أمة اقرأ لا تقرأ ولا يحب شبابها القراءة ولا يميلون إليها والمكتبات هي آخر مكان يمكن أن يفكر الشباب بدخوله إلا قلة قليلة منهم في عصر غزت فيه ثورة التكنولوجيا كل حياتنا وتدخلت في كل تفاصيلها لتهب لنا حضارة مزيفة، حضارة مبانِ وأجهزة ذكية وأدوات مختلفة وكثيرة ومثيرة فيها كل ما يمكن أن يضيع وقت الإنسان ويلهيه عن شيء اسمه كتاب يمسكه بيديه ويقلب صفحاته بأنامله ويغذي عقله بكلمات تضيء له سماء روحة، فتتفتح مداركه وتستضيء بصيرته بنور العلم الحق
لان العلم ليس ذاك الموجود في كتب المدرسة التي تمنح التلميذ الجهل مغلفاً بورقة مقوى تسمى شهادة، لكن العلم هو الذي تبحث عنه أنت بنفسك في رفوف المكتبات وعلى أوراق كتب سطرها أصحابها بمداد خبراتهم وعصارة أفكارهم وتجاربهم وأهدوها لنا في كتبٍ قيمة هي كنوز حقيقية لمن يعرف قدرها
شباب الأمة قيدتهم سياط الحضارة المادية التي عصرت أرواحهم وحصرتها في أشياء من الرفاهية المزيفة، منحتهم كل شيء جاهزاً ومعلباً، ابتداءً من طعامه وشرابه ولبسه، وانتهاءً بعلم ساذج معلب في كتب يدرسها فقط ليحصل على وظيفة.. حضارة ارتفعت فيها المباني حتى حجبت ضوء الشمس وتقزمت فيها العقول حتى غدت عاجزة عن معرفة ما ينفعها مما يضرها.
لذا ترى مراكز التسوق تملأ كل شبر من الأرض حتى أنك كلما درت بعينيك لا ترى أمامك إلا أسواقاً منتشرة واسعة مملوءة بكل ما يمكن أن يفرغ جيبك والناس فيها يتزاحمون باحثين عن كل ما يمكن أن يفرغ عقولهم من محتواها.
وإذا ما بحثت عن مكتبة تجدها بعيدة جداً في الأماكن الخلفية التي لا يرتادها إلا القليل وحين تدخلها ستجدها تشتكي من قلة زائريها وتئن من هجر أمة كان أول ما أُمروا به في كتاب ربهم جل وعلا هي اقرأ.
يقول الدكتور عائض القرني: إذا ركبت مع أوروبي وجدته خانساً منغمساً يقرأ في كتاب، وإذا ركبت مع عربي وجدته يبصبص كالذئب العاوي، أو كالعاشق الهاوي، يتعرف على الركاب، ويسولف مع الأصحاب والأحباب، بيننا وبين الكتاب عقدة نفسية، ونحن أمة (اقرأ)، ولكن ثقلت علينا المعرفة، وخف علينا القيل والقال.
الإنسان بلا قراءة قزم صغير، والأمة بلا كتاب قطيع هائم،وهذا هو حالنا والهم، فهل من صحوة فكرية وثقافية تعيد بناء علاقة سليمة وقوية بيننا وبين الكتاب كطريق وحيد للخروج بعقولنا من متاهات التخلف والعجز الذي أصابها منذ زمن بعيد؟!.
جواهر الظاهري
ناولني كتاباً.. أعطك حضارة 1679