"القول بتحريم الخمر إساءة للثقافة العربية الإسلامية" من مقالة لـ علي المقري.
كثيراً ما يتساءل الإنسان عن بعض ممن يسمون و يوصفون بالمثقفين في عالمنا العربي الذين يخوضون في مسائل وقضايا معلومة من الدين بالضرورة...ورد تحريمها في الكتاب والسنة ودلالتها قطعية الثبوت لا ظنية، أي ممالا يجوز لمجتهدي الأمة وعلمائها وفقهائها الاجتهاد فيها...ولا تحتمل التأويل ولا التفسير ولا الاجتهاد..لأنه لا اجتهاد مع نص...
يتساءل الإنسان عنهم ولا يجد مبرراً أو ذريعة يمكن أن يضعها في ميزان التقييم الايجابي لهؤلاء وأفكارهم وآرائهم..خصوصاً وهم يحملون ألقاب وأوصاف المثقفين أو الأدباء والشعراء أو الذين يشكلون كوكتيلاً ومزيجاً بين الأدب والثقافة والشعر...
يستغرب الإنسان غاية الاستغراب عندما يشاهد هؤلاء يتصدرون منابر الإعلام ويديرون الندوات وتخصص لهم أعمدة على صفحات الجرائد كي ينشروا وسخ ونتن أفكارهم وانحرافهم.. ويتحفونا بثقافتهم الصدئة إن كانت ثقافة بالأساس..أو إن جاز لنا أن نسميها ثقافة..أو نطلق عليها رواية أو قصة أو حكايةً أو شعراً...
تلك الثقافة التي لا يمكن إلا أن تكون وحياً شيطانياً نزقاً عشش في عقول خربة في لحظة رفضت فيها تلك العقول الاستجابة للفطرة السليمة والسليقة المستقيمة، فرفضت الوحي الرباني بنوره وقبلت واستساغت الوحي الشيطاني بظلامه.. واستجابت لأفكار شطت بأصحابها بعيداً عن ثقافتهم أو بمعنى أصح ثقافة مجتمعهم الذي يزخر بالميراث الضخم من المعارف والمفاهيم والأفكار والمعتقدات والقيم والأخلاق...
يتساءل الإنسان عن دوافع هؤلاء وأهدافهم ومراميهم ؟ ولماذا لا تتجلى لحظات الإبداع الشيطاني إلا عند تناولهم لمسائل تخص الدين والعقيدة وتسيء لإنسانية الإنسان وتتناقض مع فطرته السليمة وموروثة وعقله؟؟..
كثيرا ما سمعنا أو قرأنا أو شاهدنا أمثال هؤلاء الذين يثيرون الكثير من اللغط والجدل سواء في كتاباتهم أو آرائهم التي تخلط بين الانحراف والتحريف وبين الدجل والتزييف..وبين الخوض في وحل الباطل والهروب من صفاء ونقاء الحق....بينما لا تنقصنا الثقافة ولا الفلسفة ولا العلم بفرعيه الشرعي أو الدنيوي.
ولا ينقصنا التاريخ الناصع والمجيد..ولا ينقصنا العظماء وصناع مجد الأمة ابتداءً من الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وصحابته الهداة المهديين...وبعدهم التابعون وتابع التابعين الذين أثروا حياتنا علماً وثقافة وأخلاقاً وقيماً.. ومعهم المجتهدون والأئمة الذين خاضوا في بحور وفنون العلوم وواجهوا فرق الكلام ومن تأثروا بالفلسفات المختلفة والمذاهب المنحرفة ودحضوا حججهم الواهية وشبههم الباطلة وأرجعوها إلى أصولها اليونانية أو الهندية أو الفارسية وغيرها والتي كانت في مجملها وثنية لم تنبثق لاعن دين سماوي ولا شرع الهي...وكان مما خلفوه الاجتهاد والقياس والمصالح المرسلة كمصادر للتشريع بعد كتاب الله وسنة رسوله جامعين بين العقل والنقل...
ورغم كل هذا الكم الهائل والزاخر من المعارف والعلوم يأتي من يتفلسف علينا ممن يشحتون ثقافة التغريب والتنصير والتهويد في أمور ما كانت تحتاج لفلسفة أو اختراع أو ابتداع أو تفكير أو وجهة نظر... كانت تحتاج منهم فقط الرجوع إلى جداتهم اللائي لم يعرفن قراءة أو كتابة أو يسألون أطفالاً لم يبلغوا سن التمييز على قارعة الطريق وسيقولون لهم ما يتفلسفون حوله حراماً أو حلالاً.. وللكلام بقية وللعنوان توضيح وتفصيل..
علي الربيعي
بين علي بن الفضل وعلي المقري 2100