إعلام النظام السابق بالرغم أنه خارج عن القانون، كونه يبث برامجه الفضائية دون مسوغ قانوني ولا يمتلك ترخيصاً بذلك، بما يعد انتهاك سيادة وطنية وعلى وجه الخصوص الإذاعي [F.M] والذي يعمل على اتساع مساحة البث على مستوى ألأراضي اليمنية.. نقول هذا الإعلام اليوم يكثف من خطابه النقدي على كافة المستويات وحسناً يفعل حينما يتطرق بقوة إلى الجوانب السلبية مهما كانت، لكن أن يصور هذا الإعلام كل الفساد الذي يشير إليه بأنه تزامن مع الثورة أو رافقها أو نتاجها، فذلك تضليل لا بعده تضليل، فالفساد الذي طغى على حياة وطن وصار ممنهجاً على كافة المستويات هو نتاج 33 عاماً من السيطرة على مقدرات وطن ونتاج القهر والاستبداد والإستحواذ وإفراغ النظام والقانون من محتواه وجعله مجرد حبر على ورق، وتزييف الديمقراطية وامتلاك الصندوق بكل أصواته، وإفراغ منظمات المجتمع المدني من الغرض الذي من أجله تأسست، وتحويل ممتلكات الدولة إلى مغنم لذوي الجاه والحظوة ومن في فلك النظام السابق، وإرباك الحياة بتفشي الرشوة والنهب للمال العام والاشتغال على المناطقية والطائفية، وتعميق الفجوة بين المواطن والدولة واختراق نصوص الدستور وجعل السلطة المطلقة بيد الفرد، ورفعه إلى مقامٍ عليٍ وجعله نصف إله في إعلامه الذي انتهج التلاعب بالعقول والطغيان في رسم صورة نمطية كبيرة عن النظام وأنه لا شريك له.. كل ذلك أدى إلى فوضى وحراك وحوثية وما شئت من المشاكل الاقتصادية والنزاعات والحروبات والعمالة والارتهان والسيطرة الجاهزة من قبل الأقرباء على مفاصل السلطة، بحيث عم الفساد كل مظاهر الحياة.. ونتيجة كل تلك الأسباب وغيرها كانت الثورة ضرورة حتمية لإعادة الحياة إلى شريان الوطن.. وهو أمر ناضل من أجله شرفاء الوطن والقوى النضالية التي رسخت القناعة بحتمية التغيير وأهميته حتى لا يجد الشعب نفسه من جديد خارج العصر ومفاهيم الدولة المدنية الحديثة.
وما نستغرب له هو تناولات إعلام النظام مظاهر فساده بتوسع، بما يعني ضمناً أنه كان على دراية بكل ذلك وأنه اشتغل على منهجة الفساد وجعله القاعدة وما عداه استثناء.. ولعله في تناولاته للفساد يريد كيداً بالثورة والتغيير وكأنها سبب كل المصائب، وأن هذه الثورة تمتلك العصا السحرية لإصلاح فساد 33 عاماً، كلها بؤس وحرمان وتآمرات وأخطاء فادحة.. وزوراً بتناوله لفساد إعلامه في محاولة بائسة لتشويه معالم حياة جديدة وكأن كل شيء في عهده كان تمام التمام وأن الثورة التي أعادت ميناء عدن إلى الوطن بعد أن كان مصادراً بحفنة مال حرام، والتي أعادت النظر في بيع الغاز المسال كثروة إستراتيجية باعها النظام برخص التراب، كأن كل ذلك لا معنى له وأن التغيير ليس إلا الوجه السلبي وتعددية الفساد ارتهن بهذا التغيير.. هكذا يجري البحث عن منافذ كذب وتضليل على المواطن الذي بات يعرف جيداً أن التركة الكبيرة من الفساد في كل المجالات لا يمكن أن يتم القضاء عليه بضربة لازب، سيما وأن ثمة بقايا لمن كانوا في حضن النظام ومازالوا في مواقع متقدمة يشتغلون بقوة على تشويه المنجز الثوري ويتداعون على الوطن من كل حدب وصوب.
