الثورة الشبابية لم تحط رحالها بعد والمشوار طويل ومازال أمامنا مسؤوليات تاريخية وعظيمة كي نرى أهداف الثورة الشبابية واقعاً ملموساً بين أظهرنا، ومع مواصلة الثوار للمسيرة الثورية فإن ما تحقق حتى اللحظة ليس بالشيء اليسير أو الهين.. ثمة مكاسب عدة تحققت وأخرى رهن التحقيق ومكاسب ستأتي تباعاً شاء من شاء وأبى من أبى ، فلقد دارت عجلة التغيير ولن تعود إلى الوراء مهما تطاول الآخرون على ثورتنا ومكاسبها، فإنهم إنما يسيرون في ركب الثورة المضادة والتي لم تحقق أهدافها ما دام ثوار اليمن متمسكين بوحدتهم الثورية وخيارهم النضالي وحبهم للحرية والتغيير، وثمة أصوات ترتفع وأخرى صاخبة ومن حق أي شخص أن يقول ما يشاء، فالحرية قيمة كبرى وهدف هام من أهداف الثورة الشبابية، فتلك الأصوات تعتبر أن الثورة لم تحقق شيئاً أو أنها سرقت أو انحرفت عن مسارها ومن حقهم الاعتقاد بما يقولون، فلن يستطيع أحد أن يكمم أفواه الناس بعد ثورة فبراير العظيمة، لكن ثمة أشياء في الواقع وأخرى تجري وأشياء لا بد من مواصلة النضال الثوري ورفع الوعي الشعبي لتحقيقها.
الثورة الشبابية لم تكمل عامها الثاني بعد وقد استطاعت أن تسقط رأس النظام بسلمية أذهلت العالم، بل إن ثورتنا غيرت السمعة التي تركها النظام السابق عن يمننا الحبيب واستغرب العالم أن يناضل اليمنيون بصدور عارية رغم وفرة السلاح والأجواء التي تدعو إلى ممارسة العنف وبحمد الله نجت اليمن عبر عقلائها في تكتل اللقاء المشترك من العنف والدمار.. ولقد شكل انقسام الجيش علامة فارقة في مسار الثورة وساهم في توازن قوى الرعب، مما أربك نظام صالح وجعله في حيرة من أمره خصوصاً وأنه كان يعلق أملاً كبيراً في قمع الثورة عبر استخدام العنف الدموي وما جمعة الكرامة عنا ببعيد، صمود شباب الثورة وتضحياتهم العظيمة ووجود حامل سياسي للعمل الثوري وتوازن قوى الرعب شكل ثلاثة أضلاع هامة أسقطت صالح من رأس السلطة ، ومن ثم كانت ومازالت الثورة في مهمة جسورة للانتقال من التخلص من رأس النظام إلى معركة حساسة مع بقايا النظام والفساد والثقافة الصالحية لدى المواطنين ، فجاءت حكومة الوفاق لتستعيد هيبة الدولة التي تخلى عنها صالح كي يوهم الشعب والعالم بأنه لولاه لكانت اليمن في خبر كان ، فحققت الحكومة نجاحات عدة ما كان أحد يتوقعها في زمن وظروف قاسية ، حكومة الوفاق مهمتها الأساسية نقل السلطة واستكمال بنود المبادرة الخليجية ، لكنها تحملت على عاتقها مالم يكن في الحسبان، فلقد انتصر الجيش اليمني ولأول مرة على تنظيم القاعدة وتمكن من استعادة بعض المحافظات التي كان يسيطر عليها التنظيم ، ولقد شهدت المنظومة الكهربائية تحسناً ملحوظاً عن الفترة الماضية، رغم أن ما تحقق ليس هو ما يطمح له الشعب لكن الحكومة تجشمت الصعاب للاهتمام بحياة المواطنين والبسطاء وهي ماضية لتحسين الوضع الكهربائي ، ولقد استعادت الحكومة ميناء عدن من موانئ دبي للاستثمار فيه بعد أن باعه النظام السابق بيعة سارق.. وهاهي تواصل مشوارها لإلغاء اتفاقية بيع الغاز اليمني والذي باعه نظام صالح بيع التراب، ولقد أصدر الرئيس هادي جملة من القرارات الهامة في مشوار هيكلة الجيش وتم إقالة بعض أقارب صالح وأقر هادي بإنجاز أهم هدف للثورة الشبابية إلا وهو هيكلة الجيش، فقال: هيكلة الجيش جزء لا يتجزأ من المبادرة الخليجية.. ليس هذا فحسب فلقد اعترف بالثورة الشبابية وتعهد بالحفاظ على مكتسباتها وتحقيق التغيير الذي خرج لأجله شباب الثورة.
وفي الجانب الاقتصادي تعمل حكومة الوفاق جاهدة لتحسين أوضاع المواطنين، فلقد تم توظيف ستين ألفاً ممن وعدهم الرئيس السابق بالتوظيف ولم يوظفهم، أضف إلى توظيف ما يزيد على سبعين ألف مواطن في الجيش وكذا توظيف عمال النظافة في شتى محافظات الجمهورية، وكذا توظيف الآلاف ممن تعاقدوا مع المؤسسات الحكومية في عهد النظام السابق، وصرف العديد من علاوات الموظفين وفوارقهم الموقوفة في عهد النظام السابق، إضافة إلى استقرار سعر الصرف وإيقاف التدهور الاقتصادي الذي كانت تسير إليه اليمن.
ولقد تغير أداء الإعلام اليمني بشكل ملحوظ وواضح للجميع وهذه مهمة ليست بالأمر السهل، كون نظام صالح كان يستخدم الإعلام الرسمي لتحقيق أهدافه وتشويه سمعة الثورة الشبابية، وهاهي الأيام تمضي والتحضيرات الجادة لمؤتمر الحوار الوطني تسير بوتيرة عالية.
وفي الجانب الأمني تحسنت الأوضاع وبشكل كبير عما كان، رغم وجود قصور هنا وهناك والجميع يعرف أن النظام السابق تغلغل في كل مفاصل الدولة وليس بالأمر السهل أن يترك الفرصة أمام قوى التغيير كي يقول للشعب بأنه كان أفضل وأحسن من غيره وهو ما يسعى إليه.
حالياً صالح يعيش رعباً غير عادي، فلقد وصل شباب الثورة إلى ركن منزله وتحركات حكومية ومدنية وتعاون دولي لاستعادة الأموال المنهوبة وإدراج اسمه وكثير من المقربين إليه في قائمة المتهمين بمجزرة جمعة الكرامة ، ولعل بقاءه في اليمن سيسوقه إلى قدره المحتوم والأيام حبلى بالمفاجاءات.
وختاماً فإن تطبيق قانون التدوير الوظيفي الذي أقرته حكومة الوفاق كفيل بأن نجد التغيير قد حل بكل محافظة ومديرية وقرية، والأهم مما سبق أن أعين الثوار تراقب الأداء والساحات باقية وثورتنا مستمرة لتحقيق أهدافها.
محمود الحمزي
مكاسب ثورية تحققت والثورة مستمرة 1920