صندوق النقد الدولي وفي اجتماعه المشترك مع البنك الدولي في العاصمة اليابانية "طوكيو" حذر من أن أزمة ديون منطقة اليورو الحالية يمكن أن تدفع البنوك الأوروبية إلى التخلص من أصول بقيمة [2.8] تريليون دولار إذ لم يستطع صناع القرار في المنطقة حل أزمة الديون السيادية التي تعصف بها وأن قيمة الأصول التي يمكن التخلص منها قد تصل إلى [4.5] تريليون دولار في حال اشتدت الأزمة،والتأخير في علاج الأزمة يزيد من حجم الأصول التي سيتم التخلص منها في البنوك. وقال الصندوق إن الأموال تنتقل من الدول المضطربة مالياً في منطقة اليورو مثل أسبانيا وإيطاليا إلى دول أكثر استقراراً اقتصادياً سواءً داخل المنطقة أو خارجها وحذر من أن خروج رؤوس الأموال وهشاشة السوق يدمران الأسس الحقيقية للوحدة: وهي الأسواق المتكاملة والسياسة النقدية الموحدة الفعالة ويرى الصندوق أن أزمة ديون منطقة اليورو تمثل خطراً رئيسياً على الاقتصاد العالمي ككل. ورغم الخطوات الجدية التي اتخذها صناع القرار في منطقة اليورو مازالت الثقة في العملة الأوروبية الموحدة مفتقدة بدرجة كبيرة ومازالت المخاوف بشأن استقرار منطقة اليورو تتزايد. وقد أدت أزمة منطقة اليورو إلى تدفق رؤوس الأموال إلى الولايات المتحدة واليابان كونهما ملاذين آمنين لهذه الأموال وهو ما أدى إلى انخفاض الفائدة على الديون الحكومية في الدوليتين إلى مستوى مسبوق ما سهل عليهما تمويل خدمة ديونهما العالية. الولايات المتحدة واليابان وهما أكبر وثالث أكبر اقتصاد في العالم تواجهان تحديات مالية خطيرة والتحذير هو التخوف من تعرض اليابان لأزمة ديون كتلك التي تضرب منطقة اليورو. وتدفق الأموال من منطقة اليورو إلى اليابان دفع بالعملة اليابانية إلى الارتفاع كمستويات تاريخية وهو ما يؤثر سلباً على صادرات اليابان وإنتاجها المحلي، ويؤدي ارتفاع قيمة الين إلى تراجع القدرة التنافسية للمنتجات اليابانية في الأسواق الدولية وانكماش قيمة عائدات الاستثمارات اليابانية في الخارج.
الاقتصادات الصاعدة نجحت في التعامل مع الأزمة المالية العالمية حتى الآن، لكن لابد من ضرورة التحوط لمواجهة أي مخاطر جديدة ناجمة عن أزمة منطقة اليورو، وأن العقبة الأكبر في وجه النمو سوف يطرحها بلا شك الإرث الهائل الذي ستخلفه الديون العامة وقد بلغ الآن متوسط 100% من إجمالي الناتج الداخلي في الدول المتطورة وهو مستوى يكاد يساوي مستويات زمن الحرب في ظل التقشف الحكومي وارتفاع معدلات البطالة فأسبانيا وبقية دول جنوب أوروبا تصارع أرقام البطالة المتزايدة على الرغم من قلة عمليات إعادة الهيكلة، حتى الآن، الأمر الذي جعل المربح القوي من تدابير التقشف الحكومية وضعف النمو الاقتصادي وضعف القطاع المصرفي في قارة أوروبا والعديد من خبراء الهيكلة يتطلعون إلى إنجاز أعمال كبيرة، ودأبت صناديق الديون المتعثرة على توسيع دائرة عملياتها مع محاولة صناعات أميركية لإثبات وجودهم في السوق، أملين في الحصول على أكبر قدر ممكن من العائدات، البنوك الأوروبية ليست في الوضع الذي يؤهلها لمقابلة الاحتياجات المالية الضخمة خلال السنوات القليلة المقبلة وبينما من المتوقع أن يستوعب السوق بعض هذه الشركات ينبغي أن تخضع معظمها لعمليات إعادة الهيكلة.
وفي حين ساعدت القروض التي قدمها البنك المركزي الأوروبي البالغة أكثر من تريليون يورو في تحسين وضع البنوك الأوروبية يقدر صندوق النقد أن بمقدور هذه البنوك التخلص من أصول بنحو [2] ترليون يورو بحلول 2013ما يقلص توفير الائتمان الكلي بنسبة قدرها 1.7%، كما تواجه الشركات الأوروبية ما يسمى بحائط إعادة التمويل في الفترة بين 2013 إلى 2015 عندما يحين أجل الديون التي تم إصدارها في الفترة بين 2006 إلى 2007 لكن ومع أن أوروبا عانت من أزمة الديون السيادية لعامين على الأقل ودخول القارة ككل في حافة الركود إضافة إلى معاناة معظم الجزء الجنوبي من ارتفاع معدلات البطالة وتراجع ثقة المستهلك، إلا أن صافرة الإنذار لم تطلق بعد.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي11/10/2012م
2. الاتحاد الاقتصادي13/10/2012
3. الاتحاد الاقتصادي14/10/2012
د.علي الفقيه
صندوق النقد الدولي.. تحذيرات بشأن عدم الاستقرار المالي العالمي 1988