تقول الرواية الشعبية إن نباشاً كان يقوم بنبش القبور وسرقة أكفان الموتى وكان هذا الفعل يثير حفيظة أبناء القرية الذين لم يكن بوسعهم حينها معرفته سوى لعناتهم عليه وبعد مماته خلفه ابنه فقال لأصدقائه أستطيع أن أجعل الناس يترحمون على والدي فقالوا له كيف ذلك؟ فكان ينبش القبر ثم يسرق الكفن ويرمي بالميت خارج القبر فكان الناس يقولون رحم الله النباش الأول كان يسرق الكفن ويترك الميت.
هذه الحكاية تجسد واقع الحال الذي تعيشه اليوم محافظة تعز بعدما أفرط الناس كثيراً بتفاؤلهم بتكليف شوقي هائل محافظاً للمحافظة قبل نصف عام وظن الفاسدون حينها أن لا عاصم لهم من التغيير خاصة وأن المحافظة كانت تعيش ثورة المؤسسات الأولى والتي كانت قاب قوسين أو أدنى من كنس الفاسدين لولا تدخل المحافظ الجديد الذي قذفت به الثورة الشعبية إلى أعلى هرم السلطة في المحافظة.
اليوم وبعد تنكره لتضحيات الشباب ولدماء الشهداء ولحرمة المدينة التي داستها قوات زعيمه المخلوع بات لزاماً على القوى الثورية أن تصعد من فعلها الثوري لإسقاط الثورة المضادة التي يقودها المحافظ ومن يقف إلى جانبه من بقايا النظام السابق المتورطين بقتل الشباب ونهب المال العام.
إن استماتة المحافظ لإبقاء القتلة في مناصبهم لهو تحد سافر ليس للثوار فقط بل للمحافظة برمتها التي ما تزال تتوق إلى التغيير ووضع حد للفوضى والانفلات الأمني الممنهج وهي إشارات يبعثها الرئيس السابق وبقايا نظامه من أن تعز التي انطلقت منها شرارة الثورة ستبقى عصية على التغيير وان الثورة هي من أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليه الآن بالرغم من أن سلفه الصوفي كان قد بدأ بإقالة وتوقيف بعض الفاسدين استجابة لمطالب الثوار ولم يتمسك بالثلاثي القاتل قيران، العوبلي، ضبعان، كما فعل خلفه شوقي الذي شد الرحال إلى صنعاء لثني الرئيس هادي على تغيير موقفه من نقل اللواء 33إلى محافظة الضالع وزاد أن منح نائبه وبعض وكلائه ممن يتهمهم الثوار بالمشاركة بقتل الشباب وإحراق ساحة الحرية الصلاحيات الكاملة التي لم يكونوا يحلمون بها في السابق.
أثناء تولي السعيدي إدارة أمن المحافظة أقام المحافظ الدنيا ولم يقعدها وحمله كل الإخفاقات الأمنية، مع أنه تمكن من فرض الأمن والاستقرار ونشر الدوريات العسكرية في معظم شوارع وأحياء المدينة، حيث اختفت المظاهر المسلحة حينها رغم أن معظم الوحدات الأمنية لم تتعاون معه بما فيه الكفاية بحكم موقفه المساند للثورة الشبابية.. لماذا لا يفعل المحافظ الشيء نفسه مع مدير الأمن الحالي وهو من ترك الحبل على الغارب وأوصل الحالة الأمنية إلى حافة الانهيار؟ لماذا ظل شارع جمال مقطوعاً وهو الشارع الحيوي والرئيس في مدينة تعز في ظل صمت السلطة المحلية وجهاتها الأمنية على مدى ثلاثة أسابيع ؟ألم يكن الأجدر بالمحافظ شوقي أن يتعامل بمسؤولية مع المحتجين والاستماع لمطالبهم ورفعها إلى الجهات العليا إن كانت حقوقية أو ردعهم وإيقافهم عند حدهم إن كانت غير ذلك؟.
لم يعد من المقبول أن يتخذ المحافظ من الفوضى الأمنية شماعة ليداري عجزه عن تحقيق ما وعد به لتحميل الثوار ومن يسمون حماة الثورة مسؤولية التدهور الأمني بهدف التحريض على الثورة وتغيير قناعة الشارع بأهداف وقيم الثورة وتحميلها وزر الانفلات الأمني الذي تشهده المحافظة وهذا ما يسوقه بقايا النظام اليوم.
أخيراً نتمنى من المحافظ شوقي أن يحقق ما وعد وان يشتغل بصمت، لأننا لم نعد نطيق الاستماع إلى نفس الأسطوانة المشروخة التي كررها من كانوا قبله على مدى عقدين من الزمن وتعاقبوا على وضع أحجار أساس لمشاريع يمكنها الدخول في موسوعة جينس للأرقام القياسية.. بقي أن أشير إلى أن الجميع يعلم أن المحافظ شوقي شبعان من بيته وهو ينتمي إلى أكبر مجموعة اقتصادية في البلد اليد، فلا داعي لأن يذكرنا بها في كل مؤتمراته الصحفية وإذا أراد أن يحافظ على مجد هذه المجموعة العملاقة.. فلا يدفع الناس للقول : "رحم الله النباش الأول".
عبد العليم الحاج
تعز.. "رحم الله النباش الأول" 3470