يزايد البعض ممن نصّبوا أنفسهم أوصايا على الآخرين وصاروا يتحدثون باسمهم، ونيابة عن مناطقهم، يزايدون بالمبالغة بقضايا تلك المناطق التي يهيمنون عليها دون عمل أي حساب للرأي الشعبي الجمعي، الذي من حقه أن يعبر عن رأيه، ويُسمع لصوته، باعتباره صاحب المصلحة الأول والأخير، ولا يحق لأي كان أن يفاوض أو يساوم باسمه.. أتحدث هنا واعني بذلك ما تقوم به جماعة الحوثي في صعدة، وما تقوم به بعض فصائل الحراك في الجنوب، الذين لا أحد يستطيع إنكار مظلوميتهم، لكن ليس لهذه الدرجة التي تعطي البعض حق المتاجرة بتلك المظالم وتلقي الأموال المشبوهة من هذا الطرف أو ذاك.. مستغلين الحراك السياسي والثوري الذي تشهده البلاد، من أجل تحقيق مكاسب وأهداف شخصية لا علاقة لها بالمواطن والوطن لا من قريب ولا من بعيد.. متناسيين هؤلاء أن ما حل بتلك المناطق ما كان ليحدث لولا مساعدتهم ومشاركتهم في ذلك.. من خلال تعنتهم وتزمتهم وتفضيلهم المصلحة الشخصية على المصلحة الشعبية والوطنية العليا..
إن من استولوا على مناطق واسعة من أرض الوطن بقوة السلاح، ونصبوا أنفسهم أوصايا على الناس يدركون جيداً أنهم يسبحون في فوضى الطائفية والعنصرية المقيتة، ويدركون جيداً أنهم بأفعالهم الشنعاء تلك ستتذكرهم الأجيال بأنهم حفنة من المخربين وقطاع الطرق وخفافيش الظلام..
لقد تعايش اليمنيون على اختلاف مذاهبهم ومشارفهم وتوجهاتهم جنباً إلى جنب الآلاف السنين، واليوم هناك من يسعى إلى الوقيعة بين أبناء الوطن الواحد.. من خلال العزف على وتر المذهبية والطائفية المقيتة، فهذا زيدي، وهذا شافعي، وهذا حنبلي وذاك حنفي، وهكذا.. حتى من خلال "التريوع" الحزبي (إصلاحي، سلفي،، مؤتمري، ناصري، بعثي).. فالاختلاف في الرأي والتوجه والمعتقد والديانة من الأمور المّسلم بها، بل والمعترف بها في الإسلام، وهي حقائق أكدها القرآن في كثير من النصوص القرآنية لعل أهمها تخيير الله الإنسان بين الإيمان به أو الكفر حيث قال (فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر)..وفي موضع آخر:(لكم دينكم ولي دين).. مقابل ذلك جاء التأكيد بأن الإسلام هو الدين الوحيد المقبول به عند الله تعالى(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)..
فالإسلام أعطى الإنسان حق الاختيار والانتماء والعبادة.. لكنه حذر المسلمين من الانقسام والتفرقة (ولا تفرقوا فتفشلوا وتذهب ريحكم).. (ولا تكونوا كالذين فرقوا دينهم، وكانوا شيعاً، كل حزب بما لديهم فرحون).. (واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا وكونوا عباد الله إخوانا)..
والملاحظ أن العازفين على وتر الطائفية قد نجحوا نوعاً ما في تأليب الناس وتعبئتهم وتحريضهم ضد بعضهم البعض من خلال أبواقهم الإعلامية، ومنابرهم التحريضية التي أنشأت خصيصاً لنشر الفوضى والتفرقة بين أبناء المجتمع الواحد والوطن الواحد.. في زمن نحن بأحوج ما نكون فيه إلى لم الشمل، وتوحيد الصف، وجمع الكلمة، والوقوف صفاً واحداً، وحصناً منيعاً في مواجهة المخاطر التي تحدق بالأمة الإسلامية من كل مكان..
موسى العيزقي
عن المناطقية والطائفية المقيتة.. 2239