فإذا ما أدركنا أن بقايا النظام مازالت في الواجهة تلعب، تمارس الفساد الذي يريده النظام السابق عنوان حياة القادم ومصير وطن يريده متعثراً في خطواته باتجاه المستقبل، نقول: إذا ما أدركنا ذلك واستوعبنا الكيد ومخرجات الفساد وبقاياه التي يريد النظام احتسابها على الثورة ، فإن الكثير من كل ما يراد له ماحقاً حتماً سيفشل ولن ينال مبتغاه، وهنا لابد لعشاق الكرامة أن يبرزوا سلبيات النظام السابق وأثرها على مستقبل وطن وكيف يمكن تجاوزها بتعاضد كل القوى الخيرة.
ولابد أيضاً من كشف ومكاشفة للفاسدين الذين يتسللون إلى مفاصل في الدولة ويشتغلون على السلبي بوحي من كبيرهم، فالقادم لابد أن يكون خالياً من بقايا النظام إن كان فاسداً والقادم لابد أن نعقل محتواه وكيفية الانتقال من السلبي إلى الإيجابي وفتح كل ملفات الفساد التي يحاول النظام السابق التخلص منها ولصقها بالثورة والتغيير، وهو أمر نحسب أن العدة له قد بدأت وأن الخطوات التي يقدم عليها إعلام النظام المخلوع تترتب اليوم لتبرئة كل فشله، وتصوير الثورة أنها غلاء وفساد في القضاء وإقلاق أمن وانتهاك سيادة، في حين أن كل ذلك نتاج نظام تخصص في الفوضى واللانظام.
من هنا تقع مسؤولية القوى التحررية في إبراز مؤامرة النظام على الوطن وتطلعاته الغير مشروعة في العودة إلى السلطة من بوابة إعلام كيدي وصمت القوى التي يقع عليها كشف الزيف والبغي والحد من طموحات وشره ما تبقى منه في العودة من جديد بأسلوب التذاكي والتباكي على الواقع وبأجندة تحالفية تنصهر فيها مكونات الداخل بالخارج وتتآزر القوى الظلامية والانفصالية مع ذات المخلوع ليكشف لنا التحول في منهجية الخطاب الإعلامي عن توجه فساد من نوع جديد ينبغي الاحتراز له مهما كانت لافتات الديمقراطية التي يتشدق بها اليوم إعلامه المزيف للواقع والذي لا يقدر ولا يجرؤ على مكاشفة فساد 33 عاماً، لكنه اليوم يذهب إلى الخداع بنشر فساد السابق وجعله من خصائص اللاحق..
والحقيقة أن تضافر القوى الحوثية والحراك الانفصالي مع النظام ومستورداته الطهرانية وما يجري من ترتيب في استهداف واضح لعلاقة اليمن بأشقائها وعلى وجه الخصوص المملكة العربية السعودية ودول الخليج، ليس سوى محاولة لدق أسفين بين اليمن وحلفائها المستقبليين.. وهنا لابد من الحرص الشديد على بمعرفة توجهات النظام المخلوع من خلال تحليل مفردات خطابه وتفكيك هذا الخطاب الذي يكشف عن تحالف بات واضحاً مع سياسة طهران ضد الداخل اليمني ودول الجوار وهو أمر نراه واضحاً ومعكوساً في خطاب مثقفي هذا النظام وعلى وجه الخصوص من يدعون الليبرالية وهم منها أبعد ما يكونون، لكنها تحالفات قوى البيع والارتهان بأساليب عدة تستهدف إلصاق مظاهر الفساد بالثورة وتحييد النظام المخلوع عن ذلك والترويج لوجوه جديدة يجري الترتيب لها بتحالفات متعددة لإيصالها إلى السلطة وتمت بوثيق الصلة إلى النظام المخلوع وإحداث شرخ في جدار العلاقات اليمنية الخليجية بمخطط تآمري طهراني..
وهنا على القوى المتطلعة إلى المستقبل أن تدرك جيداً فحوى الفعل التآمري الجديد وإعداد رؤية منهجية سليمة لكشف أبعاده والقوى التي تقف خلفه ومكامن مفرداته وتقديم الصورة الكبيرة عن فساد 33 عاماً، فتناسي ذلك يزيد النظام السابق تمادياً وغطرسة وكشف الكذب والزيف تحصين وطن لابد منه.
محمد اللوزي
إعلام للزيف في مواجهة الثورة 2035