الإشكال الذي تعاني منه الدول الناشئة يتمثل في مسألة تحسين تمثيلها في صندوق النقد الدولي، لأن الإصلاح الذي يعزز مكانة الدول الناشئة داخل المؤسسة لم يطبق بعد كما كان متوقعاً في قمة الصندوق في العاصمة اليابانية "طوكيو"، لأن الولايات المتحدة تجمده، وخلال 2010م اتفقت دول مجموعة العشرين على إجراء تعديل طفيف داخل مجلس إدارة الصندوق الذي يهيمن عليه الأوروبيون في الوقت الراهن وذلك عبر منح القوى الناشئة المزيد من حقوق التصويت، وهذا الإصلاح الذي سيجعل من الصين خصوصاً ثالث أكبر قوة في الصندوق كان يفترض أن يدخل حيز التطبيق أثناء انعقاد الجمعية السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين التي اختتمت اجتماعها منتصف شهر اكتوبر في "طوكيو"، لكن لن يحصل أي شيء، الولايات المتحدة التي تعتبر أبرز المساهمين في رأسمال الصندوق هي التي تجمد مع ذلك كل العملية الإصلاحية بعد ما شجعت عليها، والنص الإصلاحي الذي يتطلب موافقة الدول 113 التي تمثل85% من حقوق التصويت داخل الصندوق لا يمكن أن يدخل حيز التطبيق بكل بساطة من دون دعم الولايات المتحدة التي تتمتع لوحدها بنسبة 16.7% من الأصوات ومن دون مصادقة الكونجرس الأميركي، والرهان حاسم في هذا الإطار لأن هذا الإصلاح يواكب زيادة الموارد الدائمة [الحصص] للصندوق ثلاثة أضعاف لتصل إلى [767] مليار دولار.
وأعربت مجوعة دول العشرين التي تضم الدول الناشئة الرئيسية عن أسفها حيال هذا التجميد الذي يضع سمعة صندوق النقد الدولي على المحك ويؤثر على مصداقية قراراته، وهذا التجمع غير الرسمي يطالب من جهة أخرى بأن يكون لأفريقيا مقعد ثالث من أصل 24 داخل مجلس إدارة الصندوق.
وزير خارجية البرازيل انتقد مقاومة الإصلاح، لأنه يعرقل الجهود الرامية إلى جعل صندوق النقد الدولي منظمة متعددة الأطراف وتمثيله بالفعل وأن هذا الفشل يوجه إشارة سلبية لبقية العالم، وهذا القلق لا يخص مع ذلك الدول الناشئة دون غيرها.. أما وزير الخارجية اليابانية أعرب عن أسفه لهذا التأخير، معتبراً أن من الضروري أن تكون حقوق التصويت داخل صندوق النقد الدولي تعكس أكثر أهمية كل دولة في الاقتصاد العالمي وقد تسمح إقامة جبهة جديدة للدول الناشئة بدفع قضيتهم، ومنذ أشهر عدة بدأت الدول الـ188 الأعضاء في الصندوق هذه التجاذبات الصعبة حول طريقة احتساب الحصص التي ستمنح الدول الأعضاء وتحدد خصوصاً حقوق التصويت العائدة لها، ويتوقع صدور حصيلة أولى خلال ديسمبر.
إن إدارة صندوق النقد الدولي تجاوزها الزمن بالكامل وإن الدول الناشئة ودول البريكس [البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا] بدأت تقول "لماذا يتعين علينا أن ندعم ونمول ونعمل مع صندوق النقد الدولي، حيث لا كلمة لنا".
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 13/10/2012م
2. الاتحاد الاقتصادي 14/10/2012م
د.علي الفقيه
الدول الناشئة تطالب بزيادة تمثيلها في صندوق النقد الدولي 1822