والدليل على ذلك أن معارضة الخارج ومعها الداخل لم تستطع التوحد وانتشرت الملتقيات الجنوبية بشكل يثير الدهشة والاستغراب في الوقت الذي ينتظر المواطن الجنوبي حلاً ناجعاً لقضيته العادلة بطرق سلمية.
إن الانقسام القائم اليوم في الساحة الجنوبية يجعل القضية الجنوبية أقرب إلى التعقيد منها إلى الحل, وبإمكان الموطن الجنوبي أن يتساءل: هل أوجدت لنا القيادة الحالية للحراك الجنوبي حلاً مرضياً ومهدت الطريق لقضية شعب الجنوب نحو الانفراج؟ أم أنها تصدر إلينا كل يوم مزيداً من العقد والانقسام الذي بات عصياً على التطويع؟ وهل سنجد أنفسنا كل يوم نشكل مجالس وملتقيات ضد بعضنا البعض؟.. وصار كل من فقد مصلحته خصوصاً من أنصار النظام السابق يدأب وبدعم سخي على إنشاء ملتقى تحت مظلة قضية الشعب الجنوبي وصار مثل هؤلاء يتحدث ويسوق لأفكاره وتراه يحط رؤية ويستبدل أخرى, بل ذهب البعض من هؤلاء إلى أبعد من ذلك في الوقت الذي كان شباب الجنوب يستشهد تحت مدافع ومجنزرات الراحل وكانت أراضي الجنوب تغتصب وتم شفط كل مقدرات الجنوب إبان النظام السابق وكان أولئك النفر يصفق للزعيم القائد.
يجيز البعض لنفسه وللأسف الشديد التحدث بسم القضية الجنوبية ولعل مثل هذه التصرفات تسيء للقضية الجنوبية أكثر من أن تخدمها, وبالتالي فإنه يتوجب علينا كجنوبيين ومثقفي الجنوب أن نوقف كل من يريد أن يصنع له زعامة على حسابنا وقضيتنا.
ولنتساءل:هل أضحى البعض اليوم يتاجر بالقضية الجنوبية ويقتات من قضية شعب الجنوب والذي أوصلها النظام السابق إلى هكذا وضع رغم سلمية ومشروعية وعدالة هذه القضية؟.
ماهرالشعبي
الوضع في الجنوب هو نفسه في العام63م 1906